بعد “فيلم المختطف”.. حماس في سؤال التوقيت: تغير في الأدوات أم ضيق أفق المناورة؟
بذل الجيش الإسرائيلي أمس جهوداً كبيرة لتجنب الإجابة عن سؤال رئيسي يطرح مع نشر فيلم حماس، الذي يظهر فيه كما يبدو المواطن الإسرائيلي افرا منغيستو: هل هذا هو المخطوف والمحتجز لدى حماس منذ اجتاز الجدار إلى قطاع غزة قبل ثماني سنوات ونصف؟ يبدو أن الغموض الذي تستخدمه إسرائيل متعمد. حماس طلبت استئناف المفاوضات بواسطة مناورة حرب نفسية، وإسرائيل تحاول أن لا تلعب حسب إملاءاتها. حتى إن مصادر سياسية طلبت من وسائل الإعلام أن تظهر المسؤولية وعدم الانجرار وراء مناورات حماس.
الفيلم الذي نشرته حماس مدته 43 ثانية إلى جانب كتابات بالعبرية والعربية ويظهر فيه شخص يتوجه للكاميرا باللغة العبرية ويقدم نفسه على أنه منغيستو، ويحتج على سلوك الدولة التي تركته هو وأصدقاؤه في الأسر. صيغ نصه بعناية وكأنه أملي عليه حرفياً على يد شخص ما استخدم ترجمة “غوغل”. في المقابل، اعتقد بعض أبناء عائلة منغيستو أمس بأن الأمر يتعلق بشريط أصلي. وتسجيل فيديو منغيستو وفيلم قصير يظهر فيه المخطوف الثاني هشام السيد، الذي نشر قبل سنة تقريباً بشكل منفصل، يعتبران موثوقين.
إذا كان الشريط حقيقياً، فإن حماس قد انحرفت للمرة الثانية عن المبدأ الذي تبنته سنوات كثيرة والذي تحاول التنظيمات التي تحتجز الإسرائيليين التمسك به، وهو أنه لا هدايا بالمجان. تطالب التنظيمات الإرهابية على الأغلب بثمن معين، حتى مقابل نشر إشارة عن حياة المخطوفين. هذه هي الرسائل التي نقلتها حماس لإسرائيل في السنوات الأولى للمفاوضات التي جرت على فترات متقطعة. لماذا غيرت حماس موقفها؟ ربما لأن الطرف الفلسطيني توصل إلى نتيجة بأن إسرائيل تعرف وضع المخطوفين والمفقودين (اثنان على قيد الحياة وجثتا جنديين). لذلك، لم تعد هناك جدوى من استخدام أداة الضغط هذه.
كان توقيت النشر مهماً بالطبع، فقد أرادت حماس استغلال اهتمام الجمهور الإسرائيلي على خلفية مراسم استبدال منصب رئيس الأركان، لا سيما أن رئيس الأركان السابق، أفيف كوخافي، قد عبر في مقابلات الوداع التي أجراها عن الأسف؛ لأنه لم يتم استكمال صفقة التبادل في فترة ولايته. ولكن مناورة حماس في الحرب النفسية تعكس كما يبدو إلى جانب محاولة تحريك المفاوضات، أمراً آخر، وهو أن فضاء المناورة لدى حماس غير كبير بشكل خاص. يسود في القطاع هدوء نسبي منذ انتهاء عملية “حارس الأسوار” في أيار 2021، وحماس غير متحمسة لخرقه.
باستثناء تصعيد قصير بين إسرائيل والجهاد الإسلامي في آب الماضي، الذي لم تشارك فيه حماس بشكل استثنائي، فإن هذه تعد فترة الهدوء الأطول في غزة منذ بضع سنوات. الوضع الحالي مريح لحماس؛ لأنها تملك وقتاً لإعادة قوتها العسكرية، ولأن الـ 17 ألف عامل من غزة الذين يعملون في إسرائيل يساعدون اقتصاد القطاع بشكل كبير. هذه أمور لا يتم تعريضها للخطر بسهولة، حتى من أجل الهدف الأكثر أهمية الذي يتمثل بإطلاق سراح السجناء في إسرائيل. في مثل هذه الظروف، يبدو أن أدوات الضغط المفضلة لحماس هي نشر الأفلام وليس إطلاق الصواريخ.
كيف سترد إسرائيل الآن؟ لأن المواطنين الإسرائيليين يعتبران من هامش المجتمع ويعانيان من مشكلات نفسية صعبة، فإن عائلتيهما وجدتا صعوبة حتى الآن في تجنيد الجمهور لدعم الصفقة. ووجدت عائلات الجنود صعوبة في ذلك لأن الأمر يتعلق بجثامين، وحماس تطرح مقابلها إطلاق سراح مئات السجناء الأمنيين، من بينهم أشخاص تلطخت أيديهم بدماء إسرائيليين. الثمن العالي يمنع تشكل ضغط جماهيري من أجل إجراء الصفقة.
كانت هناك دلائل على تقدم محتمل في المفاوضات في نهاية فترة ولاية الحكومة السابقة. ربما كانت حماس ستظهر استعدادها لتقديم تنازلات مع التركيز على السجناء الذين يقترب انتهاء فترة عقوبتهم، والذين يعانون من مشكلات صحية، ولكن الاتصالات علقت حول الإعلان عن الانتخابات واستبدال الحكومة. رئيس الحكومة الجديد، بنيامين نتنياهو، لم يخرج عن أطواره للدفع بهذه القضية قدماً في فترة ولاياته السابقة. قبل بضعة أسابيع، استقال منسق المفاوضات الذي عينه نتنياهو، يارون بلوم، من منصبه. وسيدل القرار حول هوية المنسق القادم على أهمية يعطيها رئيس الحكومة لإعادة المخطوفين والجثامين.
بقلم: عاموس هرئيل - هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews