توني بلير يريد الاجهاز على سورية مثلما دمر العراق !
حذر توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الاسبق، والشريك الاول والابرز لجورج بوش الابن رئيس امريكا السابق في الحرب على العراق “من ان العالم سيواجه عواقب وخيمة على مدى سنوات عديدة مقبلة لعدم تدخله في سورية، لوقف الازمة الدائرة فيها منذ ثلاث سنوات”.
وقال في حديثه لاذاعة BBC امس “ان الفشل في مواجهة الرئيس بشار الاسد ستكون له تداعيات وخيمة تتجاوز منطقة الشرق الاوسط.
من المفارقة ان تحذيرات بلير هذه، ودعوته للتدخل عسكريا في سورية، “لان عواقب التدخل اقل بكثير من عدمه” حسب رأيه، تأتي قبل يوم واحد من سقوط بغداد رسميا في ايدي القوات الامريكية البريطانية الغازية، وهي تصريحات تشكل في رأينا قمة الوقاحة ومنتهى الاستهتار بالعقل العربي على وجه التحديد.
بلير هذا استخدم التحذيرات نفسها ضد ايران، وقال ان الخطر الذي تشكله على المنطقة واستقرارها، اكبر عشر مرات من الخطر الذي كان يمثله الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وطالب بعمل عسكري فوري لتدميرها وطموحاتها النووية، ولكنه بلع لسانه، ولحس اقواله، ولم يعد يذكر ايران وخطرها مطلقا بعد الاتفاق النووي الايراني مع الدول الست الكبرى برئاسة الولايات المتحدة الامريكية، مما يؤكد مدى ارتباطه الوثيق مع الاجندات الاستعمارية الغربية لمنطقتنا العربية وعالمنا الاسلامي.
***
التدخل العسكري الامريكي الغربي في العراق والمدعوم عربيا للاسف، الذي كان بلير من ابرز المبررين له والمحرضين عليه، تحت عناوين الديمقراطية وحقوق الانسان، واسلحة دمار شامل تبين لاحقا عدم وجودها، ادى الى تمزيق بلد عربي، وتقسيمها على اسسس طائفية، وزعزعة استقرارها، والاهم من كل ذلك حل جيشها العظيم، واخراجها من المعادلتين السياسية والعسكرية في المنطقة كقوة اقليمية عظمى، وتحويلها الى دولة هامشية بلا دور ولا هوية، ومرتعا خصبا للتدخلات الخارجية.
التدخلات العسكرية التي يعتبر بلير ابرز فلاسفتها ودعاتها في العراق وليبيا تحت ذرائع متعددة، ادت الى ترميل مليون امرأة وتيتيم اربعة ملايين طفل في العراق، ونشر الفوضى الدموية في ليبيا، وتحويلها الى دولة فاشلة، وهو الذي وعد بان تصبح الدولتين قمة الازدهار ونموذجا في الديمقراطية، وعنوانا للاستقرار.
المصيبة ان هذا الرجل الملطخة اياديه بدماء اشقائنا العرب والمسلمين، يجني ملايين الدولارات من عمله كمستشار لعدة حكومات عربية واسلامية، ويدعى لالقاء محاضرات لا تزيد مدتها عن نصف ساعة يرتفع اجره فيها الى اكثر من ربع مليون دولار على الاقل.
فما هي الخبرات التي يقدمها لنا بلير في محاضراته هذه غير القتل وسفك الدماء وتخريب الدول، وتعزيز النزعات الطائفية، وتفجير الحروب الاهلية، ونشر الفوضى الدموية الخلاقة التي وضع اسسها المحافظون الجدد الذي يعتبر من ابرز قادتهم.
التدخل العسكري العربي والاجنبي في سورية موجود ومزدهر، والحرب لن تعد حربا من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، وانما من اجل كرسي الحكم، واستنزاف الجيش السوري ليصل الى النتيجة نفسها التي انتهى اليها الجيش العراقي، وبما يجعل اسرائيل هي القوة الاقليمية العظمى الوحيدة، والآمنة، وبما يعزز احتلالها للمقدسات العربية والاسلامية، ومواصلة اذلالها للعرب والمسلمين.
من المؤسف ان بلير هذا الذي يدعو للمزيد من سفك الدماء في سورية، ويطالب بغزو غربي لهذا البلد، اسوة بالعراق يعمل “مبعوثا للسلام” في المنطقة العربية، ويقدم في الوقت نفسه، استشارات لدولة الاحتلال الاسرائيلي حول كيفية التصدي لحملات المقاطعة التي تشن ضدها في الغرب، ويلقي محاضراته لتوجيه الجيش الالكتروني الاسرائيلي “هسبارا” حول كيفية مواجهة النشطاء الغربيين الذي يستخدمون الوسائط الاعلامية لنزع الشرعية عن اسرائيل.
***
مبعوث السلام للجنة الرباعية الدولية، وهذا هو المنصب الرسمي لتوني بلير، من المفترض ان يكون محايدا، او حتى شبه محايد، ولكنه ليس كذلك فهو صاحب نظرية “السلام الاقتصادي” التي يطبقها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، ولم يقدم للفلسطينيين ضحايا هذه النظرية غير النصائح بالاستسلام للاحتلال وسياساته.
توني بلير كان الصديق الصدوق لمعمر القذافي، ويتردد على منزل عائلته بين الحين والآخر، ويعتبر نفسه وسط اهله واصدقائه، عندما كان يحط الرحال في ثكنة العزيزة ضيفا عزيزا مكرما، وقدم الاستشارات له، ولم ننتظر طويلا حتى نرى نتائجها، فصديقه القذافي انتهى مسحولا ممثلا بجثته، ومعروضة للفرجة حتى تعفنت ثم دفنت في مكان مجهول في الصحراء الليبية، مع احد ابنائه (المعتصم) ووزير دفاعه (ابو بكر يونس جابر) اما باقي الابناء فاما تحت الارض في قبور غير معروفة (خميس) او في معتقلات السلطة وميليشياتها (الساعدي وسيف الاسلام).
انه مبعوث الخراب والدمار والموت والحروب الاهلية، والتقسيمات والفتن الطائفية، واخطر اعداء العرب والمسلمين، ومن المؤسف ان هناك من يفرش له السجاد الاحمر، ويستعين به واستشاراته وآرائه في دولنا العربية وتغدق عليه بعطائها انها قمة المأساة.
( رأي اليوم 8/4/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews