“بيغاسوس” في بولندا.. بين التجسس على المعارضة وأهداف نتنياهو “الفاشلة”
بعد صمت طويل، تفضل رئيس الحزب البولندي الحاكم “القانون والعدالة” يروسلاف كاتشنسكي، بالاعتراف بما كشفته وسائل الإعلام المحلية وأكده خبراء السايبر الأجانب: الحكومة البولندية اشترت (أو استأجرت) من شركة السايبر الإسرائيلية NCO برنامج الملاحقة سيئ الصيت والسمعة “بيغاسوس”. إضافة إلى ذلك، أقر كاتشنسكي بأن البرنامج الإسرائيلي يسمح باقتحام آيفونات تم شراؤها من أموال صندوق حكومي لمساعدة متضرري الظلم. وعرضت وسائل الإعلام في بولندا وثائق تفيد بأن تم شراء “بيغاسوس” في أيلول 2017 مقابل 25 مليون زلوتي (تساوي 25 مليون شيكل) وخدمت “وزارة مكافحة الفساد” التابعة لرئيس الوزراء، كما استخدم أيضاً للاقتحام والسيطرة على هواتف محام يمثل بعضاً من رؤساء المعارضة الليبرالية، والسناتور الذي تولى لزمن ما رئاسة قيادة حزب المعارضة. فهل كان هناك كثيرون آخرون؟ كاتشنسكي نفى ذلك، لكن لا يصدق نفيه إلا قليلون في بولندا، وقليلون في حزبه هو.
يبدو أن الاتصالات التي أجريت لشراء “بيغاسوس” بدأت في الوقت الذي شارك فيه رئيس الوزراء في حينه نتنياهو، في “قمة فيشغراد” في تموز 2017، في بودابست. وتشارك في “حلف فيشغراد” كل من بولندا وهنغاريا وتشيكيا وسلوفاكيا. نتنياهو حقق لإسرائيل مكانة دولة ملحقة بالحلف رغم أنها ليست في شرق أوروبا. كان التقى في أثناء القمة، برئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان، ورئيسة وزراء بولندا ياتا شيدلو، التي زارت البلاد قبل سنة من ذلك. وحسب مصادر أجنبية، في الحديث طلب أوربان وشيدلو من نتنياهو إقرار بيع “بيغاسوس” لأجهزة الأمن في بلديهما، بدعوى أن هذا حيوي لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
يبدو أن الطلبات قد أقرت. كان هذا “إذا ما كان” حسماً أمنياً سياسياً فاشلاً، على أقل تقدير. فالنظام القومي السلطوي لأوربان في هنغاريا وصم منذئذ كلاسامي فظ، واحتدم في السنوات الأخيرة، بما في ذلك شطب كل ذكر لماضي هنغاريا الفاشي وتعاونها النشط المتحمس مع النازيين في قتل اليهود. من غير المستبعد أن “بيغاسوس” قد استخدم كأداة لاقتحام هواتف صحافيين هنغاريين ينتقدون النظام.
القصة البولندية بائسة؛ ففي كانون الثاني 2018، أي بعد نصف سنة من اللقاءات في بودابست، أقر البرلمان البولندي قانوناً يفرض عقوبات سجن طويلة على من يتجرأ “بالتشهير بالأمة البولندية”، مدعياً أن البولنديين شاركوا في كارثة اليهود من خلال المطاردة والتسليم والقتل. “قانون الكارثة” البولندي أثار نقداً حاداً في الغرب وفي إسرائيل. وفي حزيران من تلك السنة، حقق نتنياهو تسوية مع رئيس وزراء بولندا الجديد، متاوش موربسكي: المادة الجنائية أخرجت من القانون، وبالمقابل وقع نتنياهو على تصريح مشترك ينظف البولنديين من أي مساعدة في إبادة يهود بولندا. في “يد واسم” وصفوا هذا التصريح بـ “الخيانة”.
على الرغم من بيع “بيغاسوس”، واصلت علاقات إسرائيل وبولندا التأثر والتدهور إلى أن وصلت إلى أزمة دبلوماسية قاسية في السنة الماضية. ومرة أخرى، وبسبب تشريع بولندي، فسر على أنه حرمان ليهود بولندا وورثتهم من حق المطالبة بأملاكهم القانونية. حكومة كاتشنكي وموربسكي لم تتخذ موقفاً مؤيداً لإسرائيل في أي محفل أوروبي ودولي، وسلمت بأحداث لاسامية خطيرة في أرجاء بولندا.
إذا كان بيع “بيغاسوس” لنظامين قوميين سلطويين في شرق أوروبا تم لدى نتنياهو ومستشاريه على أمل شراء محبتهما لإسرائيل، فقد تبدد الأمل تماماً؛ لأن هذا الأمر كان منذ البداية أملاً عابثاً يقوم على أساس سوء فهم تام لطبيعة هذين النظامين وفكرهما. لا يوجد هناك، ولا في أي مكان، لاساميون محبون لإسرائيل.
يديعوت
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews