Date : 26,04,2024, Time : 10:07:35 AM
3608 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 16 ربيع الأول 1440هـ - 25 نوفمبر 2018م 12:21 ص

وضع محتقن يسير بتونس نحو المزيد من التعقيد

وضع محتقن يسير بتونس نحو المزيد من التعقيد
مختار الدبابي

مثّل التجمع الاحتجاجي الذي نظمه الاتحاد العام التونسي للشغل الثلاثاء رسالة قوية لتأكيد أن الأزمة في البلاد لن تتوقف قبل انتخابات 2019 ولا بعدها، وأن الطبقة السياسية تبدو وكأنها استمرأت هذا الأسلوب في إدارة الأزمة لتظلّ طويلا في الواجهة، وتتهرّب من أولوية الملفات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة كأولوية دائمة.

ولم يكن تغليب السياسي وإدامة هيمنته على المشهد أمرا طارئا، فالثورة التي حدثت نهاية 2010 وبداية 2011 تم اختطافها وتجييرها من السياسيين حتى لا يبدو أنهم كانوا على هامش انتفاضة الفقراء والعاطلين عن العمل الذين انطلقت احتجاجاتهم من المدن والأحياء الشعبية المنسية.

كانت ثورة مبتورة لأن الذين اشتبكوا مع الشرطة وهاجموا مواقعها ومؤسسات حكومية أخرى في 2010 لم يكونوا منظّمين، ولم تكن ثمة حركة أو تنظيم أو جماعة تقودهم وتعبّر عنهم، والذين نراهم الآن في السلطة حاكمين أو معارضين، كان أغلبهم يتابعون التحوّل العنيف في البلاد وقتها بخوف وريبة، والتحق بعضهم بالركب في اللحظات الأخيرة بعد أن تيقن من سقوط النظام ورحيل الرئيس الأسبق زين العابدين إلى الخارج.

حرص السياسيون على أن يظهروا الثورة العاصفة على أنها ثورة حالمة، ثورة لا توجد إلا في الكتب أو في الأحلام، من خلال وصفها بثورة الياسمين، أو الثورة الهادئة، أو ثورة الحرية والكرامة كشعارات بلا عمق.

كانت الشخصيات، التي ركبت الثورة في لحظة تتويجها بمغادرة زين العابدين بن علي للبلاد، أو تلك التي جاء بها صندوق الانتخاب بفعل التركيز الإعلامي أو النفوذ المالي، تنظر إلى الثورة على أنها هدية من السماء ليس فقط لأنها جاءت بها إلى المشهد، ولكن لأنها فسحت لها المجال لتذكر بأفكارها وتاريخها، فزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي كان يدور بين العواصم الغربية ليقل إن الثورة نجحت في “القضاء على الاستبداد” وإشاعة قيمة الحرية، ليحيل إلى “نضال” حركته في مواجهة بن علي، ما يبرّر الدور الذي يلعبه الآن.

وسعى الغنوشي لاستثمار مزايا الثورة للتسويق لوجود “إسلام ليبرالي” يؤمن بالديمقراطية وصناديق الاقتراع ولا علاقة له بالإسلام القديم الذي علقته صورة الحركة بها، إسلام تطبيق الشريعة، أو أسلمة المجتمع، أو معاداة إسرائيل أو كراهية الولايات المتحدة.

ليس هناك شك في أن الإسلاميين ركبوا صورة الثورة الحالمة بحثا عن اعتراف غربي بهم كإسلام (لايت)، يمكن أن يكون وكيلا محليا وراعيا لمصالح الغرب وحساباته.

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي كان حين يسافر للقاءات دولية مختلفة يحرص على تأكيد أن الثورة تحافظ على ميراث الزعيم بورقيبة، وأنه بشكل أو آخر الوصي على الإرث البورقيبي ولذلك تم انتخابه رئيسا..

دوران في فلك الهوية

رغم مرور ثماني سنوات على الإطاحة ببن علي، فإن الأحزاب والمنظمات والجمعيات تدفع لرهن الثورة لمعارك الهوية والأيديولوجيا، وآخر فصولها، دفع مشروع قانون بشأن المساواة في الميراث في سياق الصراع بين الرئيس التونسي وحركة النهضة، وهو ما سيعمق الاستقطاب على أساس الهوية.

كل الأحزاب والشخصيات كانت تُلبس الثورة لبوسها، لكن لا أحد يقول إن الناس انتفضت لأجل رغيف الخبز ولمواجهة البطالة، ويحث أصدقاءه في الخارج على دعم تونس ماليا واقتصاديا لتجاوز مخلفات أزمة سببها ارتباط تونس بالمنظومة المالية الدولية، وارتهانها لإصلاحات جافة لا تنظر إلى مخلفاتها الاجتماعية.

سقوط بن علي وغيره كان نتاجا للأزمة المالية العالمية في 2008، وانكفاء وعود العرب عن دعمه في وقت كان فيه الدعم الأوروبي محدودا وبطيئا وطريقه معبّدة بالشروط.

وقد لمست الطبقة الحاكمة بعد الثورة هذه الحقيقة. وبدا لها أن الانبهار الغربي بصورة “ثورة الياسمين” لا ينتج سوى وعود، وأكثر من ذلك، فإن أوروبا على وجه الخصوص، استثمرت ضعف طبقة ما بعد الثورة ومحدودية تجربتها في بناء علاقات خارجية متوازنة لإغراقها في المطالب التي تحولها إلى حارس لأمن الجنوب سواء ما تعلق بالهجرة غير الشرعية، أو مقاومة الإرهاب، وهو الالتجاء إلى صندوق النقد الدولي الخيار الوحيد أمامها.

وحرم عداء “الثوار”، بواجهتيهما الإسلامية والعلمانية، للعمق العربي لتونس، من فرص دعم جدية كالتي حصلت عليها مصر. ورغم تعقد الأزمة ووصول التضخم إلى مرحلة تضع تونس على طريق اليونان، فإن الطبقة السياسية تتمسك بشكل مثير للريبة برفض أي انفتاح على المحيط العربي، وهو ما تعكسه الضجة الاستباقية لزيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المقررة ليوم الثلاثاء، فيما تلهث وراء البحث عن إيماءة رضا غربية قد لا تأتي.

ولا تشعر أن الطبقة السياسية، الحاكمة والمعارضة معا، تبحث عن مخارج لإدارة الأزمة الاقتصادية الخانقة، والتي تتعمق يوما عن آخر بفعل ضغوط الصناديق المالية الدولية من ناحية، وضغوط اتحاد الشغل لفرض زيادات سنوية لأكثر من مليون موظف في القطاع العام من ناحية ثانية.

يحاول الاتحاد أن يظهر حماسه للحفاظ على المقدرة الشرائية لمنتسبيه، لكنه يزيد من تعميق الأزمة الاجتماعية سواء ما تعلق بارتفاع الأسعار، أو برهن خيار الحكومة في استثمار الأموال التي تقترضها من البنك الدولي ومن جهات مالية أخرى للإيفاء بتعهداتها له، ومقابلة أي رفض منها بالإضرابات كما حصل في إضراب الوظيفة العمومية الثلاثاء.

كما أعلن الاتحاد، السبت، إضرابا عاما يوم 17 يناير القادم، ما يرجح أن التصعيد بينه وبين الحكومة لن يتوقف قريبا، خاصة في ضوء اتهامات خفية بأنه يلعب دورا ضاغطا على الحكومة ومن ورائها حركة النهضة في خلافهما مع حزب نداء تونس ورئيسه المؤسس الباجي قائد السبسي.

ولوّح الاتحاد على لسان أمينه العام نورالدين الطبوبي بأنه سيشارك في الانتخابات القادمة، أي التشريعية والرئاسية، للضغط على الحكومة والأحزاب الداعمة لها. ورغم أن جزءا من الطبقة السياسية تحمّس لمشاركة الاتحاد في المعركة السياسية على أمل أن يغيّر التوازنات القائمة حاليا والتي تتحكم فيها حركة النهضة الإسلامية، إلا أن التعاطي العقلاني مع هذه الدعوة يفضي إلى اعتبارها مجرد مناورة وورقة ضغط ليس أكثر.

الاتحاد.. حزب سياسي؟

سيفرض خوض المعركة السياسية على الاتحاد أن يتخلى عن جزء من قاعدته النقابية لفائدة الأحزاب المناوئة، التي يصفها بالليبرالية، مثل حركة النهضة ونداء تونس بشقوقه المختلفة. كما أن القوى اليسارية والقومية التي تسيطر حاليا على قيادة الاتحاد، خاصة القيادات الوسطى من المستبعد أن تترك أحزابها وحركاتها لتتخفى وراء الاتحاد بسبب ما بينها من خلافات حادة ومعارك زعامة.

لكن المشكلة الأهم، هي هل يقدر الاتحاد على تقديم برنامج اجتماعي مناقض تماما للمنظومة الحاكمة القائمة على المديونية والارتهان لصندوق النقد الدولي، وهل يقدر الاتحاد على كسر هيمنة الوكلاء المحليين للشركات الدولية على الاقتصاد التونسي.

وهل الأمر مجرد نوايا ومزايدة، أم ثمة رؤية لبناء جبهة اجتماعية على خطى منظمات نقابية دولية سبق أن وصلت للسلطة وأدارتها مثلما ما جرى في بولندا في تجربة لاش فاليزا؟

بانتظار أن تتضح معارك الانتخابات القادمة وأدواتها السياسية، فإن الوضع الاجتماعي والاقتصادي يسير باتجاه المزيد من التعقيد، خاصة أن الطبقات المهمّشة هي التي تدفع كأكثر جهة نتائج الصراع العلني والخفي بين الأحزاب وأدواتها، ما يهدّد بثورة جديدة، فضلا عن أن تلك المعارك توفر مناخا ملائما لعودة الإرهاب إلى الواجهة والالتفاف على النجاحات الأمنية اللافتة التي حققتها القوات الأمنية والعسكرية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد