Date : 01,05,2024, Time : 07:17:46 PM
2616 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 11 ربيع الأول 1437هـ - 23 ديسمبر 2015م 01:47 ص

القطاع الخاص والأسعار

القطاع الخاص والأسعار
عبد الفتاح الجبالي

تناولنا على مدى عدة مقالات الأطر المؤسسية ومجموعة القواعد والقوانين الاقتصادية التى تؤثر فى الجهود المبذولة واللازمة لاحتواء التضخم وتهدئة الاسعار،

باعتبارها الاليات الداعمة لتحرك الدولة للحد من الآثار السلبية لهذه الظاهرة والتى تؤثر بشدة على الشرائح الاجتماعية الفقيرة جنبا الى جنب مع الطبقة المتوسطة. ونعرج الان الى تناول الفاعل الاخر فى العملية وهو القطاع الخاص، الذى يعد وبحق اللاعب الرئيسى والحاسم بالأسواق. خاصة بعد ان تبنت الحكومات المختلفة استراتيجية تنموية قوامها الاعتماد على آلية السوق وجهاز الثمن، باعتبارهما المحور الأساسى لرفع كفاءة الاقتصاد القومي. ومن ثم إحداث التنمية المنشودة للبلاد. وفى هذا الإطار قامت الحكومات باتخاذ العديد من الاجراءات والسياسات الهادفة الى ازالة القيود والمعوقات التى تحول دون قيام هذا القطاع بدوره فى العملية الانتاجية ولذلك أفسحت المجال واسعا له للدخول فى معظم مجالات النشاط الاقتصادى فأصبح يسيطر سيطرة كبيرةعلى انتاج وتداول عدد كبير من السلع والخدمات الاستهلاكية والوسيطة والاستثمارية ومن ثم اصبح المتحكم الأساسى فى المعروض من السلع بالأسواق، وقادرا على التحكم فى الأسعار التى تباع بها, واصبح يسهم بنحو 70 % من الناتج القومى . كما يعمل به نحو 75% من المشتغلين على الرغم من ان معظمهم فى القطاع غير الرسمي.من هنا تأتى أهمية اللقاءات التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الأيام الماضية. مع بعض مؤسسات القطاع الخاص مثل اتحاد الغرف التجارية وأصحاب السلاسل التجارية وغيرهما.وذلك فى محاولة منه لتشجيعهم على المساهمة فى ضبط الأسواق وتهدئة الضغوط التضخمية.

ومع تسليمنا الكامل بأن مشكلة التضخم ترجع بالأساس الى أسباب هيكلية فى بنية الاقتصاد القومى والتى يأتى على رأسها تراجع الإنتاج وانخفاض إنتاجية العديد من القطاعات السلعية خاصة الزراعة والصناعة وازدياد الطاقات العاطلة وسيادة الاحتكارات فى العديد من المنتجات الامر الذى ادى الى تزايد الحاجة للاستيراد لتغطية الاستهلاك المحلي، خاصة من المواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج مما انعكس بدوره على المستوى العام للأسعار، الا اننا نرى ان هناك إمكانات كبيرة لمساهمة القطاع الخاص فى تهدئة الضغوط التضخمية السائدة بالبلاد وهو ما ينعكس بالإيجاب على المناخ الاستثمارى ويساعد القطاع الخاص نفسه على إجراء وتقدير جدوى استثماراته المستقبلية بصورة صحيحة تمكنه من اتخاذ القرار الاستثمارى السليم.ومع تسلمنا الكامل بأن التعامل الجدى مع هذه المسالة يتطلب استراتيجية شاملة وكاملة للعلاج على المديين المتوسط والطويل تأخذ بعين الاعتبار التصدى لجميع المشكلات البنوية فى المجتمع، الا ان هذا لا يعنى غياب الرؤية قصيرة الاجل والتى تعمل جنبا الى جنب مع الخطة بعيدة المدي.

من هذا المنطلق يجب العمل على تدعيم المبادرات الحالية المطالبة بتخفيض أسعار المنتجات الرئيسية والتى يستهلكها السواد الأعظم من الجمهور، وهى مسألة تحقق مصلحة الطرفين فمن جهة تتيح للمستهلك السلعة بأسعار مناسبة، ومن جهة اخرى تؤدى الى زيادة الطلب عليها ومن ثم تنشيط عجلة الإنتاج واعادتها للدوران مرة اخري. وبعبارة اخرى يجب المواءمة بين اعتبارات الربح من جانب المستثمرين وحق المواطن فى الحصول على السلعة بأسعار مناسبة، وكما ذكر وبحق البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة اذا كان هناك انتصار للرأسمالية على الصعيد العالمى فيجب ألا يكون ذلك مشجعا للجشع الإنساني،

وهناك إمكانات هائلة لتنفيذ هذا الاقتراح، حيث تتسم السوق المصرية بسمة مهمة فى هذا المجال وهى ارتفاع هامش الربح بصورة كبيرة، خاصة فى مجالات السلع الاستهلاكية والغذائية,والذى يتراوح بين 40% و75% فى حين لا يتجاوز نظيره بالأسواق العالمية 8% فقط. وهذا سبب منطقى فى ضوء كون السلع غير القابلة للتداول ليست محكومة بعوامل السوق الدولية وبالتالى فأسعارها تتحرك بحرية فى الأسواق الداخلية بينما السلع الأخرى تتأثر بعوامل السوق الدولية، وهذا الاختلاف النسبى فى الأسعار يشجع على إنتاج المزيد من السلع للأسواق المحلية وليس العكس. وبتالى فان تخفيض الأرباح بنسبة معقولة لن توثر على حجم الاستثمارات التى يقوم بها القطاع الخاص، بل على العكس من ذلك تماما. وهنا قد يرى بعض المستثمرين ان الظروف الحالية غير مشجعة على ذلك فى ضوء الزيادات المستمرة فى تكاليف المدخلات سواء تعلق ذلك بأسعار الطاقة او غيرها من مستلزمات الإنتاج، وعلى الرغم من الوجاهة النظرية فى هذه المقولة الا انها ليست صحيحة على الاطلاق فمازالت معظم التكاليف الأخرى ثابتة ومعقولة الى حد كبير فمازال العامل المصرى من ارخص الأجور خاصة مع رفض تطبيق الحد الأدنى للأجور من جانب معظمهم. ومازالت أسعار مدخلات الإنتاج، رغم زيادتها خلال الفترة الماضية، مناسبة تماما إذا ما قورنت بالبلدان المنافسة. خاصة فى ضوء الامتيازات الأخرى التى يحصل عليها هذا القطاع.

وفى هذا السياق أيضا يجب إعادة صياغة لغة الخطاب لدى جمعيات رجال الاعمال والمستثمرين، اذ غالبا ما تتم المساومة مع الحكومات لانتزاع بعض المكاسب لتنفيذ سياسات معينة, فحين تطالب الحكومة القطاع الخاص بإنجاز مهمة محددة نجده يشترط شروطا كثيرة وصعبة التحقيق مما يعوق المفاوضات او الاتفاق وهى أمور تنبع من الحرص على المصالح الشخصية واهمال المصلحة العامة والأدلة على ذلك كثيرة ومتنوعة.

وبالتالى هناك دور مهم وحيوى يقع على كاهل القطاع الخاص المصرى خاصة خلال المرحلة الراهنة والتى تمر بها البلاد بمرحلة غاية فى الخطورة وتتطلب مشاركة فعالة وقوية لهذا القطاع إذا أراد ان يكون شريكا حقيقيا وفاعلا فى العملية التنموية بالبلاد. ويتمحور هذا الدور أساسا فى المساهمة الجادة والحقيقية فى استقرار الأسواق وإعادة الانضباط للأسعار.

مما سبق يتضح لنا أن علاج التضخم والحد من ارتفاع الاسعار يتطلب اتخاذ حزمة متكاملة من الاجراءات والسياسات تعمل على رفع الطاقة الاستثمارية ورفع معدلات استخدام الطاقة العاطلة وإصلاح الهياكل التنظيمية والمؤسسية للاقتصاد المصري، ذلك لان سياسات إدارة الطلب هى بطبيعتها سياسات قصيرة الآجل، ويكون نجاحها على حساب مستويات التشغيل والإنتاج، فى حين أن الهدف النهائى من العملية الإنتاجية هو رفع معدل النمو، لكى ينعكس على مستويات معيشة ورفاهية الأفراد. كما يتطلب إصلاح نظام السوق لايجاد مناخ ثقافى، وتوحيد قواعد اللعبة والحد من الاحتكارات وتشجيع المنافسة. وكما ذكر وبحق المفكر الاقتصادى المصرى د. رمزى زكى اذا كان التضخم قد بات من الامرض الاقتصادية والاجتماعية المتوطنة بالبلاد فما احرانا ان نكافحه بكل الطرق وبمختلف الأسلحة الفعالة من اجل الا نجعله مرضا متوطنا فى مصرنا العزيزة.

(المصدر: الأهرام 2015-12-23)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد