شركات النفط تتطلع إلى الربحية مع 50 دولارا للبرميل
خارج مؤتمر صناعة الطاقة الرائد في هيوستن، تكساس، هناك مهندس بترول مؤهل، يرتدي بدلة وربطة عنق بطريقة صحيحة، ويحمل لافتة مكتوب عليها: "من فضلك وظِّفني!".
كان ضحية أسوأ انكماش في القطاع منذ ثلاثة عقود، وهو واحد من 95 ألف شخص خسروا وظائفهم في صناعة النفط الأمريكية منذ عام 2014.
كل الاحتمالات ضدّه. شركات النفط تعمل على وضع قواعد تكلفة أقل تتيح لها النجاة في عالم يمكن أن تبقى فيه أسعار النفط الخام عند 50 دولارا للبرميل لعدة أعوام مقبلة.
قبل عامين لاحظ، جون واتسون، الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون، أن "سعر 100 دولار للبرميل يُصبح الـ 20 دولارا الجديدة". كان يعني أن تكلفة إيجاد واستخراج النفط ارتفعت كثيراً بحيث إن الشركات، مثل شركته، احتاجت إلى سعر نفط خام أعلى بشكل لتحقيق الربحية نفسها التي كانت ممكنة في مستويات أقل بكثير قبل عقد من الزمن. واليوم، يبدو أن 50 دولارا هي الـ 100 دولار الجديدة".
ويوم الثلاثاء حذّر علي النعيمي، وزير البترول السعودي، المسؤولين التنفيذيين في مؤتمر IHS CERAWeek في هيوستن، مُنتجي النفط مرتفع التكلفة بأن "عليهم أن يجدوا وسيلة لتخفيض تكاليفهم، أو اقتراض النقود، أو التصفية".
النفط صناعة دورية، وثمة إجماع عام في الأوساط النفطية على أن الأسعار الحالية البالغة نحو 34 دولارا للبرميل بالنسبة لخام برنت منخفضة بشكل غير مُستدام. لكن المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط لا يتوقّعون ارتفاعا إلى أي شيء قريب من سعر 100 دولار.
صناعة النفط الصخري الأمريكية التي ساعدت في تسريع انهيار أسعار النفط، مع طفرة إنتاج تُغذيها الديون، تعيش الآن ضائقة مالية وخيمة. "كونتيننتال ريسورسيز" و"وايتنج بتروليوم"، أكبر شركتيّ إنتاج في تشكيل حوض باكن في ولاية داكوتا الشمالية، أحد معاقل تلك الطفرة، قالتا الأسبوع الماضي إنهما بصدد إيقاف الإنتاج من أي آبار جديدة في المنطقة.
لكن عندما ترتفع الأسعار مرة أخرى، يقول مسؤولون تنفيذيون إن النشاط سيعود والإنتاج يُمكن أن يبدأ في الارتفاع مرة أخرى. وعودته قد تستغرق بعض الوقت، اعتمادا على حماس المستثمرين للالتزام برأسمال جديد، لكن الزيت الصخري يُمكن أن يكون بمثابة سقف فوق الأسعار على المدى الطويل.
ديفيد هاجر، الرئيس التنفيذي لشركة ديفون إينرجي المستقلة، يقول بسعر نفط يبلغ 55 إلى 60 دولارا "الغالبية العظمى" من حقول الزيت الصخري تكون قابلة للحياة اقتصادياً.
آخرون يضعون رقما أعلى. سكوت شيفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة بايونير ناتشورال ريسورسيز، وهي شركة مستقلة رائدة أخرى، يُشير إلى أن النفط قد يحتاج إلى أن يكون عند 60 دولارا إلى 70 دولارا حتى ينمو إنتاج الزيت الصخري في الولايات المتحدة. مع ذلك، لا أحد يتحدث عن سعر 90 دولارا أو 100 دولار.
سيكون على الجميع في الصناعة تعلّم المنافسة بأسعار تتأثر بالزيت الصخري الأمريكي. ونظراً لعدم اليقين في هذا المجال - أعمال الزيت الصخري في الولايات المتحدة جديدة للغاية ولم تتعرض بعد لدورة واحدة كاملة من النمو الانخفاض والارتفاع - يبدو من المنطق إلقاء نظرة حذرة إلى أي مدى يُمكن أن ترتفع الأسعار.
بحسب ريان لانس، الرئيس التنفيذي لشركة كونوكوفيليبس، أكبر شركة تنقيب وإنتاج في الولايات المتحدة، التحسّن سيأتي: "الأمر فقط أنه لا يُمكنك المراهنة على قدومه بسرعة (...) يجب أن تكون مستعداً لكونه سيستغرق فترة أطول قليلاً".
في بريتش بتروليوم، يستعدّون لتكون الشركة قادرة على تغطية نفقاتها الرأسمالية ومدفوعات أرباح أسهمها من تدفقات النقود فيها بسعر نفط يبلغ نحو 50 دولارا. في العام الماضي قالت "بريتش بتروليوم" إنها كانت تهدف بلوغ مستوى التعادل بسعر يبلغ 60 دولارا للبرميل، لكن لامار ماكاي، نائب الرئيس التنفيذي، يقول إن المسؤولين التنفيذيين يعتقدون أن بإمكانهم "ربما فعل ما هو أفضل من ذلك بقليل".
بعض من خفض التكاليف يأتي من تخفيض الأسعار التي يتقاضاها المورّدون، لكن نحو النصف إلى الثلثين، كما يقول ماكاي، يأتي من "المساعدة الذاتية": تحسين الكفاءة بما في ذلك خفض الوظائف. وقد أعلنت "بريتش بتروليوم" أنها ستسرح سبعة آلاف عامل. ويقول ماكاي إنه يتوقع "تجاوز ذلك قليلاً" بحلول نهاية العام.
لقد تمت إعادة تصميم مشروع النفط "ماد دوج 2" المُقترح من بريتش بتروليوم في خليج المكسيك، مثلا، لجعله أقل تكلفة، والشركة الآن تُساوم مع المورّدين لجعل الجوانب الاقتصادية تنجح قبل الالتزام بالاستثمار.
هناك شركات أخرى تطبق إجراءات مماثلة. "شتات أويل"، شركة النفط النرويجية، تهدف إلى خفض السعر اللازم لعمليات النفط الصخري الأمريكي الخاصة بها إلى مستوى تعادل عند 50 دولارا للبرميل في عام 2018، بدلا من 90 دولارا في عام 2014.
ويقول تورجريم رايتان، رئيس التطوير والإنتاج في شركة شتات أويل في الولايات المتحدة: "الأمر يُعتبر بمثابة ثورة بالنسبة لشركات مثل شركاتنا".
مارفين أودم، رئيس أعمال الولايات المتحدة في "رويال دتش شل"، الذي أعلن عن مغادرته الأسبوع الماضي، يقول إن الشركة تملك نهجا مماثلا بالنسبة لعملياتها للنفط والغاز الصخري في أمريكا الشمالية.
وكانت الصناعة في مثل هذا الوضع من قبل. ففي أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009، كانت أسعار النفط أيضاً في مستويات منخفضة عند نحو 30 دولارا، وكان هناك حديث عن إعادة تنظيم قواعد التكاليف في شركات النفط وطرق العمل، لكن بعد ذلك ارتفع النفط بسرعة.
يقول ماكاي: "أنا بالكاد أتذكر ذلك. التغيير الأساسي الذي يُعتبر ضروريا في سلوك أعداد كبيرة من الناس - سواء المُشغّلين أو المُتعاقدين - لم يتسنّ له الوقت للترسّخ (...) أفاق الجميع للحظة، ومن ثم بدأت الحفلة مرة أخرى".
ويعتقد أنه قد لا يتم ارتكاب تلك الأخطاء نفسها مرة أخرى. "هذا يبدو أكثر جوهرية. مفاجأة إنتاج خمسة ملايين برميل في اليوم من الزيت الصخري الأمريكي، والسرعة التي تم إدخاله بها إلى السوق: هذه مسألة عرض وطلب أساسية يجب أن يتم حلّها".
في الإطار نفسه، انطلقت أول سفينة محمّلة بالغاز الصخري الأمريكي من إحدى المحطات في لويزيانا الأسبوع الماضي. وكان ينبغي لشريف السوقي أن يحظى بلحظة نصر، لكن بدلاً من ذلك عليه البدء من الصفر مجددا.
بنى السوقي محطة التصدير عندما كان يتولى منصب الرئيس التنفيذي لشركة شينيير إينرجي، ليقود عصرا جديدا ينافس فيه الغاز الأمريكي في أسواق أوروبا وآسيا وأماكن أخرى. لكن مجلس إدارة شينيير أطاح به في كانون الأول (ديسمبر) بعد الاعتراض على خططه لتجاوز برنامج عمل طموح بالفعل. وكان مجلس الإدراة يخضع لضغوط من كارل إيكان، المستثمر الناشط الذي يملك حصة في الشركة.
الآن، بعد شهرين من التزلج والتفكير، يبدأ السوقي مرة أخرى في التنافس مع شركته القديمة. وهو يعكف الآن ـ مع شريك له ـ على تطوير شركة أخرى للغاز الطبيعي المُسال، بدءاً من موقع إلى الشرق من حوض سابين باس، في كالكوزيو، لويزيانا.
وتتوقّع وكالة الطاقة الدولية أن الطاقة التصديرية العالمية للغاز الطبيعي المُسال سوف تزيد أكثر من 40 في المائة بحلول عام 2020، في الغالب من أستراليا والولايات المتحدة.
وصول الولايات المتحدة باعتبارها لاعبا مهما كان يبدو أمراً غير محتمل. فقبل عقد من الزمن كان إنتاج الغاز في الولايات المتحدة يتراجع، وبحلول العقد الثاني من الألفية كان من المتوقع أن تكون أمريكا من الدول المستوردة للغاز الطبيعي المُسال وليس الدول المُصدّرة.
لكن إعلان شركة شينيير أن الناقلة "آسيا فيجين" غادرت المرسى في محطة التسييل سابين باس التابعة للشركة يوم الأربعاء، مُتّجهة إلى البرازيل محملة بالغاز الطبيعي المُسال، أثبت أن المحللين على خطأ.
الشركة القائمة في هيوستن تواصل التوسّع، حيث أضافت وحدات لزيادة إجمالي الطاقة الإنتاجية إلى 31.4 مليون طن سنوياً - أقل قليلاً من نصف الطاقة التصديرية للغاز الطبيعي المُسال قيد الإنشاء في الولايات المتحدة. لقد واجهت مشاريع الغاز الطبيعي المُسال الجديدة صعوبات بسبب انخفاض أسعار النفط، لأن كثيرا من المبيعات من المورّدين الحاليين مرتبطة بمؤشرات النفط الخام.
مع ذلك، السوقي وشريكه، مارتن هيوستن، المسؤول التنفيذي السابق في مجموعة بي جي، غير منزعجين. فقد أعلنا الأسبوع الماضي عن تشكيل شركة تيلوريان إنفستمينتس، التي تنوي بناء مشاريع للغاز الطبيعي المُسال على ساحل الخليج الأمريكي، بدءاً من مشروع لويزيانا.
وقال السوقي: "نحن نعتقد أن هذا التركيز على المدى القصير على التوازن بين العرض والطلب في غير محلّه".
وتنتظر عشرات مشاريع الغاز الطبيعي المُسال الأمريكية الأخرى موافقة الهيئات التنظيمية.
نيل شير، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي المؤقت في شركة شينيير، قال إن أول شحنة كانت "بداية تحوّل الولايات المتحدة إلى مورّد موثوق في سوق الغاز الطبيعي المُسال".
(المصدر: فاينانشال تايمز 2016-02-27)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews