ماكرون في مأزق.. وبدون غالبية ستظل حكومته معطلة

قال إيان بريمر، المحرر بمجلة “تايم” الأمريكية ومدير مركز يوريشيا إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يواجه مصيرا مجهولا بعد الانتخابات البرلمانية الفرنسية، مشيرا إلى أنه عاش مرحلة صعود ونزول في الأسابيع الأخيرة، ففي نيسان/إبريل حقق انتصارا بـ 19 نقطة على مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان وانتخب مرة ثانية كرئيس لفرنسا لخمسة أعوام. ثم جاء 19 حزيران/يونيو وتكبد تحالفه هزيمة تاريخية في الانتخابات البرلمانية، وكان تحالفه “معا” بحاجة إلى أغلبية مطلقة بـ 289 مقعدا في الجمعية الوطنية، وبـ 245 مقعدا لم يحصل التحالف على ما يريد.

وهذه هي المرة الأولى منذ عام 1988 التي تحرم فيها الانتخابات الفرنسية الحزب الفائز بالرئاسة من غالبية المقاعد. وحتى في حالة فرانسوا ميتران، فقد كانت خسارة حزبه الاشتراكي أخف بدرجة استطاع بما لديه من مقاعد الحصول على غالبية لتمرير ما تريده حكومته، قضية بعد قضية ومن خلال التحالف مع بعض المشرعين في المعارضة.

وسيكون هذا المسار صعبا بالنسبة لماكرون الذي سيجد نفسه أمام صراع لإقناع عدد أكبر من النواب لدعم برامجه. علاوة على أن التفاوض الطويل والتنازل لا يناسب الرئيس الذي لم يعتد على المقايضة خلال حياته السياسية.

وببساطة فقد انتخب ماكرون لقيادة البلاد لكن الناخبين لم يمنحوه عددا كافيا من النواب لاتباع قيادته، وهو ما يعني دخول فرنسا مرحلة من عدم اليقين.

ويرى الكاتب أن ماكرون ليس الوحيد الذي سيواجه المعارضة من اليمين واليسار داخل الجمعية الوطنية، وهناك إمكانية لتفكك كتل المعارضة إلى قطع. فأكبر كتلة معارضة مكونة من جماعات سياسية غير متجانسة التي جمعها المرشح الرئاسي السابق جون لوك ميلونشون، الذي يريد الحفاظ على تحالفه المكون من الخضر والاشتراكيين والشيوعيين وغيرهم مع المقاعد التي فاز بها وهي 131 مقعدا وككتلة ثابتة، إلا أن مصالح كل حزب متباينة.

ويتوقع أن يبحث ماكرون عن دعم من حزب الجمهوريين المحافظ والذي فاز بـ 64 مقعدا، لكن الجمهوريين لهم خلافاتهم أيضا. وهناك عدد كاف من الوسطيين داخل الحزب ممن يشتركون في الرأي مع ماكرون بقضايا تتعلق بخفض الضريبة ونفقات الدولة ودعم أجندته الإصلاحية. إلا أن جزءا كبيرا من نواب الجمهوريين يميلون نحو اليمين القومي ويرغب الكثيرون داخل هذا الجناح بتحدي ماكرون ومواقفه المؤيدة لأوروبا والإصلاحات الاقتصادية.

واستبعد القائم بأعمال رئيس الحزب كريستيان جاكوب أي خطة للدخول في تحالف رسمي إلى جانب “معا”، ووعد بدلا من ذلك بـ “معارضة بناءة”، وسينتخب الحزب رئيسا له هذا الخريف، وسيعمل الرئيس الجديد على إدارة دفة الحزب نحو اليمين خشية خسارته أعضاء وناخبين لحزب التجمع الوطني الذي تقوده لوبان والمعادي لأوروبا. وستعاني الحكومة الفرنسية من شلل تام. وفي وقت المصاعب التي تمر بها فرنسا فسيدعم الكثيرون زيادة النفقات العامة من أجل مساعدة الناخبين في تجاوز العاصفة الاقتصادية وتوسيع الدعم الحكومي والحيلولة دون ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود.

ورغم وجود أصوات في داخل اليسار المتشدد واليمين المتطرف المعادية للعقوبات ضد روسيا والدعم العسكري لأوكرانيا، إلا أن ماكرون لن يواجه مشكلة في هذه القضية نظرا لوجود عدد كاف من نواب الوسط والخضر الداعمين لخططه. وما يهم في نتائج الانتخابات البرلمانية هو أن الخطة الإصلاحية بعيدة المدى والهادفة لجعل فرنسا منافسة، سيكون من الصعب تمريرها. ويأمل ماكرون أن تؤدي الأشهر المقبلة والتي ستشهد قتالا سياسيا مرا لتعب الناخبين بطريقة تمكنه في الربيع المقبل من حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة. لكن من الصعب رؤية التغير الذي سيحصل لحين ذلك ويقوي موقف ماكرون.

مجلة “تايم” الأمريكية