هكذا يساهم نتنياهو في اغتيال رابين مرة أخرى

وهو يذرف دموع التماسيح، ألقى نتنياهو خطاب توبيخ لمظاهرات الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي الذي يقوده. قارن رئيس الحكومة بين المظاهرات الآن والطريقة التي استقبل فيها المعسكر البرتقالي قرار خطة الانفصال في العام 2005. هذه المقارنة مضللة من مجرد اختيار العناصر: الاقتلاع من “غوش قطيف” لا يشبه التدمير النظامي الذي تنفذه الحكومة برئاسة نتنياهو في هذه الأثناء، بل يشبه قتل إسحق رابين. الرد على الانفصال لا يمكن مقارنته بالعاصفة الجماهيرية التي تحدث هنا نتيجة الانقلاب النظامي، بل الهزة الأرضية التي أصابت الدولة عقب الرصاصات المصيرية الثلاث على رئيس الحكومة في ميدان ملوك إسرائيل في 4 تشرين الثاني 1995.
المعسكر البرتقالي الذي عارض خطة الانفصال بشدة، وافق على القرار في نهاية المطاف. أظهر بعض رؤسائه الزعامة والمسؤولية الوطنية المثيرة للإعجاب وتجنبوا قيادة آلاف المتظاهرين في مواجهة مباشرة وعنيفة مع قوات الأمن في يوم الإخلاء. مع ذلك، عندما تمسك نتنياهو بضبط النفس لمهاجمة قادة حركة الاحتجاج التي تجتاح البلاد الآن، فإنه يخلط بين شيئين مختلفين. الفرق الرئيسي بين الوضعين الذي يتجاهله نتنياهو، هو جوهر العملية الحكومية التي تثير العاصفة. في العام 2005 كان هذا قراراً عادياً للحكومة: تفكيك مستوطنات والانسحاب من منطقة محتلة. مثله، وبحجم متغير، اتخذت حكومات أخرى (إخلاء منطقة “يميت”، والانسحاب من شبه جزيرة سيناء، وتعديلات على الحدود في لبنان، وتبادل مناطق مع الأردن)، كانت قرارات دراماتيكية واستثنائية في مغزاها وتداعياتها، لكنها اعتبرت جزءاً من سلوك شرعي ومتوقع للحكومة (مهما كانت تشكيلتها).
في حين أن المبادرة التي يطبقها نتنياهو في الكنيست غير مسبوقة من حيث جوهرها والتي لا يمكن أن تعتبر إحدى خطوات الحكومة المقبولة: الانقلاب النظامي يغير القواعد الأساسية في طريقة الحكم في إسرائيل ويخرق قواعد اللعب المتبعة فيها منذ إقامتها. هو ليس مجرد تغيير دستوري أو إداري أو حكومي؛ بل يشبه النكبة التي حلت بالدولة بقتل رابين.
بثلاث رصاصات من مسدس، أوقف يغئال عمير عملية أوسلو وأحدث انقلاباً هز أركان المجتمع الإسرائيلي. ما زلنا نشاهد نتائج عملية الاغتيال الإجرامية هذه حتى الآن. بعمليات التشريع التي يقودها ياريف لفين وسمحا روتمان، بإلهام ودعم من نتنياهو، إنما يدمرون بها نظام الحكم القائم ويضعون الأرضية لبذور كارثة فاشية ستطارد البلاد لسنوات إذا لم يتم وقفها على الفور.
من هنا جاء رد غاضب من قبل الجمهور الواسع، الذي نتنياهو (وعائلته) غير قادرين (أو غير مستعدين) على فهمه. مظاهرات الأسابيع الأخيرة مقدمة دوائر الشموع الحزينة التي تشكلت بعد قتل رابين. صرخات الاحتجاج المؤلمة هي صدى الانقسام الذي عانى منه كل الناس بعد تشرين الثاني 1995. الروح القتالية التي تهب في هذه الأثناء عند المفترقات وفي الشوارع تتوافق ومشاعر الحزن والغضب الذي تملك ملايين الإسرائيليين عقب قتل رئيس الحكومة.
عندما يعبر بنيامين نتنياهو في آذار 2023 عن الاستياء بنبرة متوارعة من نطاق وطبيعة رد الفعل الشعبي على الانقلاب الذي يقوم به، هناك من يتذكرون نتنياهو تشرين الثاني 1995 والدور الرئيسي الذي لعبه في خلق جو من الفوضى والعنف حول اتفاقات أوسلو، والذي أدى مباشرة إلى اغتيال رابين.
بقلم: عوزي بنزيمان - هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews