نتنياهو يحتمي بالانتخابات
للمرة الثانية عشرة في غضون عامين، يخضع نتنياهو للاستجواب حول سلسلة من الملفات التي يشتبه بتورطه فيها بالفساد، وذلك قبل ساعات قليلة من بدء محاكمة زوجته سارة، بتهمة تلقي الرشى وخيانة الأمانة واستغلال «موارد الدولة» أو المال العام، لأغراض شخصية وأسرية. فلماذا لا يتم حسم التحقيقات في هذه الملفات، خاصة أن بعضها يحمل أدلة دامغة على إدانته وتقديمه للمحاكمة؟
صحيح أن هناك ملفات شائكة وحساسة، وليس من السهولة تقديم رئيس وزراء إلى المحاكمة، ولكن نتنياهو اعتمد، منذ البداية، بالتعاون مع طاقم مستشاريه استراتيجية المراوغة وإطالة أمد التحقيقات، استناداً إلى رهانات على عوامل داخلية وخارجية قد تقلب الأمور لصالحه. ففي جلسة التحقيق الأخيرة، والتي استمرت أربع ساعات ونصف الساعة، والتي قد تكون الأخيرة أيضاً قبل رفع توصيات بمحاكمته، جرى استكمال ما تبقى من أمور غير واضحة في الملفين اللذين يحملان الرقمين 1000 و2000 والمتعلّقين بحصول نتنياهو على رشى على شكل هدايا ومنافع من رجال أعمال، في مقدمتهم رجلا الأعمال، المنتج «الإسرائيلي» الهوليوودي أرنون ميلتشين والملياردير الأسترالي جيمس باكر، والمقدّرة قيمتها بمئات آلاف الدولارات، وهما ملفان كانت النيابة العامة والمستشار القضائي للحكومة قد أوصيا بتقديمه إلى المحاكمة فيهما. وهناك ملف آخر مفتوح ضد نتنياهو، يحمل الرقم 4000، وقد خضع للتحقيق فيه يوم 17 أغسطس الماضي، ويركز على شبهة تلقي نتنياهو رشوة من مالك شركة «بيزك» للاتصالات وموقع «واللا» الإخباري، رجل الأعمال شاؤول ألوفيتش، حيث يحصل على تغطية إيجابية له ولحكومته مقابل تقديمه تسهيلات كبيرة تقدّر قيمتها بمئات ملايين الدولارات، وهذا الملف يحمل أيضاً شبهات قوية بوجود مخالفات رشى واحتيال وخيانة الأمانة.
كل المؤشرات في هذه التحقيقات تشير إلى تورط نتنياهو في الفساد، وأن إعداد لائحة اتهام ضده يجري على قدم وساق، لكن هذا معناه حشر نتنياهو في الزاوية الضيقة، حيث لا مفر أمامه سوى اللجوء للانتخابات المبكرة، إذ تشير مصادر مقربة منه إلى أنه حسم أمره وقرّر حل «الكنيست» (البرلمان) وإجراء انتخابات مبكرة في غضون بضعة شهور. يراهن نتنياهو هنا على أنه إذا تقررت محاكمته، فإنها لن تبدأ قبل منتصف العام المقبل، وبالتالي فإنه يعتقد أنه يكسب الوقت للفوز بهذه الانتخابات، التي يعتبرها بمثابة الطلقة الأخيرة، التي ستطيح خصومه السياسيين والبقاء في السلطة.
كيف؟ ينطلق نتنياهو في رهانه، أولاً: من ضعف خصومه السياسيين، وعدم قدرة المعارضة على لملمة صفوفها والتوحّد ضده، وثانياً: لحاجة اليمين واليمين المتطرف إلى البقاء في السلطة، خصوصاً بعد «الإنجازات» التي حققاها معاً، إن على صعيد الاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل» ونقل السفارة الأمريكية إليها، أو على صعيد الاستيطان وتحقيق طفرة في هذا المجال بالاستفادة من الظروف القائمة والدعم الأمريكي، والمضي قدماً في مشروع تصفية القضية الفلسطينية (العودة واللاجئين) وغياب أي رد فعل حقيقي أو مقاومة فلسطينية جدية لإحباط هذه الخطط، وبالتالي فإن كل الظروف مناسبة لنتنياهو للذهاب إلى انتخابات مبكرة، من المرجح أنها ستكسبه قاعدة شعبية واسعة تمنع محاكمته.
الخليج
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews