Date : 06,10,2024, Time : 12:43:02 AM
1785 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 16 ذو القعدة 1444هـ - 05 يونيو 2023م 12:17 ص

حَصَدَة الأرواح يسكنون الخرطوم والجنينة

حَصَدَة الأرواح يسكنون الخرطوم والجنينة
د. الشفيع خضر سعيد

في الأدب الكوري الجنوبي، تقول الفانتازيا إن السيد «كوك دو» هو في الأصل من جنس البشر، لكن الآلهة أرادت أن تعاقبه على أفعاله السيئة، فحولته إلى كائن يمتلك جسما بشريا وما هو ببشر، يتسم بالفظاظة والبرودة والقسوة الشديدة، يأتي إلى عالمنا كل تسعة وتسعين عاما، يقتل الناس ويقود الأرواح الميتة إلى العالم الآخر، وأطلقت عليه اسم «حاصد الأرواح». ولكن، وهذا من عندنا وليس في الفانتازيا، قد لا ينتظر حاصد الأرواح كل فترة التسعة وتسعين عاما حتى يأتي، بل هو يستوطن عالمنا ويؤدي مهمته، أو يمارس هوايته، بشكل يومي. وهكذا، ظل حفيف أجنحة حَصَدَة الأرواح متمكنا من فضاءات السودان، لينقض الحَصَدَة ويصطادوا أرواح بناته وأبنائه، في الخرطوم وفي الجنينة في دارفور وغيرهما من بقاع الوطن، ولا تلوح في الأفق أي بوادر لتوقف المعارك، أو إجبارها على التوقف، بينما الجثث والأشلاء تملأ الشوارع وتقتات منها الكلاب والفئران، ويفشل المتطوعون الشجعان في انتشالها ودفنها بسبب «القيود الأمنية المفروضة» كما جاء في تصريحات للهلال الأحمر وشباب المتطوعين من لجان المقاومة.
توقف منبر جدة وعُلّقت مفاوضات محاولة وقف القتال أو تمديد الهدن، بينما اكتفت اجتماعات ولقاءات المنظمات الأممية والإقليمية، سواء مجلس الأمن أو الاتحاد الأفريقي أو الجامعة والقمة العربية، بمواصلة إرسال سيل الإدانات ومطالبة الطرفين بوقف الحرب فورا. لكن مرسلي سيل الإدانات والمطالبات هذه، يعلمون تماما وقبل غيرهم، أن إداناتهم ومطالباتهم هذه ليست إلا كالعاصفة التي تُذريها الرياح. صحيح أن الحرب ظلت تحرق أطراف السودان منذ عشرات السنين، ولم يمتد الحريق إلى المركز والعاصمة الخرطوم إلا مؤخرا. وإذا استمر الأمر بالإدانات والمطالبات فقط دون أي فعل ملموس لوقف الحرب، فلن يستطيل أمدها فحسب، وإنما ستتوسع وتنتشر لتحرق ما تبقى من أخضر ويابس السودان، وتهدد محيطه الجيوسياسي، بما في ذلك أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي شرقا، وأمن منطقة الساحل والصحراءغربا، وأمن بلدان منابع النيل ومنطقة البحيرات جنوبا، وأمن وادي النيل شمالا. ولكن هل فعلا هناك فعل ملموس يمكن أن يوقف الحرب؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فعلى عاتق من يقع هذا الفعل الملموس؟ إجابتي على الجزء الأول من السؤال هي نعم، أما تفصيل الإجابة فكالآتي:
أعتقد يجب أن يتم التعامل معها ومخاطبتها كحزمة متكاملة رئيسية مكونة من ثلاث حزم فرعية تتكامل

مع بعضها البعض، وتقود كل منها جهة محددة. الحزمة الأولى هي إرسال قوات الطوارئ الأفريقية بقرار من الاتحاد الأفريقي وبدعم من المجتمع الدولي، لإقامة مناطق خضراء، أو منزوعة السلاح، في كل من الخرطوم والجنينة، مركزها المطار في كل من المدينتين، ويمتد نصف قطرها بضعة كيلومترات في مختلف الاتجاهات، مع فرض منع تحليق الطيران الحربي في البلاد. صحيح أن تنفيذ هذه الحزمة صعبا، ولكنه ليس مستحيلا، خاصة عندما نتذكر نجاح عمليات إجلاء رعايا الدول الغربية من الخرطوم إثر إندلاع القتال، وهي في نظري عمليات عسكرية كاملة الدسم، نفذتها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، كما أن هنالك حزما مشابهة تم تنفيذها في عدد من البلدان التي اندلعت فيها المعارك. والهدف الرئيسي من إقامة المنطقة الخضراء، هو تأمين تدفق المساعدات الإنسانية إلى البلاد، وهي الحزمة الفرعية الثانية وتقودها الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية. والهدف الثاني هو تأمين الطريق لدخول المزيد من القوات، بحيث تتسع وتتضاعف تدريجيا مساحة المنطقة الخضراء منزوعة السلاح، وتفصل بين الطرفين المتقاتلين. نشير إلى أن قوات الطوارئ الأفريقية هي قوات كونها الاتحاد الأفريقي، ومقر قيادتها في نيروبي، وشكلت خصيصا لمنع انتشار الإقتتال والنزاعات المسلحة داخل الدول الأفريقية، كما أن السودان عضوا ضمن المجموعة الحالية في لجنة التنسيق الخاصة بها.
وإذا كانت الحزمة الأولى، أو إرسال القوات، هي من مهام الاتحاد الأفريقي، والحزمة الثانية، أو إرسال المساعدات الإنسانية، هي من مهام الأمم المتحدة، فإن الحزمة الثالثة، أو الشق السياسي للتصدي للحرب وإيقافها ومن ثم انطلاق عملية سياسية جديدة، فهي من مهام القوى المدنية والسياسية السودانية. أما تفاصيل هذه الحزمة الثالثة، فقد سبق وأن تناولناها في مقال سابق، وسنظل نكررها حتى تصبح حقيقة ملموسة. وهي تتلخص في: أولا، انتظام كل الكتل والتنظيمات والمجموعات والأفراد الرافضة للحرب وسط السودانيين في «تنسيقية لوقف الحرب واستعادة مسار ثورة ديسمبر». والتنسيقية تربط وقف الحرب باستعادة مسار ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، باعتبار أن الهدف الرئيسي من إشعال الفلول للفتنة التي كان من الممكن إخمادها في مهدها، واستغلالهم للاحتكاكات بين قيادة الجيش وقيادة الدعم السريع لتفجير الأوضاع واندلاع الحرب، هو حرق الثورة وتصفية قياداتها وشل حركة نشطائها، وعودة تحالف الفساد والاستبداد، بقيادة الفلول، إلى سدة الحكم. ثانيا، تنتظم التنسيقية في بنيان تنظيمي واضح المعالم من لجان ومجموعات عمل داخل السودان وخارجه، تنخرط في النشاط العملي في الجبهات المختلفة، وذلك وفق برنامج عمل مركز، أول بنوده هو خلق آليات للتنسيق مع الجهود الخارجية الدولية والإقليمية للتوافق حول آليات الضغط الممكنة على طرفي القتال بشأن وقف دائم للأعمال العدائية. ثالثا، أن تفرض التنسيقية تواجد القوى المدنية والسياسية السودانية، وفق تمثيل موحد وموقف سياسي متوافق عليه حول ملامح العملية السياسية الجديدة، في أي منبر يبحث ترتيبات انطلاق هذه العملية. رابعا، تتواصل التنسيقية مع دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية، والمشاركة في مباحثات ومشاورات هذه الدول والمنظمات حول الوضع المتفجر في السودان. خامسا، التنسيق مع منظمات الأمم المتحدة في توصيل المساعدات الإنسانية مباشرة إلى السكان، خاصة في الجنينة والخرطوم، عبر الشبكات التي أطلقتها مبادرات لجان المقاومة والمنظمات الطوعية السودانية.
ومرة أخرى، الحرب هي جريمة مكتملة الأركان وتستوجب المساءلة والعقاب.

القدس العربي




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد