الحب.. قبل الزواج ليس كما بعده؟

جي بي سي نيوز:- يبدأ الكثير من قصص الحب بنظرة... يتبعها لقاء... فتعارف... فحب كبير... ثمّ تتطوّر لتأخذ شكلها المشروع، ألا وهو الزواج. ولكن ما يلبث هذا الزواج أن يلقى الفشل، على رغم كونه ارتكز على أسس متينة. فكم من زواج بدأ بحبّ لا مثيل له، كحبّ قيس لليلى أو حب روميو لجوليات، وثم وصلتنا أخبار محزنة، مفادها أنّ هذا الثنائي قرر الإنفصال بسبب "هبوط" الحب و"اختفائه"! فهل حقاً يختفي الحب بعد الزواج؟ وكيف يمكن استرجاع شراراته بين الزوجين؟ وهل من نصائح يمكن أن تساعدهما؟
لا ينسى أحد منّا اللحظة الأولى لبدء دقات القلب عندما تخفق بسرعة، وشرارات الإعجاب التي تظهر في العيون عند لقاء الحبيب. ولكن بعد الزواج ومرور السنين، إنسحبت هذه العاطفة المُشِعّة عن وجه الحبيبين.
الزواج والحب والهورمونات
على الصعيد الكيميائي، يؤثّر هورمون الأوكسيتوسين في الحياة العاطفية عند الطرفين، كما تؤدي مادة الدوبامين دوراً بارزاً في الإنجذاب الجنسي والعاطفي، إلّا أنها تختلف مع مرور سنين الزواج. فهذه الهورمونات الكيميائية الموجودة في جسم كلّ إنسان، لا تضمن استمرار العلاقة لتأثير الكثير من العوامل النفسية عليها.
العاطفة ما بعد الزواج
تمرّ حياة الإنسان بعدة مراحل، ومنها مرحلة ما بعد الزواج. يستمر وجود الحب والعاطفة في هذه المرحلة، ولكن تظهر إلى جانب الأحاسيس العاطفية أحاسيس أخرى أساسية لحياة الثنائي وهي: الإحترام والتبادل في مشاركة الحياة اليومية.
من المعروف أنّ الحب والعاطفة أساسهما كيميائي ويعني ذلك وجود انسجام "جنسي" تجاه الشريك. ولكن لا يمكن نكران دور العامل النفسي في قبول هذا الشخص واختياره ليكون مشروع زواج وحبّ مستمر. من خلال "عقدة أوديب"، حيث يحبّ الصبي أمه ويكره والده، والعكس صحيح عند الفتاة التي تُغرم بأبيها وتصبح منافسة أولى لأمها، يختار الإنسان حبيبه مطابقاً للحب الذي عايَشَه بواسطة العقدة.
بعد الزواج، يبدأ الثنائي مرحلة جديدة في الحياة، إلا أنها تشكّل امتداداً للمرحلة السابقة مع المزيد من مشاعر الحب والرومانسية. ولكن للأسف، بعد فترة من الزواج، يعتاد الثنائي على بعضه، ويكتشف الشريكان أكثر بعضهما البعض فتظهر خيبات الأمل في مواقف شتّى، ما يدفع كلا الزوجين إلى التساؤل: أين الحب الذي كان يربطنا؟
من المؤكد أنّ هذا الحب لن ولم يختفِ، خصوصاً إذا كان الإنسجام الكامل والعاطفة أساس العلاقة. فالحب أحد الحاجات الإنسانية الأساسية حسب "ماسلو"، حيث يحتلّ المرتبة الثالثة، بعد حاجات الإنسان الجسديّة (الأكل والشرب والنوم)، والإحساس بالأمان. وشعور الإنسان بأنه يحبّ ومحبوب من الآخر يساعده على تخطّي المشاكل مهما كانت صعبة.
مراحل يمرّ بها كل زواج
يعتبر بعض المتزوجين أنّ الزواج ليس سوى انجذاب عاطفي أو حب. كما يعتقد آخرون أنّ الحب يستمر مدى الحياة. ولكن يختلف الوضع ميدانياً كل الإختلاف، خصوصاً بعد الإنجاب.
هذا لا يعني أنّ الحب يختفي في حياة الثنائي، بل يأخذ منحى وشكلاً آخر. وهناك 3 مراحل لأي علاقة:
المرحلة الأولى: مرحلة الحب الكبير والانبهار حيث للدوبامين دور أساسي في الإنجذاب العاطفي تجاه الشخص الآخر، كما للتكوين الشخصي دور فاعل في اختيار الحبيب.
في هذه المرحلة، لا يرى الثنائي إلّا الكمال في شخصية بعضهما بعضاً، كما يحاولان إظهار أفضل ما عندهما لجذب الآخر. تتميّز هذه المرحلة بالفرح والغبطة والإنشراح والسعادة المطلقة.
المرحلة الثانية: مرحلة اكتشاف الآخر، وتبدأ عادةً بعد الزواج. خلال هذه المرحلة، يكتشف كل شخص ميزات الآخر التي حاول أن لا يظهرها خلال المرحلة الأولى. وعادة ما تظهر بعض خيبات الأمل حيث يكتشف الثنائي أنّ الشخص الذي أحبّه ليس كاملاً، بل فيه عيوب.
هذا طبيعي جداً، فالصورة المزيفة التي صوّرها الثنائي عن بعضه، زالت وظهرت الحقيقة. قبول الآخر وشخصيته من أهم النقاط التي يمكن أن يقوم بها الثنائي، وإلا فإنّ نهاية الزواج محتّمة.
المرحلة الثالثة: مرحلة التعايش، وتشكل أهم وأصعب مراحل العلاقة في الزواج. بعد التعارف واكتشاف الآخر على حقيقته، وصل الطرفان إلى معرفة كاملة بعيوب بعضهما البعض. هما يصرّان عادة على تَشارك الحياة على رغم الاختلافات بينهما.
يتكيّفان ويحاولان التّعايش والتأقلم مع متغيرات علاقتهما. وعندما نتحدث عن هذه المرحلة أو المرحلة السابقة، هذا لا يعني أنّ الطرفين لا يمران من وقت لآخر بالمرحلة الأولى وهي مرحلة الإنبهار. فيؤدي الثنائي دوراً بارزاً لاسترجاع مرحلة الانبهار من وقت لآخر.
بعض النصائح لتجديد العلاقة بين الزوجين
يمكن للشريكين تجديد مشاعرهما من خلال تطبيق النصائح التالية:
- زيارة الأماكن التي كانا يزورانها قبل الزواج. فالذكريات والحنين يساهمان في استعادة الأوقات الجميلة التي عايَشاها.
- إستعمال الكلمات الرقيقة، ما يشعرهما بالإنجذاب تجاه بعضهما. لا يجب أن ينسى الرجل تقديم وردة حمراء لزوجته من وقت لآخر. كما يمكن أن تخصّص الزوجة هدية بسيطة لزوجها.
- الجنس والتحضير له من أهم الأوقات التي تستعيد الحرارة بين الزوجين.
- تسكّع الزوج والزوجة خارج البيت وحدهما (من دون الأطفال) من خلال اختيار مطعم يقدّم أطباقاً شهية أو مشاهدة فيلم مضحك وغيرها من النشاطات التي تنمّي روح العفوية وشرارات العاطفة بينهما.
باختصار، لا يمكن لمرحلة الإعجاب أن تنتهي، ولكنها تحتاج دائماً إلى التجدّد. لذا، فإنّ دور الزوج والزوجة على حد سواء مهم جداً في تقوية العلاقة من خلال المشاركة الحثيثة في الحياة اليومية.