الإتفاق النووي مع إيران والموقف العربي المنتظر
بدا الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس قبل الماضي كالإسكندر المقدوني عندما أعلن التوصل لاتفاق مع إيران .
الأوراق الأربع التي نشرت حول هذه الإتفاقية لا تخرج - وفق رأيي - عن هذه القراءة التي ألخصها بالتالي :
* الهامش الزمني الذي حددته الإتفاقية هو ما بين 25 - 15 - سنة .
* تحتاج إيران لمدة سنة لتتمكن من صنع قنبلتها النووية .
* اصبحت كل منشآت إيران النووية تحت الرقابة الدولية وبصرامة .
* إلغاء جميع العقوبات الدولية على إيران إن أثبتت التزامها بالإتفاقية ( أتحدث هنا عن اتفاقية حزيران وليس اتفاقية الإطار هذه التي هي نسخة مصغرة عنها لأن كل طرف يفسر رفع العقوبات بطريقته ) .
* اعتراف المجتمع الدولي بإيران كقوة إقليمية وقادرة على إنتاج قنبلة نووية .
* موافقة إيران على تجميد مشروعها التسليحي النووي وليس على إلغائه .
* إبقاء البنى التحتية الإيرانية لتصنيع قنابل نووية في يد الدولة الفارسية ( أي أنه لم يتم إزالة هذا الخطر ، بل تجميده لمدة عام ) .
* موافقة إيران على عدم تخصيب اليورانيوم فوق 3.67% لمدة 15 عاما .
* عدم بناء مفاعلات جديدة طوال المدة المذكورة .
هذا ما تم الإعلان عنه بالإجمال ، ولكن من المتوقع أن يكون هناك ملحق سري وهو احتمال وارد .
هذه أبرز ما تضمنته الإتفاقية المبدئية ، وأعتقد أن الخطورة فيها هي إبقاء البنية التحتية النووية كما هي ، مما قد يضع مخاوف من أن إيران راهنت على تقلبات الظروف الدولية قبل أن توافق على هذه الإتفاقية تحت ضغط العقوبات : فالتحالفات تتغير بتغير المصالح ، والسياسة الدولية كالرمال المتحركة .
اللافت في الموضوع أيضا : أن أوباما وبعد إعلانه الفتح المبين هذا ، دعا الدول الخليجية الست إلى اجتماع في كامب ديفيد لمناقشة التعاون بين بلاده وبين هذه الدول ، وتأكيد التزام الولايات المتحدة بأمنها ، وهو كلام كما تعلمون " في الهواء "، إذا أخذنا مثالا على " هوائيته " احتلال إيران لعواصم عربية بدعم أمريكي مباشر ( العراق ) أو غير مباشر ( دمشق وصنعاء وبيروت ) ، أو احتلالها لاراض عربية بالقوة المسلحة ( جزر إلإمارات) .
فإذا كان من حق إيران تخصيب اليورانيوم ، وإنشاء مفاعلات نووية وصناعة صواريخ بعيدة المدى ، فإنه آن الأوان للعرب الحصول على هذه التقنيات التي تضمن أمنهم واستقرار بلدانهم ومستقبل ابنائهم ، وهو ما نعتقد أنه سيكون في المرحلة العربية القادمة ، إذا لم يبتلع العرب " الطعم " ويصدقوا أن هذه الإتفاقية لن تشكل خطرا عليهم .
ليس مستغربا بعد الآن ، أن نرى صور أوباما تعلق بجانب جداريات خامنئي في قلب طهران ، ولا أستغرب ، في قادم الأيام ، أن نرى تدريبات عسكرية مشتركة تجمع مشاة البحرية ( المارينز ) والحرس الثوري ولواء جبعاتي الإسرائيلي ( لا تغرنكم جعجعات نتنياهو ) وهو أمر سيغيظ العرب بلا شك ، ولكنهم قادرون على النهوض إذا أخلصوا النية ، وأحسنوا التدبير وبدأوا فعلا بالإعتماد على أنفسهم ومواردهم وطاقاتهم وتوظيفها كلها في صالح المستقبل ، وما عاصفة الحزم عن ذلك ببعيدة .
الآن الآن ارتاح أوباما ، وسجل هدفا في سياسة خارجية عرجاء طوال حقبتيه المظلمتين اللتين لم ينجز بهما أي شيء ، ويبدو أنه بدأ بالفكاك من عقدته التي لازمته طويلا وهو ترك إنجاز سياسي خارجي في سجله الرئاسي يتحدث عنه التاريخ .
على العرب أن يقفوا الآن ، ويقتنعوا اقتناعا جازما بما قاله الإمام الشافعي الذي يقاتل الحوثيون الإثنا عشريون أتباعه في اليمن ، عندما قال :
ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك
وإذا قصدتَ لحاجة فاقصد لمعترفٍ بقدرك !.
د . فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews