بن غفير لـ”المستشارة”: ديمقراطيتي أن تختاري الشجرة التي سأعلق عليها المشنقة

توجه إيتمار بن غفير للمحكمة العليا كي تصادق له على تمثيل نفسه في الالتماسات التي قدمت ضده، أو أن يعين محامياً له. حسب أقواله، فإن المستشارة القانونية للحكومة التي يجب عليها أن تدافع عنه أو تسمح له بتمثيل نفسه، لا تعتبر العنوان المناسب له لمثل هذا الطلب، “لا أثق بك وبتقديراتك وقراراتك، وقد حان الوقت للتوقف عن سماع الرسائل التي ترسلينها لي عبر وسائل الإعلام”، حسب ما جاء في رسالته لها.

وضع بن غفير معضلة لا مخرج لها أمام المحكمة العليا. عدم ثقته بالمستشارة القانونية للحكومة واشمئزازه منها يتنافس مع الاشمئزاز الذي يظهره للمحكمة العليا، ومع ذلك قرر أن يضع نفسه في كف المحكمة العليا على أمل أن تساعده هذه المؤسسة بالذات في ضعضعة مكانة وصلاحيات المستشارة القانونية، وليس مكانتها وصلاحياتها فقط. حيث إنه إذا ما قررت المحكمة العليا في صالحه وسمحت له بتمثيل نفسه (أو أي شخص من قبله) فسيطبق بذلك عنصراً رئيسياً في الانقلاب النظامي، الذي كل هدفه ضعضعة المحكمة العليا.

قرار كهذا للمحكمة العليا يعني أن تسحب من المستشارة القانونية للحكومة، الحصرية التي لديها في كل ما يتعلق بقرار من ومتى من الوزراء يمكن أن يمثل نفسه، وأيضاً سحب الحصرية من أي مستشار قانوني للحكومة سيأتي مكانها. وهكذا سيتحطم الاتفاق القانوني الذي بحسبه “توجيهات المستشار القانوني للحكومة تلزم النظام الحكومي كله، وتفسيره الذي له صلاحية من ناحية السلطات الحكومية”.

بن غفير، الذي لا يجري نقاشاً موضوعياً مع المستشارة القانونية ويرفض الالتقاء معها، لا يختلف حول قراراتها، هو ببساطة يتجاهلها، يتجاوزها بالتوجه إلى المحكمة العليا كي تقوم بالمهمة من أجله، ويحطم القواعد ويبعد المستشارة القانونية عن طريقه، ويتبنى ادعاءاته التي لا أساس لها، التي بحسبها يعتري المستشارة التحيز السياسي والتي ليست إلا ممثلة كبيرة لليسار، كل هدفها المس به وبالانقلاب النظامي.

بن غفير بسخائه، يعطي المحكمة العليا الحق في اختيار الشجرة التي ستعلق عليها نفسها. إذا وافقت على طلبه، فهذا يعني أن المحكمة العليا ستضطر للاختيار بين موقفين على الأقل: موقف المستشارة القانونية للحكومة الذي أوضحته في السابق عندما أمرت بتجميد إقالة قائد لواء تل أبيب، عامي ايشد، بسبب الإجراء غير السليم الذي تنطلق منه رائحة كريهة من التسييس. وموقف بن غفير الذي يمثل موقفاً مخالفاً.

أي أن الدولة ستتحدث بصوتين، وستقف المحكمة أمام وضع غير محتمل، الذي يجب عليها فيه تقرير ما هي “الدولة” التي ستدعمها، إما دولة المستشارة القانونية أو دولة بن غفير.

حتى الآن، عرفنا عن الصراعات في أوساط الطيارين وجهاز الاحتياط والمواطنين الآخرين فيما يتعلق بالصلاحيات التي يجب الامتثال لها، هل هي صلاحيات المحكمة أم صلاحيات الحكومة، التي من شأنها أن تعرض الديمقراطية للخطر بقراراتها؟ توجه بن غفير للمحكمة العليا يفرض على المحكمة التقرير فيما يتعلق بإخلاصه هو نفسه. إذا قررت في صالحه، فهو سيقرر مصير المستشار القانوني للحكومة. وإذا تم رفض التماسه، فهو بذلك “يثبت” أنه لا يختلف عن المستشارة القانونية، وأنه هو أيضاً يعتريه التسييس.

وقبل التصويت على قانون لجنة تعيين القضاة، وقبل أن يتم سلب صلاحيات المحكمة العليا بتشريع وفي الوقت الذي لم يتم فيه بعد إقالة أي قاض من منصبه، فقد تم تكبيل المحكمة العليا بالتماس بن غفير. العبثية أكبر من ذلك؛ لأن بن غفير عن طريق التماسه هذا إنما يطالب بنشاط قضائي ربما يرسخ الانقلاب.

في الوقت الذي يعرض فيه أعضاء لجنة الدستور مشهداً فارغاً من النقاشات التي تبدو عميقة، ويصوغون مشاريع قوانين تمرر بالقراءتين الأولى والثانية والمساومة على تعريف “الحوار”، يُرى بن غفير في مكان آخر، يقوم بالانقلاب بنفسه، بنجاعة وبسرعة.

بقلم: تسفي برئيل - هآرتس