Date : 26,04,2024, Time : 04:00:36 AM
4176 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 28 ذو القعدة 1441هـ - 19 يوليو 2020م 01:29 ص

البطة الصينية... ما مدى الثقة بشراكتها؟

البطة الصينية... ما مدى الثقة بشراكتها؟
عادل درويش

إلغاء بريطانيا مشروع التعاقد مع شركة Huawei الصينية لبناء شبكة ج - 5 (الجيل الخامس) من لاسلكي الاتصالات هو قمة جبل الثلج العائم يخفي أكثر مما يكشف عن ممارسات الصين، ويثبت ضرورة تلازم اقتصاديات السوق التجارية الحرة المفتوحة مع النظام السياسي الديمقراطي التعددي.
الصحافة العالمية الليبرالية تحاول تصوير قرار الحكومة البريطانية على أنه خضوع لضغوط إدارة الرئيس ترمب (وهم هذه الصحافة منعه من الفوز بفترة رئاسة ثانية) بإلغاء المشاركة الصينية في المشروع، وهي افتراضات لا علاقة لها بالواقع.
التوصل إلى اتفاق تجارة مع أميركا بأسرع وقت هو من أولويات حكومة المحافظين هنا في بريطانيا، لكنه ليس السبب الرئيسي للدعوى لتقليل الاعتماد على الصين، فهي أسباب داخلية سياسية، وتجارية اقتصادية، وأمنية.
نجاح الحكومة سياسياً في الديمقراطيات البرلمانية مسألة حسابية، أي حسب عدد مقاعد الحكومة وضمانها التوصل إلى القرار بأغلبية مريحة، إلى جانب كسب الرأي العام والتعامل مع العناصر المؤثرة في اتجاهاته، لأن الحكومة تنتخب بالتداول، وبلا كسب الرأي العام، فإن الناخب يفصل الحكومة من الوظيفة في صناديق الاقتراع.
جاءت معظم الضغوط بتقليل الاعتماد على الصين ودفع شركات الاتصالات لاستبدال معدات أخرى أوروبية بمعدات هواوي، من نواب البرلمان، خصوصاً نواب حكومة المحافظين أنفسهم، فلم يكن أمامها إلا الاستجابة لهم بقدر بلغ عدد المعترضين الحد الذي يفقدها أغلبيبتها (حالياً 42 نائباً) في التصويت، كما تبين في إخفاق الحكومة في فرض مرشحها رئاسة لجنة شؤون الأمن القومي والمخابرات البرلمانية هذا الأسبوع. هؤلاء النواب كانوا معترضين على زيادة الاعتماد على الصين في الصناعات والمجالات الحساسة - الذي توسع في عهد الحكومة العمالية بزعامة توني بلير وغوردن براون (1997 - 2010). وبلير من أشد المتحمسين للعولمة التي نمت كثيراً خلال العقدين 1990 - 2010. الصين رقم 26 في قائمة أسواق الصادرات البريطانية بقيمة 37 ملياراً و725 مليون دولار في 2019 (4.4 في المائة من مجموع الصادرات)، وتحتل الصين المرتبة 15 في قائمة البلدان التي تستورد منها بريطانيا المنتجات بقيمة 61 ملياراً و475 مليون دولار في العام نفسه (6.8 في المائة من قيمة إجمالي الواردات)، أي بعجز 33 ملياراً و649 مليون دولار في الميزان التجاري لصالح الصين. الاستثمارات الصينية ازدادت في بريطانيا ما بين 2018 و2019 بثمانية مليارات و300 مليون دولار، وهي نقطة في بحر بالنسبة للأرقام المالية في بريطانيا، لكن الخطورة تكمن في نوعية العلاقة التجارية مع الشركات الصينية، وعلاقة هذه الشركات بدورها بحكومة الحزب الشيوعي التي لا تتغير بالانتخابات الديمقراطية ولا تخضع للمحاسبة سواء البرلمانية أو صحافة مستقلة.
نوعية المنتجات الصينية (قصيرة العمر لتخفيض الثمن وتكرار الإنتاج)، وطبيعة الفرد الصيني الاستهلاكية، وطريقة إدارة المشروعات الصينية تمنحها تفوقاً غير عادل لا يناسب التنافس المشروع أو يلائم أسس اقتصاديات العولمة. وكنت متحمساً للعولمة حتى مطلع هذا العام، وأذكر مناقشة مع الصديق المرحوم الشاعر والدبلوماسي الدكتور غازي القصيبي (1940 - 2010) عندما استشارني لمشاركته في ندوة عن العولمة في 1999، واتفقنا آنذاك على أنها، كتجارة عالمية، ستخلق وظائف في البلدان الفقيرة لسوق التجزئة والنقل للسلع المستوردة من البلدان الصناعية، وانخفاض الأجور سيجذب الاستثمارات الصناعية من الغرب إلى هذه البلدان. أما في قطاع الزراعة، فقد بدا العديد من مستثمري بلدان (كالخليج مثلاً) لا تتوفر فيها الظروف المناخية الملائمة، في الاستثمار في مزارع بأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. الحسابات غيّرها وباء كورونا معرقلاً التنقل ومبيناً خطأ إغلاق الصناعات الوطنية اعتماداً على الواردات الأقل ثمناً؛ وأيضاً السياسات الصينية نفسها.
خطورة الاعتماد على الواردات ظهرت في نقص معدات فحص الفيروس وأجهزة التنفس الصناعي والمعدات الطبية المعقدة، التي اعتمدت بريطانيا على استيرادها في السنوات العشرين الأخيرة، بينما ظلت ألمانيا تنتجها في المصانع الألمانية، فكان أداء ألمانيا أفضل من البلدان الأخرى، في مكافحة «كوفيد - 19»... العامل الآخر المتفرع منه وراء القرار البريطاني الأخير هو البطالة التي وصلت إلى 88 ألف وظيفة في ثلاثة أشهر (ويتوقع زيادة الرقم) جراء إغلاق الاقتصاد بسبب العزلة للوقاية من الفيروس، وإعادة فتح الصناعات وبناء آلات المصانع سيخلق فرص عمالة الاقتصاد البريطاني في أمس الحاجة إليها.
الطبيعة الاستهلاكية للفرد الصيني، كثقافة اجتماعية، التي تحددها الدولة منذ الثورة الثقافية، تشكل طبيعة استثماراتها الخارجية، بحيث لا تفيد البلدان التي تستثمر فيها، بل على العكس تسبب خللاً في ميزان مدفوعات هذه البلدان وأسواقها. الصينيون يأكلون الخفافيش والجرذان والثعابين حتى طعامهم المشهور، البطة المحمرة، نموذج لهذه الثقافة: لا يكتفون بأكل لحمها بل الأحشاء وأرجل البطة وعظامها التي يتخلص منها طباخو المجتمعات الأخرى، فيستهلكها الصينيون أيضاً ويباع ريش البطة لصنع وسائد وأغطية فراش ومعاطف للتصدير. المشاريع التي تتعاقد عليها الشركات الصينية، بعد الانفتاح الاقتصادي بوسائل السوق الرأسمالية التي لم يصحبها تطور سياسي ديمقراطي، كمشاريع إنشاءات البنية التحتية من طرق وكبارٍ وسكك حديدية في أفريقيا وأميركا اللاتينية، تعكس هذه الثقافة الاستهلاكية من البطة إلى الخفاش. فالشركات الصينية لا توظف مواطنين محليين إلا نادراً، وتأتي بالعمال والمهندسين الصينيين الذين يقيمون في معسكرات في مواقع المشاريع، منتجاتهم الغذائية من مزارع في الموقع نفسه، وحيوانات يربونها. المواد الخام والمعدات مستوردة من الصين. أجور العمال تحول إلى الصين ولا ينفقون منها شيئاً في السوق المحلية، أي العكس تماماً من مفهوم العولمة.
الشركة الصينية «هواوي» كانت دائماً تطمئن المعترضين على الاعتماد عليها من ناحية الأمن القومي بأنها مستقلة، كشركة مساهمة، عن القرار السياسي لحكومة الحزب الشيوعي الصيني، تزايد عدد المشككين فيه. سياسة الصين تجاه هونغ كونغ، تخرق المعاهدة الأنغلو - صينية بنظامين سياسيين مختلفين كشرط لإنهاء السيادة البريطانية في 1999، وتثبت أن استقلال الشركات الصينية عن سيطرة الحكومة الشيوعية هو هراء لا يعتد به، وتثبت الصين أن سياستها توجهها الآيديولوجيا التي تسيطر بها على شعبها، رغم أضرارها بالاقتصاد الذي يتطلب براغماتية في التعامل مع هونغ كونغ كأهم دينامو للمعاملات المالية العالمية للصين. وحتى تظهر بوادر من الصين على أن سياسة الانفتاح الاقتصادي سيلازمها انفتاح سياسي وتعددية ديمقراطية، فمن غير الحكمة لأي بلد الاطمئنان إلى أي تأكيدات من شركات صينية تريد التعاقد على مشاريع أو استثمارات على أرضها وتؤثر على اقتصادها.

الشرق الاوسط 

 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد