Date : 26,04,2024, Time : 09:30:40 PM
3572 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 18 شعبان 1442هـ - 01 ابريل 2021م 01:09 ص

الفاعلون السياسيون في تونس أمام المتغيرات الدولية

الفاعلون السياسيون في تونس أمام المتغيرات الدولية
أسامة رمضاني

يرى الكثير من الملاحظين على الساحة التونسية أن مواقف الطبقة السياسية التونسية، بنخبها الحاكمة منذ عشر سنوات وأحزابها المتنازعة في ظل مسار الانتقال الديمقراطي، تخضع لحسابات آنية لا علاقة لها تقريبا بالدوافع والإستراتيجيات بعيدة المدى التي تحرك القوى العظمى المهتمة بتونس ومنطقة شمال أفريقيا.

أظهرت هذه الطبقة السياسية في بعض الأحيان ميلا إلى التقوقع على ذاتها والتركيز على الأزمات الداخلية وهي كثيرة، وذلك مهما كانت نوعية المستجدات الخارجية وانعكاساتها المحتملة على البلاد.

وفي حالات الاهتمام بالخارج اتجهت مواقف الأحزاب والناشطين السياسيين نحو الاستقطاب والاصطفاف وراء الأطراف الإقليمية والدولية بما تراه يخدم مصالحها الحزبية وخيارتها الأيديولوجية، وقد كانت الأزمة الليبية بمختلف منعرجاتها خير مثال على ذلك.

اليوم، وبتواصل عدم الاهتمام الجدي بالمواقف والأهداف الخارجية وآثارها الممكنة على مصالح البلاد، فإن العلاقات بالقوى الإقليمية والدولية قد أصبحت في العديد من المناسبات معطى يتم توظيفه في النزاعات السياسية والحزبية الداخلية أكثر منه عاملا يوظف من أجل الدفع نحو مساعدة البلاد على تجاوز الأزمات التي تواجهها.

وقد وفر النشاط المكثف للسفراء الأجانب ومقابلاتهم المتعددة مع رموز الحكم والأحزاب في تونس ذخيرة لأقطاب السياسة في البلاد كي يوظفوه لدعم مواقعهم. وهذا التوظيف في حد ذاته لا يزعج كثيرا الدبلوماسيين الأجانب ما داموا في نهاية المطاف يحظون بالمقابلات مع صناع القرار وزعماء الأحزاب.

والأهم من هذه الاعتبارات هو أن تكون اللقاءات مناسبة لرصد التحولات الجوهرية التي يمكن أن تغير وجه المشهد الإقليمي والعالمي واستشراف التحديات التي يمكن أن تخلقها لتونس.

فأجندات الدول الأجنبية، وخاصة منها دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا، لها بكل تأكيد تأثير على تطور الأحداث والأزمات في تونس. ولكن منطلقاتها الجغراسياسية تحمل عادة أبعادا إقليمية إن لم تكن عالمية.

واليوم إذ تواجه تونس أزمة اقتصادية وسياسية حادة فإن لمواقف هذه البلدان تأثيرا لا يمكن إغفاله في المستقبل القريب.

دور فرنسا والولايات المتحدة، على سبيل المثال، قد يكون على الأرجح حاسما بحكم تأثير هاتين الدولتين في المفاوضات بين تونس وكل من صندوق النقد والبنك الدولي وفي مواقف هاتين المؤسستين تجاه الأوضاع في تونس.

وبالرغم من تنافسهما واختلاف أولوياتهما على الساحة التونسية فإن واشنطن وباريس تشتركان في الرغبة في اجتناب انهيار اقتصادي لشريكتهما المغاربية وتقديم الدعم لها، ولكن طبعا دون أن يورطهما ذلك في سخاء أكثر من اللزوم.

وقد دعت دراسة صادرة عن المعهد الأميركي للسلام ومركز كارنيغي في شهر فبراير الماضي الإدارة الأميركية الجديدة إلى اعتماد مقاربة “متعددة الأطراف” تستند إلى العمل مع صندوق النقد والبنك الدولي إضافة إلى التنسيق مع أوروبا في السعي لمساعدة تونس على تجاوز أزمتها الاقتصادية الحالية.

والولايات المتحدة وفرنسا تشتركان أيضا في جملة من الأهداف الإستراتيجية تشمل الحفاظ على استقرار منطقة جنوب المتوسط والرغبة في احتواء التطرف والإرهاب وتقليص موجة الهجرة غير النظامية، وهي عوامل تريان فيها تهديدا لمصالح الغرب وعاملا مزعزعا للأمن والاستقرار في شمال أفريقيا وأوروبا.

ولكن لفرنسا والولايات المتحدة أيضا مصالح وأولويات إستراتيجية متباينة في تونس وبقية بلدان المغرب العربي.

إذ تتحرك الولايات المتحدة في شمال أفريقيا هذه الأيام بغرض التصدي لما تراه توسعا صينيا – روسيا في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وتسعى تونس، مثلها في ذلك مثل بلدان المغرب العربي الأخرى، إلى تنويع شراكاتها بما يشمل الصين وروسيا وغيرهما. ومن غير الراجح بتاتا أن يكون لتونس وبقية بلدان شمال أفريقيا الرغبة في المساهمة بصفة نشيطة في الإستراتيجية الأميركية تجاه بكين وموسكو حتى وإن التقت مصالحها الأمنية مع بعض جوانب التطبيقات العملية لهذا التمشي.

والتركيز الأميركي على التنافس مع الصين وروسيا في أفريقيا أضحى ملفتا للانتباه أكثر من أي وقت مضى سواء لدى الدوائر الرسمية أو الأكاديمية. فدراسة المعهد الأميركي للسلام ومركز كارنيغي تصف منطقة شمال أفريقيا بأنها “بصدد التحول بسرعة إلى خط للمواجهة على صعيد التنافس العالمي بين القوى العظمى”.

كما صرح الجنرال كريستوفر كافولي القائد العام للجيش الأميركي في أوروبا وأفريقيا منذ أسابيع أن تدخل الصين المتنامي في مسائل الأمن في أفريقيا “يهدد بتقويض المؤسسات الاقتصادية والسياسية والأمنية” في القارة.

وفي هذا الإطار سوف تتنزل بشكل كبير مناورات “الأسد الأفريقي” التي تنظمها القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (أفريكوم) في تونس والمغرب والسنغال خلال شهر يونيو القادم.

ويقول المحللون الإستراتيجيون الأميركيون إن هذه المناورات القادمة تؤشر إلى اهتمام متنام لدى إدارة الرئيس بايدن بأفريقيا بخلاف الإشارات السابقة من إدارة ترامب لرغبتها في الانسحاب تدريجيا من القارة.

ويتحرك المخططون الديمقراطيون من منطلقات تضم، إضافة إلى محاولة “احتواء التأثير الروسي والصيني” في القارة، العمل على مجابهة الحركات الجهادية في منطقة الساحل والصحراء المتاخمة لشمال أفريقيا ودعم الاستقرار في ليبيا وسائر بلدان شمال أفريقيا.

ويقول العديد من الخبراء إن تزايد الدور الأمني والعسكري الأميركي في المنطقة يثير حساسية حقيقية حتى وإن كانت غير معلنة لدى فرنسا.

وبالرغم من وجود تعاون عسكري – استعلاماتي وثيق بين الولايات المتحدة وفرنسا في إطار مقاومة الإرهاب في شمال أفريقيا والساحل والصحراء فإنه من غير المحتمل أن تكون باريس تنظر بعين الرضاء للدور الأميركي المتعاظم في تونس وشمال أفريقيا في المجالين الأمني والعسكري خلال العشرية الماضية. وهو دور تعزز في تونس بعد سنة 2015 التي جدت فيها هجمات إرهابية تبناها تنظيم داعش ضد متحف باردو في العاصمة التونسية ومنتجع سوسة وسط البلاد، وتلاها تشييد ساتر رملي وسياج إلكتروني على الحدود الليبية مع تونس تولتها الفرق العسكرية التونسية المختصة بالتعاون مع خبراء عسكريين من الولايات المتحدة وألمانيا.

ويبقى موقع تونس الجغرافي بجوار ليبيا عنصرا إضافيا يغذي الاهتمام الأميركي باستقرار الأوضاع في تونس والمساعدة على مقاومة الإرهاب فيها.

ولكن اهتمام واشنطن بتونس سياسي أيضا، خاصة مع الإدارة الجديدة، باعتبار أن هذه الإدارة حريصة على أن تبقى تونس نموذجا ناجحا لتحولات “الربيع العربي” لا أن يلف تجربتها الفشل نتيجة تراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية واحتدام الصراعات السياسية الداخلية.

وكان وصول بايدن والديمقراطيين إلى البيت الأبيض مبعث تفاؤل للنخب الحاكمة في تونس والحزام البرلماني المساند للحكومة ومن بين مكوناته حركة النهضة، خاصة وأن إدارة الرئيس ترامب بالرغم من المساعدات التي منحتها لتونس لم تكن تحتضن في سردياتها بدفء كبير الانتقال الديمقراطي في البلاد.

غير أنه من الجانب التونسي لا يبدو إلى حد الآن أن الحكومة استطاعت أن تبلور رؤية واضحة حول كيفية استغلال البلاد للموقف الأميركي الداعم للانتقال الديمقراطي في المنطقة (وللتجارب الديمقراطية في العالم عامة) كما تبرزه نية الإدارة الأميركية، على سبيل المثال، عقد مؤتمر دولي حول الديمقراطية هذه السنة تنفيذا لوعود بايدن الانتخابية.

وفرنسا التي بوغتت بانهيار نظام بن علي تحاول منذ 2011 تدارك تأخرها على الركح السياسي التونسي إضافة إلى تحركها من أجل ترسيخ أقدامها على الساحتين الاقتصادية والثقافية.

ويبقى تأثير فرنسا على هاتين الساحتين كبيرا بشكل عام حتى وإن كان إتقان اللغة الفرنسية والميل إلى النموذج الفرنسي قد تراجعا نسبيا لدى النخبة المثقفة في تونس. غير أن حجم الجالية التونسية في فرنسا وكثافة العلاقات الاقتصادية والبشرية تبقى عوامل راسخة لا يمكن أن تقارن بالعلاقة المحدودة نسبيا لتونس مع الولايات المتحدة في هذين المجالين.

وتحاول فرنسا اليوم أن لا تفاجأ مجددا بتطورات غير مرتقبة في تونس. وهي تسعى في هذا الإطار للتواصل مع كافة الأطراف السياسية والأحزاب وإن كانت هناك تخمينات لا تفاجئ أحدا على الساحة حول ميلها للأحزاب الليبرالية والعلمانية على وجه الخصوص.

وهناك ما يشبه الرؤية المنشطرة من قبل الأحزاب التونسية للمواقف الأميركية والفرنسية. فمثلما يتوجس الإسلاميون من مواقف فرنسا يشكك غرماؤهم في نوايا الولايات المتحدة وأهداف دبلوماسييها.

ولكن يبقى التساؤل الأهم عما إذا كان الفاعلون السياسيون في تونس قادرين في إطار اتصالاتهم مع الأطراف الخارجية على التوفيق بين أهدافهم السياسية والحزبية ومصالح تونس الحيوية، وأهمها اليوم مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تهدد الطبقات الضعيفة على وجه الخصوص وضمان قدرة البلاد على رفع تحديات الأمن والاستقرار والنمو بشكل عام. وقد تقتضي هذه الظروف الاستثنائية أن ينفتح الفاعلون السياسيون على كل الدول والمؤسسات الأجنبية القادرة على المساعدة.

وإذا كانت القوى العظمى المتنافسة تعمل كي لا تباغتها التطورات السياسية في تونس فإن القوى السياسية في البلاد، حكاما وأحزابا، مدعوة في هذا الظرف كي تعمل بجد حتى لا تفاجئها المتغيرات الإقليمية والدولية التي قد تغير قواعد اللعبة والتحديات والفرص التي تتولد عنها بالنسبة إلى تونس.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد