تحالف المنتجين نحو منطلقات جديدة لمهماته
أتاح اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة لمجموعة الدول الـ24 (أوبك وحلفاؤها من الأقطار المنتجة غير الأعضاء في المنظمة)، خلال اجتماعها في مسقط في 21 كانون الثاني (يناير) الجاري، الفرصة لطرح آراء جديدة حول مهمات هذا التحالف الفتي على الساحة النفطية العالمية.
ونوّه وزير الطاقة والصناعة والثروة السعودي خالد الفالح الرئيس الدوري للجنة في كلمة الافتتاح، بـ «الإنجازات التي استطاع التحالف تحقيقها خلال العام الماضي. فذكر أن فائض المخزون النفطي العالمي، انخفض من نحو 340 مليون برميل مطلع عام 2017 إلى نحو 220 مليون برميل حالياً. ويعني هذا الأمر استبعاد تحقيق توازن في الأسواق منتصف هذه السنة.
وأضاف الفالح في تصريحاته إلى وسائل الإعلام، بعداً جديداً لمنطلقات التحالف، مشيراً إلى وجود توافق بين منظمة «أوبك» ومنتجي النفط غير الأعضاء على «مواصلة التعاون في شأن الإنتاج لما بعد هذه السنة». وحضّ المنتجين على «تمديد تعاونهم لما بعد 2018». واعتبر أن ذلك «قد يعني شكلاً جديداً من التعاون وليس تمديد خفوضات الإنتاج الحالية»، التي ساهمت في تعزيز الأسعار في الأشهر الأخيرة.
ورأى الفالح أن «تمديد التعاون سيقنع العالم بأن التنسيق بين المنتجين مستمر»، مشدداً على ضرورة «ألا تقتصر جهودنا على هذه السن، إذ نحتاج إلى التحدث في شأن تمديد إطار العمل الذي بدأناه، وهو إعلان التعاون إلى ما بعد 2018». وقال «هذا لا يعني التزام القيود وحجم الخفوضات أو أهداف التعاون لكل دولة شاركت في الاتفاق في 2016، لكن طمأنة المعنيين والمستثمرين والمستهلكين والمجتمع الدولي، إلى أن هذا الوضع باق وسنعمل معاً». من الواضح، أن هذا التصريح يصب ماء باردة على دعوات بعض الأطراف (الشركات النفطية الروسية التي طلبت وقف خفض الإنتاج منتصف هذه السنة، أي قبل الموعد المحدد له في نهايتها).
يشكل الإعلان عن تمديد فترة خفض الإنتاج وإضافة منطلقات جديدة لتعاون المنتجين مستقبلاً، نقلة نوعية مهمة لها أبعاد طويلة المدى حول مهمات تحالف الدول المنتجة. وعلى رغم عدم إقرار آلية التوافق حتى الآن، يمكن القول إن تعزيز مهمات التحالف مستقبلاً، سيمثل نقلة نوعية في المساعي إلى استقرار الأسواق التي تحملت مسؤوليتها سابقاً أقطار منظمة «أوبك» منفردة. فيما لن تقع المسؤولية الآن على المنظمة فقط بل على مجموعة كبيرة من المنتجين، ما يعطي قراراتها ومحاولاتها وزناً كبيراً في الأسواق، وتحديداً بعد تجربة صدقية تنفيذ تعهداتها، ومن ثم النجاح الكبير لخفض الفائض. هذا التعديل في مهمات التحالف للدول المنتجة ومنطلقاته، سيزيد من قوة «أوبك» وأهميتها. كما سيوفر لها مرونة أكبر في اتخاذ قراراتها.
تنعكس أهمية تمديد هذا التوافق وتوسيع مهمات الأعمال في تشكيل نقلة نوعية في العلاقات النفطية الدولية. فهي توسع نفوذ «أوبك» على الساحة النفطية الدولية من خلال إعطاء صدقية أكبر لقراراتها، لتشمل دولاً منتجة كثيرة، إضافة إلى أقطار «أوبك». ويشكل التعاون بين مجموعة الدول الـ24، توسيعاً براغماتياً لـ «أوبك» للتعاون والتنسيق مع دول منتجة أخرى، من دون الحاجة إلى اللجوء إلى الطريق الصعبة في فتح باب العضوية في المنظمة.
ليس التعاون بين روسيا وأقطار المنظمة، وتحديداً السعودية مصادفة. إذ وقّعت الرياض وموسكو «مذكرة تفاهم» مشتركة في شأن استقرار سوق النفط في 5 أيلول (سبتمبر) 2016، على هامش قمة العشرين التي عقدت في مدينة خوانجو الصينية، حيث أعلنتا اتفاقهما على «العمل معاً» لتحقيق استقرار الأسواق. وبالفعل شكل هذا الاتفاق قاعدة أساسية في العلاقات النفطية الدولية في الفترة الأخيرة، إذ نشأ تعاون وثيق ومستمر بين السعودية والدول الخليجية النفطية الأخرى من جهة، وبين موسكو وحلفائها من الدول المطلة على بحر قزوين من جهة أخرى، للعمل على تبني مواقف مشتركة وطويلة الأمد في مجموعة الدول الـ24. لماذا هذا التنسيق النفطي بين الدولتين، تشير مذكرة التفاهم إلى «الحاجة الملحة للتخفيف من التقلبات الكبيرة التي تضر باستقرار الاقتصاد العالمي».
لقد كان واضحاً أن الدولتين النفطيتين الأكبر عالمياً، شعرتا حين ذلك بتحديات مهمة تعكر استقرار الأسواق النفطية. ومن أهم هذه التحديات، تقلص الاستثمارات في حقول جديدة بسبب تدهور أسعار النفط، والارتفاع السريع والعالي لإنتاج النفط الصخري الأميركي.
وتشير معلومات وكالة الطاقة الدولية، إلى أن إنتاج النفط الأميركي سيرتفع إلى نحو 10.4 مليون برميل يومياً، أو بزيادة 260 ألف برميل يومياً عن معدله عام 1970. ويعود مصدر هذه الزيادة إلى ازدياد إنتاج النفط الصخري، الذي يفوق معدله 6 ملايين برميل يومياً في الوقت الحاضر.
الحياة اللندنية 2018-01-28
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews