أمام لحظة مصيرية لمستقبلها: الحدود الدائمة… بين القانون الدولي والنظرية الأمنية في إسرائيل
تقف إسرائيل أمام لحظة مصيرية لمستقبل الحركة الصهيونية في بلاد إسرائيل.
ذاك الوضع يشبه الوضع الذي وقف أمامه دافيد بن غوريون عشية قرار التقسيم للجمعية العمومية للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947. لم يكن لقرار التقسيم مفعول بذاته في القانون الدولي، وكان متعلقاً بموافقة الطرفين. وبالتالي، فقد كانت القيادة الإسرائيلية مطالبة بأن تتخذ القرار، وإذا أعلنت عن استعدادها للتوقيع على التصريح والتعهد، فستلزم إسرائيل إذا ما وافقت عليها الدول العربية، وذلك لأنه كان ممكناً -بموافقة الدول العربية- ترسيم الحدود الدائمة في القانون الدولي.
الحكومة المؤقتة، برئاسة دافيد بن غوريون، اختارت الإعلان عن استعدادها، وبذلك أعلنت عن التزامها. أما جيران إسرائيل العرب، من جهتهم، فلم يوافقوا على التعهد بمشروع التقسيم، بل وعملوا على إحباطه. والتتمة معروفة. في 1949، عندما طلبت إسرائيل الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة، سئل مندوبنا السيد آبا ايبان، إذا ما كانت إسرائيل مستعدة لتكرار التزامها بذاك المشروع، فأجاب بالنفي. ثم قبلت إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة استناداً إلى هذا التصريح. وفي المداولات ما بعد حرب الأيام الستة، التي أدت إلى قرار مجلس الأمن 242، لم يعد هناك أي تطرق لمشروع التقسيم.
ويمكن للحدود الدائمة الآن أن تتقرر بين إسرائيل وجيرانها، ثم سيكون للتعهد الإسرائيلي وفقاً لخطة القرن معنى على مستوى القانون الدولي إذا ما أخذت السلطة الفلسطينية على عاتقها التعهدات المفصلة في الخطة بإقامة علاقات سلمية حقيقية مع إسرائيل، وعملت على تحقيق السلام الحقيقي بأفعال حقيقية (وهذه المرة لا تكفي التصريحات، مثلما كان في قرار التقسيم) في نافذة الأزمنة التي خصصت لذلك.
ولكن إذا اختارت السلطة الفلسطينية إحباط خطة القرن، فإن التعهد الإسرائيلي سيتبخر هو أيضاً. كل ما سيتبقى من خطة القرن سيكون فقط بسط السيادة الإسرائيلية على المستوطنات خلف الخط الأخضر، وهي خطوة ذات أهمية عملية كبيرة، من المهم استنفادها في وقت تحظى فيه إسرائيل بدعم أمريكي.
بينما ينطبق على سكان يهودا والسامرة العرب، الذين يسكنون في المناطق “أ” و”ب” (معظم السكان العرب) قانون السلطة الفلسطينية، لم تطبق إسرائيل القانون الإسرائيلي، وبالتالي فإن سيادتها على الاستيطان ستكون في المناطق الخاضعة لسيطرتها الحصرية.
وعن حق، تقرر في تقرير لجنة ادموند ليفي بأن “الظاهرة التي تبينت لناظرينا في موضوع الاستيطان الإسرائيلي في يهودا والسامرة لا تتناسب وسلوك دولة خطت على علمها سلطة القانون بهدف ينبغي التطلع إليه، وهذا من الواجب إنهاؤه”. منذ 1967 مرت حتى الآن 53 ونصف سنة، ولا ينبغي بعد اليوم قبول مثل هذا التجميد للوضع.
بعد حرب الاستقلال، بسطت إسرائيل سيادتها بقوة أمر منطقة الحكم والصلاحيات للعام 1948، على كل مناطق بلاد إسرائيل التي كانت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، ولكنها كانت خلف خطوط الحدود التي كانت مخصصة لدولة إسرائيل وفقاً لقرار الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 – بما فيها أجزاء واسعة من الجنوب والنقب ورواق القدس، وعكا والناصرة، ويافا، واللد والرملة، وأسدود، وعسقلان، وبئر السبع بل والقدس الغربية. اليوم، بالنسبة لكل هذه المناطق، واضح للجميع بأنها جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل.
بعد حرب الأيام الستة، عملت إسرائيل بذات الشكل. بسطت الحكومة القانون والقضاء والإدارة على شرقي القدس والبلدة القديمة بقوة التعديل رقم 11 لأمر ترتيبات الحكم والقضاء، الذي اتخذ في 28 حزيران 1967. وبالنسبة للقدس أيضاً، نرى حركة في الاعتراف بسيطرة إسرائيل، في أن عدداً كبيراً من الدول تثبت سفاراتها في القدس.
لولا التعهد بخطة التقسيم منذ البداية، ولولا بسط القانون الإسرائيلي لاحقاً، لبقيت مكانة إسرائيل موضع علامة استفهام حتى اليوم. وختاماً، فإن التشديدين الناشئين عن تحليل خطة القرن في القانون الدولي:
* ليس في بسط القانون الإسرائيلي من قبل الحكومة ما يثبت حدوداً دائمة، إذ لا يمكن لهذه أن تتثبت إلا بالتوافق بين الدول المجاورة.
* بسط السيادة وضمان أمن إسرائيل وحقوق المواطن للسكان في كل أرض تختار إسرائيل أن تبسط عليها قانونها، هو ما ينبغي أن يوجه خطى حكومة إسرائيل.
اسرائيل اليوم
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews