Date : 02,05,2024, Time : 12:50:51 AM
3305 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 11 محرم 1442هـ - 30 أغسطس 2020م 12:53 ص

شعب منكوب وشعب منتصر في بلد واحد؟!

شعب منكوب وشعب منتصر في بلد واحد؟!
حازم صاغية

إذن، نحن - أعني الشعب اللبناني - ننتصر.
هناك من يخبرنا أنّنا نحتفل، هذه الأيّام، بمرور ثلاث سنوات على «معارك تحرير الشرق»، أي القضاء على «الهجمة التكفيريّة» التي يقال إنّها هبّت علينا من الجوار السوري.
هناك من سبق أن أخبرنا أنّنا عشنا، قبل أيام، الذكرى الـ14 لانتصار مدهش أحرزناه عام 2006، حين «أذلَلْنا العدوّ الصهيوني ومرّغنا رأسه في التراب».
ودائماً ثمّة مَن يطلّ علينا ليخبرنا أنّ زمن الهزائم ولّى وأنّنا قاب قوسين من حدث ملحمي مطنطن، كطرد الولايات المتحدة الأميركية من الشرق الأوسط، أو الصلاة في المسجد الأقصى.
الانتصارات كثيرة. الاحتفالات كثيرة أيضاً. الحزن، في المقابل، أكثر.
لا نذيع سرّاً إذا قلنا إنّ اللبنانيين بأكثريّة ساحقة يزدادون حزناً وكآبة كلّما زادت انتصاراتهم المذكورة. إنّهم لا يحتفلون حتّى بما يُفترض أنّه احتفالهم، أي الذكرى المئوية لنشأة «لبنان الكبير». ينظرون بألم وبشيء من الاعتذار إلى تلك المناسبة. الاحتفالات، من أي نوع، ليست على جدول أعمالهم، ولا في أمزجتهم.
أين تكمن المشكلة إذن؟ لماذا يزداد البكاء كلّما زادت الانتصارات؟

ليس جديداً أن تستعمل سلطة سياسية ما انتصاراتها لترسيخ قبضتها على شعبها. بعض الأنظمة درجت على تضخيم الانتصارات، أو حتّى على قلب الهزائم انتصارات، من أجل تمكين تلك القبضة القامعة. بعض الأنظمة جعلت من انتصارات كهذه مبرّراً لشرعيّة لا يوجد أي سند آخر لها، أو أي إنجاز تتباهى به.
حالة حافظ الأسد باتت معروفة جدّاً لمن يريد أن يعرف: لم يكتفِ بأن أعلن نفسه «بطل تشرين» في 1973، إذ صار أيضاً «بطل الجولان» في 1967، علماً بأنّ الأسد أشرف شخصيّاً، بوصفه وزير دفاع، على سقوط الجولان في يد الإسرائيليين.
الوقاحة في لبنان اليوم من الطينة نفسها، وكذلك الكذبة: بالأمس عشنا تمريناً مصغّراً على حرب أهلية سنية - شيعية في منطقة خلدة. علاقات الطوائف فيما بينها يسودها احتقان وتوتّر غير مسبوقين. مشاعر المسيحيين خصوصاً، لكنْ سواهم أيضاً، حيال الوحدة اللبنانية، تتراوح بين اليأس والنفور. نعطف هذه المعطيات على أخرى بات اللبنانيّون يعيشونها باللحم الحيّ: أزمة اقتصادية تزلزل طبقات المجتمع من غير استثناء. انسداد سياسي تتزايد مصاعب الخروج منه في ظلّ حكم موغل في الفساد والتفاهة. فقدان متنامٍ للصداقات العربية والدولية مشفوع بميل كوني إلى نفض اليد من بلد ميؤوس منه. عجز وارتباك متعاظمان حيال الإصابات المرتفعة بـ«كوفيد - 19». وقبل هذا كلّه وبعده، جريمة المرفأ المُريعة التي توّجت سنوات من حاكميّة «الشعب والجيش والمقاومة».
كيف يُعقَل ونحن نتخبّط بهذه النكبة متعدّدة الأبعاد أن نحتفل بكلّ تلك «الانتصارات» التي يدعونا «حزب الله» ومشايعوه إلى الاحتفال بها؟
هذا التناقض يفسّر الحاجة الماسّة إلى الكذب الذي يلبّي وظيفتين: من جهة، إقناعنا المستحيل بأنّ الانتصارات هي حقاً انتصارات، ومن جهة أخرى، حملُنا على تصديق أنّ الكارثة ليست كارثة، وبالتالي أنّ القيّمين عليها لا ينبغي إسقاطهم وإيداعهم الزنازين. لهذا فإنّ الكذب المعروض في السوق كبير، لأنّ الانتصارات ليست انتصارات، فيما الكارثة كارثة، فيما المتسبّبون بها ينبغي أن ينتهوا في السجون. يوماً بعد يوم، تزداد الصورة وضوحاً في الاتّجاهين: الانتصارات ليست بالمرّة انتصارات، أمّا الكارثة فكارثة جدّاً.
المحاولة الراهنة في الكذب لا يوازيها إلاّ تلك النظريّة الشهيرة التي ظهرت بعد هزيمة حزيران 67 من أنّنا انتصرنا لأنّ «الأنظمة التقدمية» لم تسقط.
لكنّ التناقض إياه بين الانتصارات والنكبات يفسّر شيئاً آخر هو أنّنا بِتنا حقّاً شعبين على الأقلّ: شعباً يعدّ الضربات التي تنزل به، وشعباً يعدّ، موقناً أو مخدوعاً أو متصنّعاً، الانتصارات التي يحرزها.
أمّا بلوغ الانشطار هذه الدرجة المتقدّمة فلا يقول إلاّ أنّ «حزب الله» قد نجح في قتل المشروع اللبناني تماماً.
والحال أنّ ازدواج السلاح ليس أخطر ما يمثّله الحزب المذكور. أخطر منه هو ازدواج البشر الذي يطال كلّ شيء تقريباً والذي نعيشه اليوم، على نحو فاقع، زواجاً كاذباً بين منكوب ومنتصر. وهذا ما يرتّب ازدواجاً في الواقع وفي الحقيقة. إنّه، في الحالات كافّة، يفيض عن أي تعددية ممكنة ليس فقط في ظلّ نظام ديمقراطي، بل أيضاً في ظلّ حياة مستقرّة.
إنّ أكثرية اللبنانيين الساحقة ترى اليوم أنّ الصحيح في تلك الانتصارات هو كونها انتصارات عليهم. سوى ذلك كذب ومصدر آخر للأحزان.

الشرق الاوسط 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد