Date : 26,04,2024, Time : 08:53:59 AM
4750 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الخميس 27 ذو الحجة 1440هـ - 29 أغسطس 2019م 12:56 ص

عزل «حزب الله»

عزل «حزب الله»
إيلي عبدو

لـ«حزب الله» مسارات مختلفة. فهو وليد الحرب الأهلية والانقسام الشيعي – الشيعي الذي تبدى معارك عسكرية مع حركة «أمل»، في الثمانينيات، وهو جناح معادلة الاقتصاد مقابل الأمن، التي أرسيت عقب نهاية الحرب، وتولى إدارتها نظام الأسد، وكان ضحيتها المسيحيون. والحزب أيضاً، تزعم محور الدفاع عن الاحتلال البعثي، بعد انتفاضة الاستقلال قبل أن يتهم باغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، وعدد من السياسيين والصحافيين وقادة الرأي، المناهضين له، مختتماً هذا الفصل بغزو بيروت وجبل الدروز، وفرض إرادته السياسية على حكومة لم تنصع لتعليماته.
وبعد تسوية مؤقتة انقلب على الدولة مجدداً، بقدر أقل من العنف، وهجّر ممثل السنة في البلاد، أي سعد الحريري إلى خارج البلاد، مفتتحاً مساراً جديداً عبر إسناد نظام بشار الأسد بالمقاتلين، لمنع إسقاطه بثورة شعبية، تدرجت من السلمية إلى التسليح فالتطرف، بفعل التخلي الدولي عنها. وفي هذه المرحلة استدعى الحزب الجهاديين عدواً، وورط ضاحيته بتفجيرات لتبرير انتقاله خارج الحدود، وشد العصب الشيعي حوله. هذه المسارات تمكن الحزب من توليفها واللعب بينها، نتيجة وراثته جبهة الجنوب من منظمة التحرير الفلسطينية، والحركات اليسارية، بوصفها صيداً ثميناً للمتعهد الإيراني، يساوم بها المجتمع الدولي، لتحقيق مكاسب وممارسة ابتزازات. الجبهة تلك، أمنت القاعدة الشعبية، للتنظيم المؤمن بولاية الفقيه، قبل تحرير الجنوب عبر قتال الاحتلال، الذي ظهر لاحقاً أن بديله تشييع إيراني، يحوّل سكان القرى الذين عانوا من التهميش والاستبعاد وظلم الإسرائيلي، إلى وقود ضمن أيديولوجيا دينية صلبة جرى ترويضها تدريجياً لتناسب الواقع اللبناني المعقد، كما آمنت، أي الجبهة الموروثة، عناصر البروباغندا اللازمة لتسويق «المقاومة»، عربياً.
في المستوى الأول، أسست سردية تحرير الجنوب الممتزجة بالبعد الديني للعلاقة الراسخة بين الحزب وجمهوره، بتعلق الأخير بالمحرر الذي تكثف بعد سنوات بشخص السيد حسن نصر الله. تعلق، جرى دعمه بشبكة اقتصادية تؤمن الخدمات والوظائف والرواتب، وترعى الأيتام والأرامل، فباتت الجماعة المسلحة، تتكل على اجتماع مستقل، يشكل خلفية لجيش، صارت وظيفته، السير في الهوى الإيراني.

أما على المستوى الثاني، أي في الوعي العربي، فتبدى الحزب كامتداد لصراع العرب مع إسرائيل، الذي اختلطت في تشكله الخرافات مع العقائد، والمكاسب بالخسائر، وغالباً ما صرّف الهزائم بوصفها انتصارات. ضمن هذا الوعي الملتبس تكويناً والمتمظهر موقفاً، استقر «حزب الله» في أذهان العرب، استقراراً راسخاً، لم يهزه سوى الاشتباك السني ـ الشيعي في المنطقة والتدخل ضد الثورات العربية خصوصاً في سوريا. وعليه، فإن الحزب ليس سوى وارث جبهة، مكنته من مسارات تسلط محلية وعربية، وشكلت له دعاية بوصفه حركة مقاومة، تحاكي حقبا يراها العرب «مجيدة» في تاريخهم، فكانت المعادلة، انشقاقات وتفسخا داخل المجتمع، الذي يضم الحزب، باعتبار أن الأخير يفتقر إلى الإجماع حول سلوكه بين الطوائف، واغتيالات واجتياحات وفرض معادلات سياسية، وذبحا للشعب السوري، مقابل، صراع ضد إسرائيل، تمثل بعمليات نوعية وأسر جنود وإطلاق صواريخ، ليستقر ورقة في يد النظام الحاكم في طهران، ضمن شبكة مجموعات مسلحة تتحرك على إيقاع التوترات بين إيران والغرب.

وفي كل مرة يتحرك الطرف الثاني من المعادلة، أي الصراع مع إسرائيل لتقديم خدمة لطهران، يختفي الأول المتمثل بالقتل والإجرام وإلغاء السياسة، وتحل مكانه انفعالات ضد إسرائيل، تجد في ضربها ولو بشكل غير مؤذ، كلفة مناسبة لخراب يصنعه «حزب الله» في لبنان والمحيط. فالتصعيد الأخير بين إيران وأمريكا وقبل أيام حادثة الطائرتين المسيرتين اللتين انفجرتا في الضاحية الجنوبية بشكل غامض، كشفا أن الحزب محصن، أمام جزء واسع من الرأي العام العربي، في سلوكه الداخلي والسوري، طالما هو يستكمل الاستثمار في الجبهة الموروثة. وإغفال سلوك الحزب والتركيز على صراعه مع إسرائيل، يبرر، بأشكال مختلفة، ففي حين يؤيده مناصروه بالجملة، واقعين بين سحر الأيديولوجيا الدينية وشبكة المنافع الاقتصادية. المؤيدون له مع نظرة نقدية، خصوصا اليساريين، يلجؤون إلى فصل المسارات، إذ يرفضون التدخل في سوريا أو اغتيال رفيق الحريري أو غزو بيروت، ويقبلون بالبقية، متجاهلين أن «المقاومة» هي ذاتها أينما حلت، الوظيفة واحدة، وهي خدمة إيران، والتبريرات تتبدل، في جنوب لبنان لتحرير مزارع شبعا، وحماية «المقاومة» من «مؤامرات الداخل»، وفي سوريا لحماية المزارات الشيعية ومواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وفي اليمن لوقف العدوان على الشعب المظلوم ودعم أنصار الله الحوثيين.
وإن كان «حزب الله»، يبرر مساراته العنفية بحماية ظهره، ليقوم بمهمة «المقاومة» بدون معوقات من الداخل، فهذا المنطق يمكن عكسه ليصبح مأخذاً عليه. إذ كيف لتنظيم يؤسس لانقسامات أهلية، وينفذ اغتيالات ويجتاح مناطق ذات حساسيات طائفية أن يقاوم إسرائيل؟ والسلوكيات هذه تضعف المجتمع موضوع المقاومة، وتجعله غير قادر على النهوض بنفسه حتى، وليس مواجهة عدو خارجي. والمثير للسخرية أن إسرائيل كانت دائماً موضع اتهامات العرب بتفتيت المجتمعات وضرب وحدتها، كي لا تقوى الأخيرة على التصدي لها. أن يقوم الحزب بتنفيذ سياسة عدوه، المستقرة في الوعي العربي، يعني ذلك أن لبنان لا يعنيه، وهو مجرد مسرح لوظيفة، وهنا يصبح من الضرورة ليس فصل مسارات سلوك «المقاومة» عن بعضها، لتبرير إحراج أخلاقي، بل فصل الحزب نفسه عن لبنان، كدولة ومجتمع، وتركه نهباً لمصيره حيث الاستبسال في تحصيل أوراق لحكام إيران. وقد يكون من المبالغة، تصوير قاعدة «حزب الله»، خصوصا الشيعية منها كجمهور صلب لا ينفك عنه. فالخسائر البشرية في سوريا، وتقليص الدعم المالي أسسا لتململ داخل صفوف المؤيدين لـ»المقاومة»، يمكن البناء عليه سياسياً، بشرط أن تقدم الطبقة السياسية عرضاً مغرياً للشيعة، لضمان مشاركتهم في الحكم وعدم تهميشهم. أما بقية الأطراف المتحالفة مع الحزب والداعمة لخياراته، فاستمرارها في مواقفها من عدمه مرهون بمعادلة سياسية جديدة لا تتحكم «المقاومة» في توازنات القوى فيها.
وعليه، بدل أن يستغل «حزب الله» فائض الرمزية للجبهة التي سيطر عليها في الثمانينيات، ليستكمل مسارات التغلب والفرض، داخلياً وسورياً، مقدماً الخدمات لرعاته في إيران، يمكن عزله عبر وضع أي جولة صراع بينه وبين إسرائيل في إطار استراتيجية تتجاوز الحدود. فعند تجريد الحزب من صورته الزائفة وإعادته إلى حقيقته كوظيفة، ستتجه الأنظار بشكل بديهي إلى السوريين الذي ذبحوا وهجروا على يد «المقاومة»، واللبنانيين الذين استبيحت بيوتهم وقتل قادتهم، ولن تكفي طائرة مسيرة من هنا أو صاروخ من هناك، ضمن الصراع مع إسرائيل، لغسل هذا العار. والمقاومة ضد إسرائيل نفسها، ستنطلق من وحدة المجتمعات وقوتها وليس من تفتيتها وخلق انقسامات فيها، كما إنها ستصبح مرهونة بإجماع وطني وليست فرضاً على الناس تحت طائلة التخوين.

القدس العربي




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد