لنبتعد عن شفا الحرب
جي بي سي نيوز :- لا خلاف في أن إسقاط الطائرة بلا طيار الإيرانية التي تسللت من سوريا إلى الأراضي الإسرائيلية كان عملا شرعيا وضروريا. يمكن التساؤل إذا كان إطلاق الطائرة مخططا، بنيّة تحقيق أهداف استخبارية أو كان بسبب خطأ تكتيكي لمطلقيها. لكن عند اتخاذ قرار إسقاطها، فلا يوجد مكان ولا زمان لتردد زائد.
ليس الأمر كذلك بالنسبة للرد الإسرائيلي المفهوم، الذي تضمن هجوما على أهداف إيرانية وغيرها في الأراضي السورية، والتي أثناءها أسقطت طائرة إف 16، واضطر الطيار ومساعده لتركها، وأصيب الطيار بجراح خطيرة. تستوجب هذه العملية ونتائجها، ـ والتي كان يمكن أن تكون أكثر مأساوية بكثير، بل وأن تجر إسرائيل إلى عملية عسكرية واسعة في محاولة لتحرير الطيارين في ما لو أمسكتهما قوات سورية أو إيرانية ـ، إعادة النظر في سياسة الرد بشكل خاص، وفي الاستراتيجية التي توجه خطى إسرائيل في سلوكها بالحرب في سوريا بشكل عام. فأحداث أمس، تدل مرة أخرى أنه رغم الاعتبارات العقلانية والرغبة في الامتناع عن الحرب، فإن لأحداث قليلة، طاقة كامنة للانفجار، ويمكنها أن تؤدي لخطوات عسكرية من شأنها الخروج عن نطاق السيطرة.
حاجة إسرائيل للرد بقوة ضد هجوم في أراضيها أو محاولة للمس بسيادتها، هي مفهومة وهي بشكل عام ضرورية، لردع تكرار حالات كهذه. لكن عندما يتحول رد مماثل إلى خطوة تلقائية، فإنه يبدأ بأن يشكل بنفسه تهديدا وخطرا. في الحرب في سوريا، تثّبتَ ميزانٌ هش من المصالح، تشارك فيه روسيا وإيران وتركيا. ليس هذا محور ودي لإسرائيل، فما بالك مع خلفية فك ارتباط الولايات المتحدة بالساحة وقدرتها المحدودة جدا في التأثير على الخطوات العسكرية بشكل يضمن أمن اسرائيل.
إسرائيل مطالبة أن تشق طريقها بحذر شديد بين تطلعها لإحباط تثبيت التواجد الإيراني في سوريا وبين النتائج التي قد يسبّبها هذا التطلع. هكذا مثلا فقد تمتعت إسرائيل حتى الآن بإذن روسي محدود لضرب أهداف حزب الله في سوريا، لكن فقط كتلك التي لها إمكانية كامنة للمس بإسرائيل. أما مبادرة عسكرية توسع حدود «الإذن» الروسي، فمن شأنها أن تؤدي إلى إلغائه أو حتى لأن تضع إسرائيل في مسار صدام مع روسيا، الدولة الوحيدة في سوريا المستعدة لمراعاة المصالح الإسرائيلية.
لقد بعثت إسرائيل مؤخرا سلسلة من الرسائل الحادة والواضحة التي تفيد بأنها مستعدة لعمل عسكري أيضا كي تمنع تعاظم التهديدات ضدها في سوريا وفي لبنان. وهي توضح في الوقت نفسه بأنها لا تتطلع إلى الحرب. التوازن بين هاتين الاستراتيجيتين يستدعي الحذر العسكري الزائد والتفكير الدقيق والتحكم المتعاظم بمشاعر الغضب والانتقام. فشفا الحرب قريبة للغاية ومن الحيوي الابتعاد عنها.
هآرتس 2018-02-12
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews