تطور حركة تداول الصكوك في السوق المالية

في تقرير لصحيفة "الاقتصادية" تحدث عن نمو كبير في تداول أدوات الدين لهذا العام مقارنة بالعام الماضي كاملا، وكما جاء في الصحيفة: "قفزت قيمة تداولات سوق السندات والصكوك منذ بداية العام الجاري حتى جلسة أمس الأول بنحو 859 في المائة، مقارنة بالعام الماضي 2017 كاملا، وذلك بعد إدراج أدوات الدين الحكومية التي جرى التداول عليها مطلع نيسان (أبريل) الماضي". وبحسب تحليل لوحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" استند إلى بيانات "تداول"، ارتفعت قيمة تداولات هذه السوق إلى 267.5 مليون ريال مقارنة بالعام الماضي كاملا البالغ 27.9 مليون ريال فقط. وجرى تنفيذ نحو 24 صفقة منذ بداية العام حتى جلسة أول أمس، وهو أعلى مستوى من الصفقات خلال سبع سنوات، في حين تمت ثماني صفقات فقط خلال عام 2017. ومن الصفقات 23 صفقة تمت على أدوات الدين الحكومية بقيمة 257.34 مليون ريال، فيما بلغت الصفقات على صكوك وسندات الشركات صفقة واحدة بقيمة 10.12 مليون ريال". هذا الفارق الذي بلغ تقريبا ثمانية أضعاف مقارنة بالعام الماضي يعتبر تطورا ملحوظا فيما يتعلق بتداول أدوات الدين، كما أنه يشير إلى حجم الثقة الكبير بأدوات الدين الحكومية، خصوصا ما يتعلق بالصكوك، سواء فيما يتعلق بحجم العائد بسبب ارتفاع معدل الفائدة على الريال، أو ما يتعلق بالثقة بالاقتصاد الوطني، وقد يكون هذا التداول تم من خلال تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية، التي تبحث عن الفرص الآمنة، خصوصا مع تحسن عوائدها. ويتوقع في الفترة المقبلة أن تزيد الثقة بهذه السوق، وأن تزيد حجم الإصدارات، سواء الحكومية أو القطاع الخاص، كنوع من تنويع مصادر التمويل، بعد النجاح، الذي حققته الإصدارات السابقة، إضافة إلى المشاريع التنموية، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص، حيث إن لدى الطرفين خططا طموحة مع المشاريع الجديدة، خصوصا السياحية والتقنية، فضلا عن مشاريع البنية التحتية والطاقة النظيفة. ومع تخصيص بعض المؤسسات الحكومية يمكن أن تكون هناك خطط للتوسع في خدماتها، وبالتالي العمل على الحصول على مصدر للتمويل، إضافة إلى أن بعض المؤسسات الحكومية، وفي ظل سعيها إلى تنويع مصادر الدخل، ووجود مرونة حالية في الأنظمة، يمكن أن تعمل على الحصول على تمويل لتنفيذ مشاريع تعزز من مصادر الدخل لديها. مع هذا النمو الملحوظ في حجم تداول الصكوك وأدوات الدين بصورة عامة، إلا أن هناك بعض الملاحظات، منها أن حجم التداولات لا يزال ضعيفا، ومقارنة بحجم تداولات سوق الأسهم، نجد أن حجم التداولات خلال أكثر من عشرة أشهر أقل من 10 في المائة من حجم التداولات اليومية في سوق الأسهم، التي تحقق تداولا يصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات يوميا، وقد يتجاوز هذا الرقم باعتبار أن هذا الرقم متحفظ نوعا ما فيما يتعلق بحجم التداولات اليومية في سوق الأسهم، وقد يعود الأمر إلى قلة العرض، باعتبار أن من يستثمر في هذه السوق هم من المستثمرين الذين يبحثون عن الاستثمارات الآمنة طويلة المدى، وغياب دور الأفراد في هذه السوق، التي يفترض أن تكون أحد الخيارات الأهم بالنسبة لهم؛ باعتباره استثمارا آمنا مقارنة بسوق الأسهم، التي تشهد تذبذبا كبيرا بشكل مستمر؛ حيث كما جاء في التقرير أن حجم ملكية الأفراد لا تتجاوز 107 ملايين، وتمثل نسبة قدرها 0.04 في المائة، وهي نسبة ضئيلة جدا، ويمكن أن يكون جزء كبير من الأفراد هم من رجال الأعمال، الذين يعدون من كبار المستثمرين، وهذه نسبة ضئيلة جدا. ولذلك، فإنه من المهم العمل على إيجاد فرص للأفراد للاستثمار في هذه السوق، ما قد يزيد من حجم التداولات اليومية فيها، ويوفر فرصا مستمرة يوميا للبيع والشراء في هذه السوق، ما قد يزيد من تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، ويكون ذلك بزيادة حجم الإصدارات، وتخفيض القيم الاسمية للصك، إضافة إلى تخصيص جزء من هذه الإصدارات للاكتتاب بها من قبل الأفراد، ومن المهم أيضا إيجاد برامج لتوعية الأفراد فيما يتعلق بالاستثمارات منخفضة المخاطر. فالخلاصة، إن النمو الكبير في حجم تداولات أدوات الدين، خصوصا الصكوك، مؤشر جيد لهذه السوق، إلا أنه مع ذلك يعد منخفضا جدا مقارنة بحجم تداولات سوق الأسهم، ومن هنا تأتي أهمية توعية الأفراد بمثل هذا النوع من الاستثمارات الآمنة، وتخصيص حصص لهم للاكتتاب فيها.

الاقتصادية