الاستقرار السياسي والتنمية
لا شك ان الاستقرار السياسي في كل بلد يعتبر شرطا اساسيا لنمو البلد في كل القطاعات، وهذا ما حصل في الكويت في السنوات الثلاث الماضية.
وجود استقرار سياسي «نسبي» وغياب التأزيم، وتوافق السلطتين على امور عديدة، ادت الى سرعة بناء واقرار مشاريع حيوية وضخمة ومتنوعة، منها ما يخدم المرضى، ومنها ما يخدم الفن ومنها ما يخدم الاقتصاد على المدى البعيد، كإجراءات تصحيحية.
المهتم بالشأن الاقتصادي لا يملك ان ينتقد هذه الفترة تنمويا، الا ما يحدث من تأثيرات اقليمية ودولية، كجزء من نهاية الدورة الاقتصادية الطبيعية، وتبعات انخفاض اسعار النفط على الكويت.
الموضوع بسيط جدا، نحن لا نبحث عن مجلس «مثالي» عاجز عن الدفع بعجلة التنمية، لكننا نبحث عن مجلس «متوافق» مع السلطة التنفيذية، يساعد التنمية ويدفع بها، ولو استنكر بعض الساسة ذلك.
بطبيعة الحال السياسي يقتات على عدم الاستقرار، وخاصة التأزميين منهم، وهم كثر، فأغلبهم يشيرون الى المشكلة مع إلقاء اللوم على الطرف الآخر دون اقتراح حل «قابل للتطبيق» ومفيد على المدى البعيد.
لكن ثمة شيئا مختلفا في هذه الفترة السياسية، فهي مستقرة ومستمرة وصامدة رغم الظروف الدقيقة التي مرت على البلاد سياسيا، واقتصاديا وامنيا وبرلمانيا.
هذا الشيء ولله الحمد له بعد تنموي ايجابي وواضح للعيان، فقبل هذه الفترة كنا لا نصدق اي مشروع او مقترح او وعد حكومي او نيابي، ثم اصبحنا لا نصدق «سرعة» انجاز المشروع، اما الآن فوصلنا الى مرحلة عدم تصديق «القدرة» على تشغيل المشروع.. همومنا كمواطنين تغيرت، من تكذيب الى شك الى قلق، وقد وصلت المرحلة الآن الى ترقب.
تختلف او تتفق مع الأوضاع السياسية الحالية، لكن لا احد يستطيع نكران ايجابياته والموجودة على ارض الواقع والتي ستصمد لمدة سنين.
مشاريع ضخمة اقرت، وانجزت وسلمت، مشاريع وقوانين ملموسة وموجودة، لم تكن تقر لولا هذا التوافق الذي ظل الجميع يكابر على استمراريته، وبسبب هذا التوافق اصبحت هناك جرأة في الأفكار المقترحة منها تغيير التوقيت الرسمي للبلد في فترة الصيف.
كان السياسيون في المرحلة السابقة يعيشون حالة شك دائمة بكل الأطراف، كمن كان يريد النجاة وحده من الغرق، دائما ما تكون خطاباتهم مبطنة، نريد تحطيم اطراف وتجريد اطراف، نريد استرداد الحق، نريد اسقاط الوزير، كأن هموم المواطن لا يشعر بها غيره، وكأن الحل بالضجة والتهديد والوعيد، مطالبهم طبعا كانت نقية وصافية، ولا نشك في ذلك، لكن الطريقة والأسلوب والنهج والمنطق كان وما زال لا يصلح في هذا الوقت الحرج.
لن نقول إن السلطة التشريعية هي التي تصدرت هذه المرحلة، ولن نقول ان السلطة التنفيذية وراء هذه التغييرات الكبيرة، بل نقول ان توافق السلطتين فيما بينهما اساس هذه التغييرات والتطورات الملموسة.
دائما تذكروا، ان الخطة الجيدة القابلة للتنفيذ افضل بمراحل من الخطة المثالية «غير» القابلة للتنفيذ.
(المصدر: الأنباء 2016-09-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews