كردستان ونقطة الذروة في نضال الاستقلال
جي بي سي نيوز :- 56 عاما مرت منذ اندلعت المعركة المستمرة من أجل استقلال كردستان في العراق ـ معركة ستصل ذروتها اليوم مع خروج الشعب الكردي لاستفتاء شعبي مصيري على مستقبله. وكما كل عملية سياسية في منطقتنا، أيضا للاستفتاء الشعبي هذا من المتوقع أن تكون هنالك تداعيات إقليمية واسعة من شأنها أن تؤثر أيضا في إسرائيل.
عندما نحلل علاقات إسرائيل مع المنطقة الكردية في العراق (كردستان الجنوبية أو الـ كي.آر.جي) يجب التمييز بين العلاقات العملية والعلاقات السرية. على المستوى الجماهيري يبدو أن هذه العلاقات غير موجودة بتاتا برغم أن أوساطا رسمية في إسرائيل يعلنون من حين إلى آخر تأييدهم للأكراد ودعمهم لقيام دولة كردية ـ تصريحات تقابل بصمت تام من جانب الأوساط الكردية الرسمية. في المجال الثاني، خلف الكواليس، توجد هنالك نشاطات لا بأس بها بين إسرائيل والأكراد، سواء على المستوى الأمني أو على المستوى الثقافي أو المستوى الاقتصادي، الذي في إطاره وردت تقارير بأن إسرائيل اشترت نفطا كرديا، وبهذا ساعدت كردستان في مواجهة الأزمة الاقتصادية الشديدة التي مرت بها في السنوات الأخيرة.
في الوقت الراهن إسرائيل هي من الدول القلائل التي أعلنت بصوت عال بوساطة العديد من الشخصيات الكبيرة ــ منهم رئيس الحكومة نتنياهو ــ دعمها لاستقلال كردستان. فقط مؤخرا أعلن رئيس الحكومة في لقاء مع أعضاء الكونغرس الأمريكيين موقفه المؤيد للأكراد، بقوله: إن الأكراد هم «رجال شجعان ومؤيدون للغرب ويشاركوننا قيمنا». بهذا وخلافا لدول أخرى تبنت موقفا ذا وجهين، في هذا الموضوع، فإن إسرائيل تواصل طرح موقف قوي، ربما من شأنه أن يؤثر في رؤية هذه الخطوة من قبل واشنطن.
قيادة الشعب الكردي تدرك جيدا أن الدعم العالمي ضروري لقيام دولة كهذه، ولهذا فقد أرسلت مبعوثين من أجل إقناع رؤساء الدول الاعتراف باستقلالها عندما تعلن ذلك.
إسرائيل هكذا يمكن الافتراض بدرجة كبيرة من الثقة، ستكون إحدى الدول الأولى التي ستعترف بالدولة الكردية، كما عملت عندما اعترفت بجنوب السودان سنة 2011 بعد يوم فقط من إعلان استقلاله. المقارنة بين كردستان وجنوب السودان مطلوبة بسبب عدد واسع من خطوط التشابه بين الحالتين، ولهذا فإن الاستفتاء الشعبي يمكن أن يستخدم ورقة قرص الشمس لفحص مقاربة المجتمع الدولي تجاه الأكراد، فيما إذا كانت معقولة وعادلة أو أنها تعاني من انحرافات وترجيحات ومعايير مزدوجة.
مهما يكن الأمر، ستكون لنتاج الاستفتاء الشعبي الكردي تداعيات بعيدة المدى على الشرق الأوسط. المعارضون لدولة كردية يحذرون من أن عملية كهذه ستؤدي إلى كارثة تجر الأكراد إلى حرب أهلية مع العراق وتضعضع استقرار المنطقة. بالمقابل، هنالك من يدّعون بأن إنشاء دولة كردستان سياعد في الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط ويقود إلى انتهاء دائرة الدم المتواصلة بين أربيل وبغداد منذ مئة سنة. إضافة إلى ذلك فإن دولة كردية مؤيدة للغرب، أكثر تسامحا وديمقراطية من جاراتها وأقل ميلا للإسلام السياسي من شأنها أن تكون عنصرا من عناصر الاستقرار في المنطقة، وهذا بالضبط ما يخيف الدول المجاورة.
وقوف إسرائيل واليهود إلى جانب التطلعات الكردية أساسه العلاقة التاريخية القائمة بين اليهود والأكراد، ولاعتبارات جيو ــ استراتيجية ودوافع أخلاقية ـ ضميرية. بالإمكان الافتراض أن هذه العوامل ستتواصل كونها قاعدة للعلاقات عندما تقوم دولة.
اسرائيل اليوم 2017-09-25
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews