لا شيء يوقف التصويت على ميزانية الدولة، والسبب بسيط: لا شيء تطلبه أحزاب الائتلاف كشرط لتمريرها (الميزانية) إلا ويحصلون عليه. في حالة كهذه، السماء هي الحدود، بل يخيل أحياناً أن نتنياهو على استعداد لإنزال السماء إذا كان هذا هو ما يطلبه غولدكنوف ورفاقه.
إذا كان يخيل بأن مستوى القرف بلغ حده، فاعلموا أن “لا”. مساء أمس، جاء طلب اغودات يسرائيل وادموريه بأكثر من 600 مليون شيكل. وإذا لم يدفعوا فلن يصوتوا إلى جانب الميزانية، كما أعلن.
كلمة الخنزيرية صغيرة عند وصف ما يحصل هذه الأيام داخل الكنيست. فالسلب الذي يجري هناك هو بحجوم غير مسبوقة. فالأحزاب تستغل نتنياهو حتى النهاية وتبتزه، كل حزب وطريقته. في رأس قائمة السالبين حزبان: “يهدوت هتوراة” و”قوة يهودية”. وهما ببساطة يفعلان ذلك من منصة القفز.
ما حصل الأربعاء في الهيئة العامة لا يمكن أن يوصف إلا كإهانة علنية لنتنياهو. وقد حصل هذا عندما قرر بن غفير وحزبه التصويت مع المعارضة، بسبب رفض رئيس الوزراء ووزير المالية أن ينقلا لهم بضع مئات من ملايين الشواكل لوزارة تنمية النقب والجليل. يدور الحديث عن قانونين لـ”يوجد مستقبل” قررت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع معارضتهما. أما بن غفير، كعقاب للحكومة، فقرر تأييدهما. كان واضحاً أن الائتلاف سيخسر، وقد اضطر لتغيير موقفه وتأييد القوانين. فلماذا يغير؟ لأن نتنياهو يعرف بأنه إذا كان هناك وزراء يصوتون ضد الحكومة، فهذا سبب لإقالة أولئك الوزراء. هذا ما حصل في 2001، في التصويت على الميزانية، عندما أبلغ شارون وزراء “شاس” إما أن يصوتوا مع الحكومة وإلا سيقالون؛ تسعة وزراء ونواب وزراء تلقوا في المساء إياه كتب الإقالة.
كان ذلك شارون، أما اليوم فهذا بيبي: ضعيف، قابل للابتزاز والضغط. شركاؤه يلعبون بمسدسات بلا رصاص ونتنياهو يستسلم. ماذا كان سيحصل لو أقال بن غفير. فليس لـ”قوة يهودية” أو لأي شريك آخر في الائتلاف أي خيار آخر. فبن غفير لن يرتبط غداً بلبيد وغانتس. وحتى إذا انسحب من الحكومة، فسيبقى في الائتلاف ولن يدعم تقديم موعد الانتخابات. فما الذي يخاف منه الملك بيبي.
على من يظهرون بطولتهم في هذه الحكومة؟ على رؤساء السلطات المحلية الذين بعضهم أعضاء في الليكود. ذات مرة، كان نواب من الليكود يحتاجون رؤساء المدن لأغراض الانتخابات التمهيدية، ولكن ما كانوا ليتركوهم لمصيرهم. ما رأيناه هذا الأسبوع في كل ما يتعلق بصندوق الأرنونا هو ذبح لكل البقرات المقدسة التي كانت ذات مرة في الليكود. رئيس السلطة المحلية، حاييم بيباس الذي استلقى مرات لا تحصى على الجدار من أجل نتنياهو، كان رئيس قيادة أركانه وهو رجل ليكود بدمه وشكله – ولكنهم اليوم لا يرونه الآن من مسافة متر. أما إذا هدد بن غفير أو غولدكنوف، فسينتقل نتنياهو إلى وقفة استعداد ووراءه كل جنوده البائسين.
لكن هناك من يمكنه أن يعقد مدرسة حتى لبن غفير. وهذا هو “يهدوت هتوراة” الذي يبتز ويبتز، ويخلق سوابق في كل ما يتعلق بجهازه التعليمي. ما يتم اليوم حين تمر المليارات من المالية إلى مؤسساتهم، سيكون من الصعب لحكومات المستقبل أن تغيره. المبدأ الذي انتهك بكل فظاظة هذه المرة هو التعلق بين واجب تعليم المواضيع الأساس وحجمه وبين التمويل. حتى في 2010 حين كان ساعر وزير التعليم في الائتلاف مع الحريديم، قلص بـ 80 مليون شيكل على عدم تعليم الإنجليزية في المدارس الحريدية. هذا الأسبوع قالت الاقتصادية الرئيسة بوجود حفرة في الميزانية، والميزانية التي توشك الكنيست على إقرارها ليست واقعية. إذن، فما تقديمهم للميزانية إلا خدعة إسرائيلية لرفع الأموال الائتلافية حتى الذروة. ذات مرة، إذا كانوا تحدثوا عن شد الحزام والتقليصات، فإنهم اليوم يعرفون بأنهم يتوجهون إلى سنة اقتصادية صعبة، بينما التضخم المالي في ارتفاع، وغلاء المعيشة يناطح السحاب، والمال يتآكل، والمدخولات تنخفض… ثم لا يوجد أي موقف. هذا هو مستوى انعدام الحس لدى الحكومة.
لا نسير إلى أزمة اقتصادية، بل نحن داخلها. كل الأضواء الحمراء تشتعل، بينما لا توجد إلا إمكانيتان: تقليصات أو ضرائب. كان غانتس محقاً حين قال إن هذه ليست ميزانية الدولة بل ميزانية الائتلاف. ميزانية كلها قطاعية. هذا جزء من الأجواء السائدة هنا منذ قيام الحكومة التي هي حكومة “امسك قدر استطاعتك”. الغطاء مفتوح، فهيا نحمل من الصندوق قدر ما تريد.
هذه الحكومة لا تركز على شيء. إذا كان السياسي ينظر إلى البعيد، فمن المهم أكثر لنتنياهو ما سيقوله سموتريتش وبن غفير وغفني.
لقد ألغى وزير الإسكان غولدكنوف قرارات الحكومة السابقة، مثل السكن العام لـ 1.500 شقة للشيوخ. الشيوخ بعامة وليس الحريديم.
الرسالة واضحة: إذا كنت شيخاً من الوسط الحريدي فستحصل على شقة، وإلا فسآخذ حتى ما تملكه.

سيما كدمون - يديعوت أحرونوت