Date : 25,04,2024, Time : 11:32:02 AM
3599 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 24 محرم 1442هـ - 12 سبتمبر 2020م 01:19 ص

جيوب حكومية لا تمتلئ وعقوبات تجفف الأمعاء… لهذا بدأ المواطن اللبناني يخزن الوقود والغذاء

جيوب حكومية لا تمتلئ وعقوبات تجفف الأمعاء… لهذا بدأ المواطن اللبناني يخزن الوقود والغذاء
هآرتس

في أسفل قناة لنهر الأولي، على بعد بضع كليومترات شمال بلدة جزين، دفنت نحو 320 مليون دولار. ولكن لا توجد جدوى من الخروج في حملة بحث للعثور على هذا الكنز الضخم. فقد سرقه في السابق أصحاب الأرض وموظفو الحكومة ومقاولون وشركات استشارية وهندسية، ووضعوا في جيوبهم ما كان يجب أن يكون القاعدة التمويلية لبناء سد بسري. قدرت تكلفته بنحو 617 مليون دولار، وهو مبلغ معظمه، نحو 477 مليون دولار، كان من شأن البنك الدولي أن يقرضه للحكومة، وباقي المبلغ كان على الحكومة أن تستكمله. في الأسبوع الماضي أعلن البنك الدولي عن تجميد المشروع ووقف الجزء الأخير من القرض، نحو 240 مليون دولار.

“التجميد” مفهوم ذو نغمة متفائلة، وإذا لبت حكومة لبنان شروط البنك، فمن شأنه استئناف تمويل المشروع الذي استهدف توفير المياه الجارية بسعر رخيص وكمية وفيرة لأكثر من مليون ونصف شخص من سكان جبل لبنان وضواحي بيروت. يدفع سكان المنطقة الآن نحو 20 دولاراً ثمن متر مكعب من مياه تصلهم في الصهاريج. وحسب التقديرات، فإن إقامة السد كانت ستخفض السعر إلى 4 دولار للمتر المكعب. قبل خمس سنوات، تم التوقيع على الاتفاق بين حكومة لبنان والبنك الدولي، في فترة كان لبنان لا يزال فيها قادراً على الوفاء بالتزاماته بعيدة المدى، فقد كانت للحكومة الفاسدة صورة الحكومة التي تهتم بمصالح مواطنيها. الرابحون الأوائل من الأموال الدولية هم أصحاب الأراضي الذين حصلوا على تعويض عن مصادرة أراضيهم ونقل بيوتهم من المنطقة التي كان يجب إقامة السد عليها. وجاءت بعدهم شركة استشارية لبنانية هي “دار الهندسة” التي استأجرتها الحكومة لفحص جدوى السد، وبعد ذلك تم تعيينها لمعالجة المصادرات والتخطيط والإشراف على بناء النفق والأنبوب الرئيسي للسد.

في هذه المرحلة ارتفع بخار الفساد وغطى الوادي الجميل، حيث كان النهر يتدفق، في الوقت الذي كانت فيه الشركة الاستشارية جزءاً من طاقم المقاولين، وكان من الواضح أن الأموال لن تخدم احتياجات الجمهور. وبعد فترة قصيرة، بدأت جمعيات مدنية ونشطاء جودة البيئة وسكان المنطقة بالاحتجاج على بناء السد بذريعة أنه سيضر بالغابات الكثيفة وسيدمر مكان النباتات والحيوانات، ولن يوفر كمية المياه الموعودة، وسيغير نمط الحياة في المنطقة. وكان الخوف الأشد أن مئات ملايين الدولارات التي ستستثمر في السد لن تصل إلى هدفها، مثلما حدث مع المليارات التي ضختها الحكومة لشركة الكهرباء ومشاريع معالجة القمامة وصيانة الميناء وإعادة إعمار لبنان، التي لم تحقق الهدف منها. لبنان الغارق في ديون تبلغ 90 مليار دولار لا يمكنه الدخول في مغامرة تكلف مئات الملايين، قال المعارضون.

فهم البنك الدولي مؤخراً أن هناك مشكلة حول السد. صحيح أن الاتفاق مع حكومة لبنان يلزمها بالاهتمام بإعادة تأهيل الغابات بعد عملية البناء، ونقل كنيسة قديمة في المنطقة، التي من المتوقع أن تدمر إذا تم بناء السد، ولكن احتجاج الجمهور الذي زاد في هذه السنة إلى جانب مماطلة حكومة لبنان في الوفاء بباقي مطالب الاتفاق، جعلت البنك الدولي يعلن في حزيران عن نيته الانسحاب من المشروع. ولكن الرئيس ميشيل عون الذي يتولى حزبه ملف الطاقة، صمم وطلب من البنك تمديداً إضافياً. وافق البنك على التمديد حتى 4 أيلول، مع معرفته أن الحكومة لن تتمكن من الوفاء بالمتطلبات حتى هذا الموعد.

نشطاء جودة البيئة الذين قاموا خلال أشهر بالتظاهر والاحتجاج قرب موقع السد، احتفلوا بقرار البنك الدولي. بوكان هذا لهم انتصاراً ليس فقط على مكرهة بيئية خطيرة، بل انتقاماً جميلاً سيمنع النخبة الحاكمة والمقربين منها من قناة أخرى لامتصاص الأموال العامة ونقلها إلى جيوبهم. ماذا سيحدث للأموال التي استثمرت في السابق؟ في موقع البنك الدولي نشرت صفحة خاصة تشمل أسئلة وإجابات عن قرار تجميد المشروع، كتب فيها بأن حكومة لبنان هي التي عليها استرداد الأموال من الذين حصلوا على التعويضات في السابق، أو دفعات مقابل خدمات. لأن البنك يعمل أمام الحكومة وليس أمام “الزبائن”. يمكن التخمين بدرجة كبيرة من الثقة أن الأموال ستبقى في أيدي من حصلوا عليها، وربما يكون هذا جيداً، ويمكن لأصحاب الأراضي الذين تم إخلاؤهم أن يستفيدوا منها حتى لو لم يتم بناء السد.

بين واشنطن وباريس

الحكومة منشغلة في هذه الأثناء، وإذا كان يمكن تسمية النشطاء السياسيين الذين يديرون منافسة ليّ الأذرع ضد بعضهم في تشكيل قائمة متفق عليها لوزراء، سيعملون تحت رئيس الحكومة المعين مصطفى دياب. وستكون لهذه الحكومة الجديدة مهمتان رئيسيتان، وهما تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، كما يطالب صندوق النقد الدولي، وتنفيذ الخطة التي طرحها رئيس فرنسا، إمانويل ماكرون، في زيارته الأخيرة لبيروت. وهذه تشمل تشريعاً ينظم فرع البنوك ومكانة جديدة ومستقلة للبنك المركزي، وفحص شفاف وأكثر دقة، وتحقيق نشاطات البنك المركزي في السنوات الأخيرة، وإقامة جهاز له أسنان تقتلع الفساد الذي تحول إلى أساس راسخ لسلوك الحكومة في الدولة، وأيضاً قانون انتخابات جديد يعطي تمثيلاً مناسباً لشرائح أخرى من السكان ويحاول إلغاء توزيع الوظائف حسب الطوائف.

لن يستطيع لبنان بدون تنفيذ الإصلاحات الحصول على الـ 11 مليار دولار التي وعد بها في مؤتمر الدول المانحة المنعقد في 2018، أما القرض الذي طلبه من صندوق النقد الدولي، فيواصل الطرفان المراوحة في المكان عينه بعد تسع لقاءات. وقعت حكومة لبنان هذا الأسبوع على اتفاق لفحص سلوك البنك المركزي مع شركة الاستشارات الأمريكية “الفرز آند مارسال”، التي ستفحص أداء البنك المركزي وستوصي بخطوات لتغيير وتحسين أدائه، لكن الخوف هو أن تحدث التوصيات -بين الفحص وتطبيق- فجوة كبيرة يكون مصدرها تصفية الحسابات السياسية الداخلية.

ليست النخب في لبنان فقط هي التي تتناقش وتتخبط في مسألة تشكيل الحكومة والطريق التي يمكن فيها تنفيذ الإصلاحات دون المس بالملذات التي اعتادت هذه النخب الحصول عليها. ومن أجل إظهار التصميم على تشكيل ملامحها، فرضت واشنطن عدة عقوبات على شخصيات سياسية، شخصيتان منها قد تكونان مرشحتين لوظائف وزارية، الأول هو يوسف بنيانوس الذي شغل من قبل وزارة المواصلات والأشغال العامة، والثاني علي حسن خليل الذي كان وزير المالية في الأعوام 2014 – 2020، ووزيراً للصحة في الأعوام 2011- 2014. العقوبات تجمد أملاكهم وأموالهم الشخصية، ويتوقع معاقبة أي شخص أو أي شركة تجارية، بالأحرى حكومية، تعقد معهم علاقات تجارية. حسب التبريرات التي نشرتها وزارة المالية الأمريكية لفرض العقوبات، فإن هذين السياسيين ساعدا حزب الله في السنوات الأخيرة، ونقلا إليه ميزانيات ضخمة وتجاوزا الحظر الذي فرض على البنوك في لبنان بفتح حسابات وعقد صفقات عن طريقهم، وفي المقابل حصلا على امتيازات سياسية وأموال من المنظمة.

اعتبرت العقوبات الجديدة في لبنان محاولة أمريكية للتدخل في طريقة تشكيل الحكومة، وكرسالة لرئيس الحكومة الجديد للامتناع عن ضم أعضاء حزب الله لحكومته. وفي الوقت نفسه تسعى السياسة الأمريكية إلى إبراز الاختلاف في المواقف بين واشنطن وباريس. خلافاً لترامب، لا ييشترط ماكرون عدم ضم أعضاء حزب الله للحكومة، وما زالت فرنسا تفصل بين الذراع العسكري لحزب الله والذراع السياسي. ولكن رئيس الحكومة دياب، الذي كان سفير لبنان في ألمانيا وتنقصه التجربة السياسية، سيضطر إلى المناورة بين مراكز القوة المتخاصمة في لبنان، بل وبين فرنسا والولايات المتحدة، ومواجهة رأي عام صاخب تلقى ضربة شديدة في ميناء بيروت.

لا يمكن لهذا التحدي الفوري انتظار تشكيل حكومة جديدة تعالج آلاف مصابي الانفجار الذين نجحت فرنسا في أن تجند من أجلهم نحو 300 مليون دولار، التي تنتظر تشكيل جهاز تقييم وإشراف على توزيع هذه الأموال. إن هذه الأموال -حسب الشرط الذي وضعه ماكرون- لا يمكن أن تمر عبر أجهزة الحكومة خشية من أن تجد طريقها إلى الجيوب الشخصية أو تمويل نشاطات سياسية. في هذه المرحلة، تبدو منظمات مدنية وجمعيات خيرية هي التي تتسلم جزءاً من الأموال لمساعدة في الاحتياجات الفورية. هذه الجمعيات ملزمة بالحصول على تصريح خاص من الجيش الذي يعمل كوسيط بينها وبين مصادر التمويل. حوالي 385 جمعية كهذه تم تسجيلها. ولكنها تعمل دون تنسيق أو رقابة. جزء منها يعمل في تصليحات بسيطة مثل تركيب الزجاج الذي تحطم، وإصلاح النوافذ والأبواب وإخلاء الأنقاض. حوالي 12 جمعية حصلت على تصاريح للعمل في إعادة إصلاح البيوت. وجمعيات أخرى تقوم بتوفير خدمات غذائية ورزم مساعدة أولية للمتضررين، في حين أن لجان الطوارئ العسكري تجري تقييماً وتقديراً لأضرار البنى التحتية والمباني العامة والبيوت السكنية التي تحتاج إلى استثمارات أكبر.

هذه عملية طويلة لا تحتمل فيها البيروقراطية. وحتى الآن، تم استكمال فحص حوالي 2500 مبنى من بين عشرات آلاف الشقق والمباني التي تضررت. معايير توزيع المساعدات غير واضحة. والخلافات والشكاوى تضمن أن الأموال سيعلوها الصدأ قبل انتقالها للمستحقين. هنا تكمن العبوة المتفجرة الأكبر التي تهدد بقاء لبنان كدولة. صبر المواطنين نفد منذ زمن. المظاهرات التي جرت خلال السنة أدت إلى تغيير الحكومة مرتين، لكن لم تنجح أي منهما في كسب ثقة الجمهور أو القيام بخطوات لإعادة الإعمار، وتبلغ البطالة 40 في المئة، وأسعار السلع الأساسية ارتفعت بأكثر من 100 في المئة. سعر الدولار يبلغ 8 آلاف ليرة لبنانية، والمواطنون الذين لهم توفيرات بنكية بالدولار لا يمكنهم سحبها. ويتوقع الآن حدوث ارتفاع في أسعار الوقود، فقد بدأ السائقون بتخزين الوقود في البيوت، إضافة إلى تخزين الغذاء، وكأن الحرب توشك على الاندلاع والطريق إلى الانهيار أصبحت ممهدة.

هآرتس 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد