بومدين.. موسطاش إلى الأبد!
تعود ذكرى رحيل الرئيس هواري بومدين، والجزائر تعيش وضعا خاصا، بسبب انهيار بورصة البترول، وما تبعه من قرارات بدأت الحكومة في التوجّه نحوها اضطراريا لتخفيف "الصدمة" وتجاوز الأزمة بأقلّ الأضرار والتكاليف، بعدما تأكد أن الأمر هو شرّ لا بدّ منه!
بومدين "لم يمت" رغم مرور ما لا يقل عن 36 سنة من انتقاله إلى جوار ربه، والحال أن جيله وحتى شرائح واسعة من الجيل الجديد، تذكر "الموسطاش" كلما كانت البلاد في مواجهة معضلة، رغم اختلاف الآراء بين مساندين لما قام به الهواري ومعارضين لشكله وليس مضمونه!
الذي يتذكر بومدين، يتذكر "الثورة الزراعية" ويتذكر الألف قرية فلاحية، ويتذكر الحجار وسوناكوم ويتذكر أيضا إيني والسونباك وسونيباك وسونيتاكس و"لوناكو" وأسواق الفلاح، حتى وإن كان بعضا من هذه النماذج "الناجحة" جاءت أو استمرّت لسنوات بعده!
كيف كان بومدين سيُواجه أزمة البترول، لو مازال حيّا يا تـُرى؟.. هل زمن الرجل هو نفس زمننا اليوم؟ ماذا اختلف؟ ما هو الفرق بين جيله الذي يكاد "ينقرض"، وبين جيل جديد تحكمه "ثورة" الأفكار ونزعة المغامرة؟
حتى محمد بوخروبة حسب شهادات مقربيه والذين عرفوه، كان مغامرا، وكان مقامرا، وهذه ميزة في كل الجزائريين.. إنها "التغنانت" ومنطق "النيف والخسارة" و"الزلط والتفرعين"، لكن هل هذه القاعدة مازالت صالحة لزمن العولمة والمعسكر الواحد؟
الـ36 سنة المنقضية من عمر الجزائر وتاريخ الجزائريين، لم تكن دون شكّ بردا وسلاما حتى مطلع الفجر، ولكنها كانت أيضا للمقاومة وإثبات الذات والتحدّي والتصدّي، ومواصلة "الثورة" بجمع "الثروة"، فهل تحقّق شعار بومدين عندما قال: "دولة لا تزول بزوال الرجال"؟
لقد دمّر الإرهاب الكثير من صروح الألف قرية فلاحية، ودمّرت الخوصصة وسوء التسيير والعشوائية سونيتاكس وشقيقاتها وبنات عماتها في الصناعة والفلاحة والسياحة والتجارة، ألا يحقّ لنا اليوم جميعا أن "نخاف" أزمة البترول وهاجس جفاف ضرع "البقرة الحلوب" أو إصابتها بـ"الطيكوك"؟
مثلما حطّم "البانان والكيوي" منجزات الحجار ومدخرات الحاسي، فإن ثقافة التبذير والشعور بالأمان التهمت مداخيل النفط عندما كان "على ديدانو"، فهل ينفع الآن التقشّف و"تزيار السنتورة"؟..لا ينفع الآن تمجيد وتخليد الماضي، بإيجابياته وسلبياته، فأين الحلّ بعدما وجدنا أنفسنا أمام واقع: "دراهم المشماش راحو في الباكور"؟
(المصدر: الشروق الجزائرية 2014-12-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews


