أبو مازن… الراحل الذي لا يرحل!
محمود عباس، أبو مازن، لا يعرف شمعون يزدي من شاطئ بوغراشوف. سيرة حياتهما، عملهما وخلفيتهما هي بشكل يجعل من المنطقي فقط الافتراض أنهما لم يلتقيا أبدًا. خطان متوازيان يقتسمان ذات الشمس والسماء الزرقاء. خسارة، لأنه إذا كان ثمة أحد ما يذكرنا بأبي مازن؛ أسلوبه وتهديداته، فهو شمعون يزدي.
يزدي، لمن لا يعرفه، يبيع البوظة منذ 37 سنة على قاطع شاطئ تل أبيب، بين الدولفيناريوم في الجنوب وشمالا حتى شاطئ بوغراشوف.
وعلى مدى السنين خلف يزدي بعض المفاهيم الشعرية بالعبرية على شواطئ تل أبيب: بوظة ليمون تمنع الحمل؛ بوظة توت فحماتك لا تموت.
ولكن التعبير الذي يميز يزدي ويشكل أساس التشبيه مع أبي مازن، هو التصريح الذي ينهي هتافات «بوظة، بوظة، شوكو بنانا» خاصته. يزدي يطلق إلى الهواء ما يشبه التهديد او بيانا عن الاستسلام: أنا راحل. هكذا ببساطة. أنا راحل. ولا يرحل. أبو مازن هو شمعون يزدي موسم الاستجمام الفلسطيني. كل بضع سنوات هو «راحل». ولا يرحل.
ملَّ، لعل له بيت في أبو ظبي، لعل له شقة في قطر، ملَّ عرفات، ملَّ شقاقه مع محمد دحلان، لا يريد أن يكلم هاني الحسن، هو راحل. لا توجد مسيرة سياسية، الأمريكيون أثاروا أعصابه، رئيس وزراء إسرائيل لا يوافق، هو راحل. السعودية تطرح مطالب، مصر تطلب إيضاحات، هو راحل. حماس تتآمر، ترامب يصرح، هو راحل.
أمس أعلن عمليًا لم يعد أساس لاتفاقات أوسلو (برغم أن بقوتها أقيمت السلطة الفلسطينية التي يقف على رأسها كرئيس). فضلا عن ذلك، أعلن، من الآن فصاعدا لن تكون وساطة أمريكية أو دور أمريكي.
كل مسيرة سياسية ستتم في إطار دُولي وبوساطة الأمم المتحدة. وإلا، فهو سيرحل. مثلما رحل في 2003، 2011، 2014 ومرة أخرى في 2015، مع بعض «أنصاف الرحيل» لأسباب حقيقية تتعلق بالصحة والتعب.
أبو مازن ليس هو الزعيم الضعيف الأول في التأريخ السياسي الفلسطيني. فلو وافقوا فقط على خطة لجنة بيل في 1937، لو وافقوا على خطة التقسيم في 1947، لو نفذوا كما ينبغي اتفاقات أوسلو وقاتلوا الإرهاب في أثناء 1994 ـ 1995، لو قبلوا العرض الأكثر شمولا منها جميعًا، من ايهود باراك في كامب ديفيد في تموز 2000 أو صيغة كلينتون التي نشرت في كانون الأول ـ كانون الثاني ـ 2000 ـ 2001 ولو أنه قال هو نفسه «نعم» للمحادثات مع اولمرت في 2008. كله «لو فقط».
برغم أنه «راحل» أبو مازن جعل الضعف العضال قوة شخصية ووطنية. هو ضعيف وعديم كل شيء. ولكن لديه روافع قوة: بوسعه أن يقوم بعملين ينبغي لإسرائيل أن تخشاهما: حل السلطة الفلسطينية أو التوجه نحو تنازل تصريحي عن دولة فلسطينية والمطالبة بدولة واحدة متساوية الحقوق. إذا لعله مع ذلك من الأفضل ألا يرحل؟
يديعوت 2018-01-16
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews