إلى القاضية استر حيوت: استمري.. وليكن درعي البداية
أبطال الجيل الجديد يدركون جبنهم، لذلك لا يغيرون مظهرهم بعد صعود الفاشيين للحكم، كي لا يفقدوا ما بقي من ثقة الجمهور. بناء على ذلك، يدركون بأنهم يعارضون الانقلاب في الحكم، ومع ذلك هم يشككون بتعاطف كبير في قوة من يعارضون الانقلاب على هزيمة الحكام الجدد. ثم يتوسلون كي لا يغضبوا ياريف لفين الفظيع.
بدلاً من أن تقضي المحكمة العليا ضد تعيين آريه درعي المدان بمخالفات رشوة كوزير كبير، يتوقع الجبناء أن تكون المحكمة “أكثر حكمة” وأن تصدر حكماً آخر وكأن هناك “منطقة وسطى بين الجنة والنار”، كما قال الشاعر السوري نزار قباني. وتسأل نفسك معها: لأي نوع من المصالحة يقدم الجبناء المواعظ؟ أنت تبحث عن منطقة وسطى لطيفة، وسرعان ما يتبين أنه لا منطقة وسطى خارج استسلام الفاشيين الشامل.
قرار الحكم الشجاع الذي أصدرته المحكمة العليا هز أسس الثقة الذاتية في أوساط بنيامين نتنياهو وأمثاله. بعد ذلك، جاء الجبناء بصرخة الاستغاثة للمحكمة وكأنها جلبت كارثة على نفسها وعلى معارضي الانقلاب. من يشاهد المسرحية يعتقد أن هؤلاء القضاة المقدرين قد أطلقوا سراح مئات القتلة، والآن يتجول هؤلاء القتلة بحرية بيننا. الأمر الأساسي محفوظ في ملف “الخطايا” في واقعنا غير العقلاني.
الجبناء الجدد يريدون تغيير قوانين الطبيعة. وفي نهاية المطاف، ما هو غير واضح هنا أن شخصاً مداناً بمخالفات جنائية لا يمكنه أن يكون وزيراً؟ هل هناك شيء أكثر طبيعية من ذلك؟ ربما في الغد، إذا قلت بأن الشمس تشرق من الشرق وليس من شرفة منزل نتنياهو، فربما تعتبر أقوالاً محملة بالتمرد ضد إرادة الشعب. “حين سكت أهل الحق عن الباطل، توهم أهل الباطل أنهم على حق”، كما قال الخليفة علي بن أبي طالب. هذا هو الوضع الآن. ولكن ثمة من هم مستمرون في مغازلة حكومة الكذب حتى الآن.
لذلك، يجب أن نشد الآن بالتحديد على أيدي المحكمة العليا، كل ذلك رغم انتقادي اللاذع وكثيرين مثلي عليها بعد أن صادقت تقريباً على كل ظلم وقع على الفلسطينيين على جانبي الحدود.
نعم، يجب أن نشد على أيدي المحكمة، التي تصرفت في مفترق الطرق هذا مثل حصن يحترم حصانته. وموقف المحكمة العليا القوي هذا سيقيد أيدي قادة النظام الجديد وسيحرجهم، وسيفكرون ألف مرة قبل اتخاذ أي خطوة قاسية.
إضافة إلى أقوال القاضية إستر حيوت المشجعة، نضيف ونهمس في أذنها بأنها لو اتبعت هذه المقاربة الحازمة في المحكمة العليا التي ناقشت مسألة إمكانية تشكيل نتنياهو للحكومة، لوفرت على الجمهور الكثير من التشويه الحكومي والأخلاقي. المقولة البائسة في حينه “عدم سقوط أي حصن” أعطت دعماً لحملة فاشية، ونحن الآن نقطف ثمارها المتعفنة. ولكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي. من الجيد أن حيوت استيقظت في الدقيقة التسعين، لأنها لو استمرت في جبنها لما كانت هناك أي احتمالية لصد هذا الشر.
علينا التعلم من التاريخ، ومن المحاربين الشجعان من أبناء الشعب الآخر. في حينه، قال الشاعر توفيق زياد أمام حملات التخويف التي مارسها الحكم العسكري: “سلطة التخويف مثل كلب جعاري؛ إذا هربت منه سيلاحقك، وإذا وقفت أمامه يهرب”. هناك طريق واحدة أمامك: السير إلى الأمام نحو الأشرار، سواء في ذلك الوقت أو الآن. أمر على صيغة “إلى الخلف در” تجاه من يتقدمون، يعني “إلى الأمام سر” نحو قوات الظلام. لا توجد منطقة وسطى.
قرار حكم المحكمة العليا يعطي حقنة تشجيع لعشرات آلاف الذين يصعدون على المتاريس للدفاع عن الديمقراطية “الجزئية” وعن جهاز القضاء “الأعرج”. والمثل العربي يقول “روح الأخيار تحيي الأخيار”.
بقلم: عودة بشارات - هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews