وأخيرا كان النصر من حظ بايدن في انتخابات خيبت آمال الطرفين
“أخيرا، النصر لجو بايدن”، كان عنوان افتتاحية صحيفة “نيويورك تايمز” قالت فيها إن نائبة الرئيس الجديدة كامالا هاريس صنعت التاريخ بكونها أول امرأة تحتل منصب نائبة الرئيس.
وقالت إن الشعب الأمريكي منع أمريكا التي اقتربت من هاوية الديكتاتورية القومية من الوقوع فيها. ورغم استمرار عد الأصوات لأيام قادمة إلا أن الأرقام كانت لصالح جوزيف بايدن والذي حصل على 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي التي كان بحاجة إليها ليفوز بالبيت الأبيض، وهناك أصوات قادمة محتملة. وستنتهي هجمات دونالد ترامب على مؤسسات الدولة الديمقراطية قريبا.
وأضافت أن السباق الرئاسي كان محلا للعواطف الجياشة من الطرفين. وفي عام شهد وفاة أعداد لا تحصى ودمارا للاقتصاد بسبب الوباء شارك الأمريكيون بأعداد ضخمة لم تر مثلها منذ أجيال وقبل أسابيع من يوم الانتخابات. وعرف ترامب كيف يجذب الجماهير مع أنها لم تكن دائما في صالحه. وفي النهاية كان بايدن هو الذي كسب الأصوات وأكثر من أي مرشح رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة، وجاء ترامب في المرتبة الثانية من ناحية حصوله على الأصوات.
وترى الصحيفة أن النتائج جاءت مخيبة للطرفين، فأنصار بايدن كانوا يأملون أن تكون النتيجة تقريعا للترامبية والفوز بمجلس الشيوخ لكي يطبقوا أجندتهم. أما أنصار ترامب فقد كانوا يحضرون لأربعة أعوام قادمة من أجل تأديب وإسكات ناقديهم. ومن حسن حظ أمريكا، فقد وعد بايدن بأن يكون رئيس كل الأمريكيين، وهو تحول مهم عن قائد ظل يقسم الناخبين إلى معجبين وأعداء.
وترى الصحيفة أن الأسابيع القادمة ستجلب معها تحركات خطيرة وحملات تضليل من ترامب ومعسكره، فمن المهم أن نرفع الكؤوس الآن ونشرب النخب ونتنفس الصعداء. فقد منحت أمريكا مواطنيها مسؤولية محاسبة قادتها وتقرير طبيعة الأمة. ومن هنا فالدعم الواسع لرسالة بايدن عن الوحدة ورأب الجراح هو مناسبة للاحتفال. فقد تبنى الأمريكيون التفاؤل ورئيسهم المقبل بايدن. والعمل الحقيقي بدأ.
وفي بداية كانون الثاني/يناير وعندما يتولى بايدن المنصب فإنه سيواجه حزمه من الأزمات. فقد خلف سلفه أمريكا ضعيفة وسيئة وفقيرة ومريضة ومنقسمة على نفسها وأكثر مما كانت عليه قبل أربعة أعوام. وعرت الأحداث الأخيرة المشاكل السابقة بل وفاقمتها بدءا من عدم كفاءة النظام الصحي ووحشية سياسات الهجرة، ومن عدم المساواة العرقية المتحصنة إلى عرضة النظام الانتخابي للخطر. وتعهد بايدن بالتفكير العميق والعمل الحقيقي لمواجهة هذه التحديات.
وتقترح خريطة الانتخاب أن التعافي لن يكون سريعا أو سهلا. وليس من الواضح كيف سيكون شكل مجلس الشيوخ، وهناك إمكانية لأن يحصل الحزب الجمهوري عليه، وستظل الحكومة مثل الأمة منقسمة. وأكد بايدن استعداده لمد اليد إلى الطرف الآخر في المجلس. وهذه هي طبيعته وماركته السياسية. ولكن المناخ السياسي اليوم ليس كما كان قبل 50 عاما وحتى قبل خمسة أعوام. وفي الوقت الذي سيبحث فيه الرئيس عن الإجماع، فيجب أن يظهر استعدادا للقتال من أجل أولوياته، وهذا ليس وقت التردد.
وعلى الرأي العام الأمريكي أن يعبر عن استعداد للمشاركة، ويجب على أصحاب النية الحسنة والمثل الديمقراطية ألا يفقدوا الاهتمام لمجرد مغادرة ترامب مركز السلطة. وعليهم مواصلة المشاركة في العملية السياسية ومطالبة قادتهم بنتائج جيدة. وفي الوقت الذي ترددت فيه رسالة ترامب الداعية للغضب بين ملايين الأمريكيين فإن الترامبية لن تختفي بطريقة سحرية. وسيجد أتباعها القوة لتجميع قواهم وبناء حركة مقاومة تهدف لتقويض الإدارة الجديدة ونزع الشرعية عنها.
وعلى الجمهوريين اتخاذ قرار إما مواصلة التخبط في طريق العدمية السياسية أو الارتفاع لمواجهة تحديات اللحظة. والطريقة التي سيرد فيها الجمهوريون على خسارتهم، إما بالتحريض أو تخفيفه، ستساعد على تشكيل طريق الأمة والحزب أيضا. ومع مرور الوقت سيتم التعامل مع فترة ترامب على أنها فحص ضغط للتجربة الأمريكية، فقد عمل الرئيس جهده على تقويض الأساس الديمقراطي للبلد. واستطاع هزها لكنها لم تنكسر. وكشف ترامب عن مكامن الخطر فيها وكذا ملامح القوة. والأمر بيد بايدن لتقوية وتأمين أساس الأمة ويساعد على إعادة الثقة بديمقراطيتنا وأنفسنا وجعل أمريكا عظيمة أكثر من السابق.
نيويورك تايمز
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews