هل تستغل إسرائيل أنفاق حزب الله لتستكمل الجدار على الحدود مع لبنان؟
التقدير الأولي لدى جيش الاحتلال أنه بحاجة إلى شهر لإنهاء العملية، واكتشاف الأنفاق يجري بالوتيرة المخطط لها، لكن ربما يحتاج تدمير مسارها إلى أكثر مما قدر في البداية. تقديرات الجيش تشير إلى أن حزب الله سيمتنع عن الرد العسكري المباشر طالما أن الأنفاق يتم اكتشافها وتدميرها في الأراضي الإسرائيلية، وطالما أنه لا يوجد مصابون في أوساط نشطائه نتيجة للنشاطات الإسرائيلية. الخطر الأساسي في هذه الأثناء يتعلق بتدهور الأحداث المحلية إلى تصعيد أكبر، حتى بدون أن يسعى الطرفين إلى ذلك. في يوم السبت أطلقت قوة الهندسة في الجيش الإسرائيلي ناراً تحذيرية على أهداف مشبوهة، كما يبدو رجال مراقبة من حزب الله اقتربوا من منطقة العمل على الحدود.
إلى جانب اكتشاف وتدمير الأنفاق، فإن إسرائيل تريد استغلال هذا الكشف والنشر العلني من أجل هدفين: الأول، استغلال المعركة الإعلامية ضد حزب الله في الساحة الدولية. والثاني، تسريع العمل في إقامة سور جديد في النقاط المختلف عليها في مسار الجدار، في منطقة المنارة ـ «مسغاف عام» وشرق رأس الناقورة.
رئيس الأركان آيزنكوت التقى، أمس، في مكتبه مع قائد قوة اليونفيل التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، الجنرال الإيطالي ستيفإني دلكول، وقال له إن حفر الأنفاق يعتبر خرقاً لقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن في نهاية حرب لبنان الثانية.
الجيش الإسرائيلي أعد ملفاً استخبارياً عن كل نفق، وفيه معطيات «تدين حزب الله» بخرق قرارات الأمم المتحدة. إسرائيل تريد استخدام الخرق من جانب حزب الله كمبرر لمواصلة عملها في إقامة الجدار، الذي حتى الآن سار بشكل بطيء في المناطق المختلف عليها، خشية من رد حزب الله الشديد.
في الوقت الذي يجري فيه نقاش في إسرائيل حول أهمية اكتشاف الأنفاق تظهر ادعاءات بأن رئيس الحكومة نتنياهو والجيش قاموا بتضخيم كشف معلوماتي هام عن أهميته العملية المحدودة، ورئيس الأركان يعطي لهذا الحدث أهمية كبيرة. آيزنكوت وصف في محادثات مغلقة الأنفاق باعتبارها العامل السري المفقود في خطة هجوم حزب الله على طول الحدود في حالة نشوب حرب. حسب رأيه، فإن نقل عشرات وحتى مئات المقاتلين في هذه الأنفاق كان يمكن أن يتسبب بأضرار، وربما تزيد عن الضرر المتوقع من عشرات الصواريخ الدقيقة التي توجد حسب تقديره لدى حزب الله. «الجهود الإسرائيلية لمنع تهريب السلاح الدقيق من سوريا إلى لبنان منعت حتى الآن تجميع صواريخ دقيقة بأعداد أكبر».
زعيم حزب الله، حسن نصر الله، امتنع حتى الآن عن التطرق العلني لاكتشاف الأنفاق. في نهاية الأسبوع قال نائبه، الشيخ نعيم قاسم، إنهم في إسرائيل غير واثقين تماماً بأنه كان يعرف عن عملية حفر الأنفاق، لأن لدى منظمته صواريخ يمكنها إصابة أي موقع في إسرائيل ـ هذا وصف للوقائع ليس فيه أي جديد. رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، كرر التزام بلاده بالقرار 1701، لكن في هذه الأثناء لم يقم بزيارة المنطقة الحدودية مع إسرائيل ولم يتطرق إلى الأزمة. الحريري قام بإلغاء زيارته المخطط لها إلى فرنسا على خلفية الوضع الأمني (موجة المظاهرات الكبيرة) هناك، دون أن يذكر على الإطلاق الوضع الأمني الجديد الذي تطور على حدود بلاده الجنوبية. معركة الدعاية التي تديرها إسرائيل ضد حزب الله وحكومة لبنان هي جزء من جهود سياسية متواصلة هدفها التضييق على خطوات حزب الله وإيران في الجبهة الشمالية. زيارة نتنياهو إلى المطلة في الأسبوع الماضي والتصريحات الإسرائيلية الكثيرة حول كشف الأنفاق، تكمل العملية التي هدفها ردع حزب الله ومنع تطوير قدراته العسكرية.
الصراع على الشرعية على جوانب القانون الدولي سيحتل مكاناً واسعاً في أي حرب يمكن أن تنشب في لبنان مستقبلاً. في تشرين الأول الماضي نشرت منظمة «جنسا» ـ المعهد اليهودي لقضايا الأمن القومي في الولايات المتحدة، الذي يضم شخصيات كبيرة متقاعدة من الذراع الأمني الأمريكي ـ تقريراً مفصلاً حول هذا الموضوع. وفد من قبل المنظمة ضم ثلاثة جنرالات كبار سابقين، تجول في البلاد والتقى شخصيات بارزة في المستوى السياسي ومع قيادة الأركان والنيابة العسكرية.
كاتبو التقرير الذي عنوانه «تحديات عملياتية وقانونية في الحرب القادمة لإسرائيل في الشمال» قالوا إنه إذا نشبت حرب في الشمال فهي لن تشبه على الإطلاق بطابعها المواجهات التي شهدتها إسرائيل في السابق. وقد توقعوا أن حرباً كهذه ستتسبب بمستويات غير مسبوقة من الدمار والموت، في الطرفين. حسب أقوالهم، فقد حدث تطور بارز في القدرات العسكرية لحزب الله بعد سبع سنوات شارك فيها مقاتلوه في الحرب الأهلية السورية، ولكن لا يوجد لحزب الله أوهام بأنه يستطيع الانتصار على الجيش الإسرائيلي في ساحة الحرب. هدفه، كما يعتقدون، هو تحقيق انتصار سياسي.
حزب الله ينوي تحقيق ذلك بواسطة مخاطرة متعمدة بحياة المواطنين في لبنان (الذين يستخدمهم حزب الله على الأغلب كدروع بشرية)، مبرراً للرواية بشأن أحداث الحرب واستغلال أخطاء المجتمع الدولي في فهم قوانين الحرب. حسب أعضاء «جيسا» فإنهم في حزب الله وإيران سيتطلعون أثناء الحرب إلى عرض إسرائيل كـ «قاتلة للمدنيين وغير أخلاقية»، هدفهم سيكون المس بالشرعية الدولية لإسرائيل بمواصلة القتال، حتى قبل أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من ترجمة تفوقه العسكري إلى انتصار في ساحة الحرب.
حسب أقوالهم فإن الحرب القادمة في الشمال لن تجري فقط بواسطة الدبابات والصواريخ، بل ستكون أيضاً حرب معلومات، ستحسم لدى الرأي العام الدولي بصورة لا تقل عما هي الحال في ساحة الحرب. حسب رأيهم، إسرائيل تبذل أحياناً جهوداً أكثر مما يقتضيه منها القانون الدولي من أجل حماية مواطني العدو. ولكن في الوقت الحقيقي، تتردد وتتأخر في عرض المعلومات التي يمكن أن تثبت ادعاءاتها. النتيجة، كتبوا، سواء في حرب لبنان الثانية في 2006 أو في عملية «الجرف الصامد» في قطاع غزة في 2014، خسرت إسرائيل في حرب جمع المعلومات أمام أعدائها.
هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews