حين دفع رئيس الوزراء باتجاه إغلاق القناة العاشرة لأنها نشرت تحقيقات ضده
في سيل القضايا الذي لا يتوقف، حظيت أقوال رئيس الحكومة في موضوع القناة 10 باهتمام ضئيل. «عملت من أجل إغلاق القناة 10، التي ملتشن أحد أصحابها، لولا توجيه المستشار القانوني للحكومة لكانت القناة 10 كانت ستغلق»، قال نتنياهو. يصعب البدء في تفسير كم أن هذه الأقوال أقوال هستيرية وصادمة. وأنا أكتب من موقع من يحصل على راتبه من القناة 10 في الـ 15 سنة الأخيرة.
إدعاء رئيس الحكومة هو كذب فظ وغبي. كان ملتشن صاحب أسهم في القناة 10 في تلك السنوات. لقد توقف عن ضخ أموال للقناة وعمل فعليا على إغلاقها. هذا لأن نتنياهو لم يعمل ضده في هذا الشأن. مصالحهما توحدت. نتنياهو عرف ذلك، وهذه الأمور نشرت في حينه، والمحققون يعرفون ذلك. إذا كان الأمر هكذا فإن نتنياهو لا يحصل على أي شيء من هذا الإدعاء المدحوض سوى الاعتراف بأمور تمثل إخلالا بالثقة.
اعترف نتنياهو أنه أراد إغلاق القناة الإعلامية مع مئات العاملين المباشرين فيها وآلاف آخرين في دوائر أخرى، لأن القناة نشرت تحقيقات ضده. في جزء من الفترة التي حاول فيها نتنياهو إغلاق القناة، أدار ضدها قضيتان للتشويه (سحبهما في نهاية الأمر من دون تعويضات أو اعتذارات). كان نتنياهو في حالة تناقض مصالح تام أثناء تعامله مع قضايا القناة.
عرف نتنياهو أن لدى القناة مواد تتعلق بفحوصات مراقب الدولة والشرطة، التي تناولت شؤونه في تلك السنين. لم يكن من شأن إغلاق القناة أن يؤدي إلى اختفائها، لكن من المعقول الافتراض أن ذلك كان سيصعّب نشرها. في ذلك الوقت، فهم نتنياهو كما يبدو وضع تناقض المصالح الذي كان موجودا فيه، لذلك كان هناك كل أنواع «الأغبياء المفيدين» من قبله، الذين تجولوا في وسائل الإعلام وقالوا: ما الأمر؟ نتنياهو ليس متورطا. هو نفسه لم يتحدث حول الأمر علنا. الآن هو يستل هذا الاعتراف المدهش بعمل جنائي في جوهره.
أدين موظف الضرائب الكبير (شوكي فيتا) في المحكمة بعد أن عالج ترتيبات الضرائب لزبائن المحامي (يعقوب فينروت). فينروت مثل أيضا فيتا. لذا قرر أن فيتا كان في تناقض مصالح جوهري. أدين إيهود أولمرت بعدما عالج طلبات مصانع للحصول على استثمارات من الدولة. هذه المصانع تم تمثيلها من قبل المحامي أوري ميسي الذي كان محاميه. قالت المحكمة إنه رغم أنه لم يكن في قرار أولمرت بشأن المصانع «انحراف عن الخط» في مستوى جوهري، فقد كان في حالة تناقض مصالح جوهري.
في قضية القناة 10 كان نتنياهو في تناقض مصالح لا يقل خطورة عن أولمرت أو فيتا. في أعماله يوجد بالضبط «انحراف تام عن الخط». لم يحاول أي رئيس حكومة إغلاق وسيلة إعلامية لهذه الأسباب. نتنياهو «انتحر» من أجل الإغلاق حتى اللحظة الأخيرة، وتوقف فقط على أيدي المستشار القانوني، الذي اضطر إلى صياغة رأي نصف مدحوض لوقف الجنون.
قال المراسل (عميت سيغل) قبل فترة قصيرة «هناك نكتة عن نتنياهو، لماذا لن تتم إدانته بالرشوة؟ لأنه من أجل الرشوة يجب أن يكون هناك مقابل، وبيبي في حياته لم يعط لأي أحد شيئا… أعتقد أن بيبي هو أحد رؤساء الحكومات الأقل فسادا الذين كانوا هنا، هو يحب الملذات، هو ليس مرتشٍ». هذه هي النظرية التي كانت مقبولة بخصوص نتنياهو طوال سنواته. ربما لأنه في نظر جمهور واسع، إذا لم يكن هناك أي نصف مليون شيكل قد نزلت في حساب بنكي في سويسرا فلا توجد رشوة.
من هنا يتبين أنه من أجل ملتشن تحدث نتنياهو مع يئير لبيد مرتين، وتحدث مع جون كيري عدة مرات، والتقى مع رجل الصناعة الهندي تاتا، ورتب لملتشن مقابلة مع شلومو فلبر. نسبيا لمن لا يعرف إعطاء مقابل، فإنه فقط عمل في صالح ملتشن.
إذا كان هناك شخص يحاول إغلاق قناة إعلامية بسبب مصالحه الشخصية ليس شخصا يتلقى الرشوة، فما هي الرشوة اذا؟
هآرتس 2018-02-20
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews