ذكرى أوسلو ولجوء السلطة للجنائية الدولية
يبدو أن الفلسطينيين قرروا الإستفادة من أوسلو بطريقة لم يفعلوها من قبل ، وذلك اتضح من خلال تقديم السلطة شكاوى رسمية ضد اسرائيل لدى المحاكم الأممية ومنها المحكمة الجنائية الدولية سواء في ما يتعلق بقرية الخان الاحمر التي تعتزم إسرائيل هدمها ، أو قضايا أخرى .
كان اللجوء للمحاكم الدولية مطلبا شعبيا فلسطينيا لم يجد آذانا صاغية إلى أن تيقنت القيادة الفسطينية بأن كل رهاناتها السلمية خاسرة عقب نقل السفارة الأمريكية ، وقانون القومية وما جرى مؤخرا في القدس وحائط البراق وما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين وأرضهم .
استغلال أوسلو لصالح القضية يعتبر ذكاء جاء أوان استخدامه ، رغم أن ردات الفعل الأمريكية كانت سريعة ليس بدءا من الأونروا ولا انتهاء بإلغاء اعتماد مكتب المنظمة .
ولا نقيس ما يمكن أن تستفيد منه السلطة بما استفادت منه إسرائيل جراء هذا الإتفاق الأرعن الذي جعل من القضية الفلسطينية مجرد شاخصة معلقة في الهواء بدون اي مضمون ، ولم تجلب للفلسطينيين سوى الدمار والعار والخسران .
اوسلو التي وقعت في 13 - 9 - 1993 في واشنطن بين المنظمة ودولة الكيان تضمنت أعلان مبادئ ثبت بعد ربع قرن أنه لم يكن سوى ضحك على ذقون االفلسطينيين ، بمن فيهم أبو عمار وعباس وزعيم الجبهة الشعبية الشهيد ابو علي مصطفى الذي تم استدراجه من قبل القيادة فعاد للإقامة في فلسطين قبل ان يقتله شارون بصاروخ اطلقته طائرة أف 16 ، بل وكل القيادة الفلسطينية التي هللت وكبرت ودافعت عن أوسلو بضراوة والتي تعترف الآن بأن الإتفاقية تسببت بانقسام فلسطيني - فلسطيني لا زال يكبر ويتسع إلى أن وصلنا لمحاولة وأد القضية ودفن اللاجئين وإلغاء وجود أرض محتلة من الأساس وشطب القدس .
وبما أن فلسطين باتت دولة على الورق ، معترفا بها من قبل عشرات الدول ، فإن استغلال السلطة لهذه الورقة مهم في ظل كل هذه التداعيات الخطيرة .
لقد فضح أوسلو هذا ، وما ورد فيه جهل الفلسطينيين الرسميين ودهاء الكيان العبري وذكاءه وخبثه ، ولم يتبين الفلسطينيون ذلك ويقتنعوا به بدون جدال إلا بعد مرور ربع قرن على توقيع الإتفاقية التي تصادف ذكراها المخزية هذه الأيام .
وإذا رجعنا إلى الإتفاقية فإن القارئ سيحتار في كيفية توقيع ممثلي الفلسطينيين وعرفات على الإتفاق مع أنه يحوي كل هذه المواد والنقاط الخطيرة التي تحسم منذ البداية عدم إمكانية قيام دولة فلسطينية بالمرة ، وبإيراد النقاط هذه أنهي مقالتي لهذا الأسبوع .. من مصائب أوسلو التالي :
* أي تفاصيل للسلام بين إسرائيل والمنظمة ستجري في غضون 5 سنوات .
* تعترف منظمة التحرير بدولة اسرائيل على 78 % من أرض فلسطين .
*تلغي المنظمة ميثاقها بالكامل .
*توافق اسرائيل على اقامة حكم ذاتي للفلسطينين ( نشأت معه لاحقا السلطة الفلسطينية التي نعرفها الآن ) .
*انشاء شرطة بأسلحة خفيفة وبعلم إسرائيل بتفاصيل سلاح الشرطة وأرقامه وأنواعه ويكون بتمرير منها عن طريق التسليم بعد الفحص .
*تجاهلت الإتفاقية وضع القدس ووافق الفلسطينيون على أن تكون في مفاوضات الوضع النهائي .
*اللاجئون ينقاش ملفهم في الوضع النهائي وينظر فيهم : هل العودة أم التعويض ( أي أن السلطة موافقة على مبدأ التعويض من الأساس ) .
*عدم حسم وضع المستوطنات في الضفة ومن سيسيطر عليها أو يحميها ( كأنها موافقة مسبقة على وجودها ) .
*التنسيق الأمني بلا شروط وهذا ما يجري لغاية الآن حتى في ظل توقف المفاوضات .
*لم ينص الأتفاق أبدا على تشكيل دولة فلسطينية وترك ذلك للمفاوضات النهايئة .
أرأيتم لماذا قلت بداية المقال : إن السلطة ذكية في استغلالها نتيجة أوسلو التي تفتقت عنها اعترافات دولية بالجواز والكيان الفلسطيني حتى ولو على الورق ، ولكنه على أي حال ، مدخل للولوج للمحاكم الدولية وهو أضعف الإيمان الذي بإمكان الفلسطينيين اللجوء إليه بعد أن ورطوا شعبهم باتفاقية ذل وعار وغباء تصل لدرجة التواطؤ ونص الإتفاقية هو الدليل العاصف القاصف أن وراء الأكمة ما وراءها .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews