Date : 27,04,2024, Time : 03:44:04 AM
3191 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 15 صفر 1444هـ - 12 سبتمبر 2022م 12:38 ص

صلاة في مقر إقامة السفيرة البريطانية في الجزائر

صلاة في مقر إقامة السفيرة البريطانية في الجزائر
ناصر جابي

سأتكلم هذا الأسبوع عن تجربة عشتها في مقر السفيرة البريطانية في الجزائر العاصمة، لا علاقة لها بوفاة الملكة إليزابيت الثانية، رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه، كما قد يتبادر لذهن البعض. حين دعتني السفيرة البريطانية في الجزائر لحضور حفل استقبال تم تنظيمه على شرف مجموعة من الطلبة الجزائريين فازوا بمنح دراسية في الجامعات البريطانية من مختلف التخصصات.
الحفل الذي تمت دعوتي له مع بعض الزملاء، وحضور أولياء الطلبة والطالبات الذين جاؤوا من مختلف مناطق البلاد، في وقت تعرف فيه الجزائر نقاشا يغلب عليه البعد الإيديولوجي والمواقف المسبقة، في الكثير من الأحيان، كما جرت العادة عندنا، عندما يتعلق الأمر بمسألة اللغة التي يتعامل معها الجزائري بحساسية مفرطة، بعد قرار رئيس الجمهورية بتعميم تدريس اللغة الإنكليزية بداية من هذه السنة، في المرحلة الابتدائية.

حفل استقبال استعملت فيه كل قدراتي على الملاحظة المباشرة، كما يقول علماء الاجتماع، للإجابة عن بعض الأسئلة التي كانت وما زالت تثيرني في علاقة الجزائري باللغة الإنكليزية تحديدا، التي فشلت في تعلمها وأنا صغير كالكثير من أبناء جيلي، الذي فضل التركيز أكثر على الفرنسية. أسئلة من قبيل من هم هؤلاء الجزائريون والجزائريات الذين توجهوا لدراسة اللغة الإنكليزية، منذ انطلاق مشوارهم الدراسي، على حساب الفرنسية الأكثر انتشارا في الجزائر، ليتمكنوا من الإنكليزية، والحصول لاحقا على منح للدراسة في الجامعات البريطانية؟ ما هي أصولهم الاجتماعية والجغرافية والوسط الثقافي الذي جاؤوا منه؟ وكأنني أمام بحث سوسيولوجي – لم يكن يخطر ببالي، ولم أفكر فيه وأنا أدخل مقر إقامة السفيرة – كان عليّ إنجازه في وقت قصيرة، لا يتعدى وقت حفل الاستقبال، الذي لم يتجاوز الساعتين، مستعينا بكل خبرتي البحثية وقدراتي على التواصل. تحدٍ جعلني أدخل في حوارات قصيرة مع الطلبة والطالبات الذين فازوا بهذه المنح الدراسية، والذين لا يزيد عددهم عن حوالي 12 طالبا وطالبة، ما يصعّب من عملية تعميم نتائج هذا الاستطلاع الذي أنجزته على السريع، والذي لا يمكن أن يعتد بنتائجه، فقد كان أقرب للتمرين من أي شيء آخر، فرضه عليّ هذا الهوس بالبحث الذي تحول إلى عادة مستحكمة لديّ مع الوقت، لأنطلق في دردشة مع الحضور من الطلبة، تبين لي بسرعة من خلال لهجات الطلبة والطالبات أنهم من أصول جغرافية متنوعة، بما فيها الجنوب الذي كان ممثلا ضمن المجموعة، وهو ما جعلني أميل للارتياح أكثر إلى فكرة قديمة كانت حاضرة عندي، تتعلق بالانتشار الوطني للغة الإنكليزية في الجزائر، على قلة حضورها إذا قارناها مع الفرنسية، وكيف ساهمت الصناعة البترولية في نشر الإنكليزية في جنوب البلاد. نتيجة الاحتكاك مع اليد العاملة في هذا القطاع، من مختلف الجنسيات، اختارت للتعامل اللغة الإنكليزية التي عادة ما توصف بأنها لغة البترول. اكتشفت من جهة أخرى من خلال هذه اللقاءات التي كانت أقرب للدردشة المفتوحة، أن هناك حضورا متميزا لأبناء المدن الصغيرة والمتوسطة الداخلية، على حساب أبناء العاصمة والمدن الكبرى، الذين تكون قد احتجزتهم اللغة الفرنسية، وان عدم تجانس سوسيولوجي واضح يميز أبناء هذه الفئات التي استفادت من هذه المنحة الدراسية، فهم في الغالب من أبناء الفئات الوسطى وحتى الشعبية. نتائج أظن أنها كانت مقصودة من قبل البريطانيين وليست اعتباطية. فهذا التنوع السوسيولوجي والجغرافي والجندري، كان مقصودا من قبل الطرف البريطاني، الذي طبق مبدأ منح فرص متساوية للجميع، بالتركيز على قدرات الفرد واستحقاقته، قبل أي مقياس آخر، كما هو حاصل عندما يتعلق الأمر بالمنحة الدراسية الوطنية التي زادت حدة التدخلات من كل نوع للظفر بها، بعيدا عن مبدأ الجدارة والاستحقاق الفردي، بعد انتهاء مرحلة الوفرة التي كانت تميز توزيعا في السنوات الأولى للاستقلال. لأفاجأ وأنا اتحرك بين الحضور في شرفة إقامة السفيرة لمقابلة الطلبة والطالبات والحديث مع الزملاء الحاضرين في الحفل، بأب إحدى الطالبات وهو ينزوي في ركن الشرفة للصلاة، بعد سماعه لأذان العشاء. نعم الرجل يصلي أمام الجميع في هدوء غريب، ومن دون أن يلتفت له أحد أو يهتم به كإحدى بركات العقلية الأنكلوسكسونية التي قد تأتينا مع لغة شكسبير. على الرغم من أنه كان يمكن أن ينزل درجتين أو ثلاث درجات للصلاة، دون إزعاج أحد فوق عشب حديقة الإقامة الواسعة، الخالية من أي حضور.
لا أعرف لماذا فضّل الرجل الصلاة في شرفة الإقامة الضيقة، وليس في الحديقة الواسعة مع الإزعاج الذي يمكن أن يسببه للحضور في مناسبة المعروف فيها توزيع واستهلاك كل أنواع السوائل الحلال منها والحرام، رجل غيرت منه موقفي بسرعة، بعد أن التقيت به وأنا خارج من مقر إقامة السفيرة وهو ينتظر ابنته التي تركها تودع زملاءها الجدد قبل السفر إلى مدينته الصحراوية البعيدة، في هذه الليلة الصيفية الجميلة. لقاء سريع مع هذا الأب الذي يشتغل سائق تاكسي، سمح لي بإتمام مقابلاتي مع الأهل هذه المرة، لكي أعرف انه جاء مع ابنته هو وزوجته وأحد أبنائه الذي كان ينتظر في السيارة، لمقر السفيرة الذي تدخله العائلة لأول مرة في حياتها، هو الذي كافح لسنوات لكي تتعلم ابنته الحاصلة على شهادة الليسانس في الإنكليزية، لتحصل على هذه المنحة وتسافر بعد نهاية الصيف إلى بريطانيا للدراسة، ليكون دعم الأب هنا ـ دعم الأم قد يكون مفروغا منه – السر الأهم وراء نجاح الكثير من البنات في الجزائر، حتى عندما يتعلق بهذا الوسط الشعبي الذي لم يسعفه الحظ في الخروج من الأمية على مستوى جيل الآباء. تأكدت من هذه الفكرة وأنا استمع للأب وهو يحكي لي كيف كان مجبرا على مغادرة مدينته الصغيرة، في التل، كما يصف أبناء الصحراء شمال الجزائر، هروبا من حالة العنف السياسي التي عاشتها منطقة وسط البلاد التي ينتمي لها، التي فرضت فيها جماعات الإسلام السياسي حالة رعب، ومنع للدراسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالبنات. تشجيعه للبنت وصل إلى حد حثها على السفر لبريطانيا وحدها للدراسة هناك لسنوات. في وقت كان يمكن أن تكون فيه أما وزوجة، من دون هذا التشجيع الذي وجدته من وسطها العائلي، رغم التخوف الذي أبدته لي الأم – وهي تتدخل في النقاش ـ على فقدان منصب عمل ابنتها الحالي كأستاذة للإنكليزية في المرحلة الثانوية، بعد عودتها من الدراسة في الخارج. بعد أن تحول العمل عند هذا الجيل من الجزائريات إلى قاعدة وليس استثناء، كما كان الحال عند جيل الأمهات.

القدس العربي 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد