Date : 25,04,2024, Time : 11:17:36 AM
3666 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: السبت 19 رجب 1441هـ - 14 مارس 2020م 12:35 ص

وباء الاحتلال وكورونا السلام

وباء الاحتلال وكورونا السلام
علي الصراف

يشعر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالذعر. ولكن، ليس لأنه مصاب بلوثة هستيريا، بل لأنه يقرأ الأرقام.

الإسرائيليون متوترون عادة. عندما تضطهد شعبا وتنهب أرضه وتتعامل معه بكل أوجه العنف والغطرسة، لمجرد أنك تملك طائرات ودبابات، وتفرض وجودك عليه بقوة السلاح، فإن مشاعر الخوف والتوتر، ليست سوى رد فعل طبيعي لما تفعله أنت.

ولكن ظهر ما هو أسوأ. كورونا تتفشى إلى درجة أنها تفرض العزلة على إسرائيل. ودباباتها لم تعد تنفع في مواجهة هذا الخطر.

الفلسطينيون الذين كانوا يفجرون أنفسهم بعمليات انتحارية، أو يواجهون جنودا مدججين بسكين المطبخ فيُقتلون بالرصاص، لم يعودوا بحاجة إلى ذلك. يكفي الآن أن يعطسوا في وجه ذلك الجندي؛ يكفي أن يركبوا وسائل النقل العام؛ يكفي أن يلوثوا كل مكان مثلما يلوث الاحتلال وجودهم بالقهر والظلم والعدوان.

قال نتنياهو في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، الأحد الماضي “نحن في أوج وباء عالمي، حتى لو لم يتم الإعلان عن ذلك رسميا”.

وسرعان ما أعلنت إسرائيل عن إصابة المئات، وقررت إغلاق مدينة بيت لحم، كما قررت تعليق العديد من خطوط الرحلات الجوية، وتستعد لوقفها كليا، وهناك مشاعر بأن الوباء سوف يتفشى إلى مستوى لا تستطيع الحكومة كبحه.

في الواقع، الاحتلال هو الوباء. وهذا وباء لم يستطع الفلسطينيون كبحه.

عندما تقارن ما يمكن لكورونا أن تفعله، بما فعله الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، سوف تدرك على الفور، أن مؤسسة نهب الأراضي والتشريد والقتل والمستوطنات فعلت أكثر بكثير مما يمكن لكورونا أن تفعله.

ما الذي يمنع الفلسطينيين الذين ظُلموا على طول الخط، والذين حُرموا من حقهم في حياة حرة وكريمة، والذين لم يُعاملوا كبشر من الأساس، وفقا للقواعد التوراتية، ما الذي يمنعهم من استخدام كورونا كسلاح من أسلحة المقاومة ضد الاحتلال؟ ومن ذا الذي يمكنه صدهم؟

لجأ نتنياهو إلى مايك بنس نائب الرئيس الأميركي ليطلب عونه في مواجهة كورونا، وكأنه يطلب حاملة طائرات. ولكنه لن يحصل على الكثير.

قال أيضا “سنجنّد سلاح الجو وشركات الطيران كي نضمن أنه في أيّ حال من الأحوال ستكون هناك استمرارية لسلسلة الإمداد والتموين الحيوية بالنسبة إلى الاقتصاد الإسرائيلي”.

وهذا لن ينفع، لأن المسألة – للمرة الأولى – ليست مسألة أسلحة. والإسرائيلي، لن يأمن على نفسه، حتى لو أدى به الأمر أن يُعطى دبابة لكي يذهب فيتسوق بها.

هذا الفايروس لن يتوفر له علاج حتى نهاية العام، وذلك على أفضل التقديرات. شركات الأدوية العالمية تتصارع مع نفسها من أجل أن تعثر على علاج. بعضها يخلط أدوية معروفة، أو يستعين بعلاجات تم استخدامها لفايروسات من قبيل “إيبولا” أو “سارس”، إلا أنها لن تكون علاجات ناجعة بحق. الفيروسات ليست مما تمكّن العلم من تحديه. يحتاج الأمر وقتا. ربما إلى حين يفهم الإسرائيلي أنه يمارس وباء أكثر عدوانية وشراسة من كورونا.

المهماز الذي يحثّ شركات الأدوية، هو المال وليس حفظ حياة البشر. وهي تستفيد من الذعر. بل إن وجود فايروس شرس مثل كورونا سوف يكون مصدرا هائلا لتحقيق أرباح لا تنتهي.

كيف؟ لأن “كوفيد – 19”، قابل للتجدد باستمرار. وهذا ما لا تتحدث عنه أكثر المؤسسات الصحية نزاهة، لكي لا تقول إن كورونا سوف تصيب كل الناس، مهما فعلوا.

ولا تملك هذه المؤسسات، على أيّ حال، إلا العزلة. من ناحية لأنها ليست مؤهلة لتطبيب كل المصابين دفعة واحدة، ومن أخرى لأنها لا تملك في الواقع مضادات جديرة بالاعتبار.

والعزلة لمدة 14 يوما لا تعني شيئا في الحقيقة. إنها تفيد فقط لتعرف ما إذا كنت مصابا أم لا، أو لتعاني عواقب المرض وأنت في عزلتك. ولكن ماذا بعد؟ هل تبقى معزولا إلى أبد الآبدين؟ ألا تتطلب منك أبسط أشكال الحياة أن تعود لتخرج لاقتناء احتياجاتك الأساسية على الأقل؟

حسنا. سوف تعود لتصاب. هذا احتمال حقيقي. وقد يشمل حتى الذين سبق وأن تعرضوا للإصابة ونجوا منها. ماذا يعني ذلك بالنسبة إلى وباء الاحتلال؟

إنه يعني شيئا واحدا، هو أن هذه الكارثة لن تزول، ما بقيت الكارثة الأولى قائمة. بمعنى آخر، فطالما ظل وباء القهر والظلم والعدوان مستمرا، فإن كل وسائل مكافحة المرض سوف تُحبط. المظلومون، والذين خسروا أرضهم، والذين عانوا ويلات الغطرسة والصلف الإسرائيليين، لن يعدموا استخدام كل وسيلة لتهديد الاحتلال. بل وربما وجود الإسرائيليين نفسه، إنما بسلاح كورونا. أليسوا هم مجانين بما يكفي لكي يحملوا سكين مطبخ في وجه جندي يدجج نفسه بأسلحة من أمّ رأسه حتى أخمص قدميه؟ أليست ثقافة الصراع ما تزال تغلي في النفوس؟ أليست نزعة السطو الإسرائيلية تستدعي، نفسها بنفسها، ردا؟

لقد قدّم الفلسطينيون كل الأدلة الممكنة على رغبتهم بالسلام. وعلى أنهم مستعدون لكي ينظروا إلى وجود إسرائيل بالقبول. وعلى أن تتكيف ثقافتهم بما يكفي لجعل التعايش، علاقة حرة وكريمة بين شعبين يستحقان العيش بأمان وسلام.

لم يطلبوا، في المقابل، العجب. طلبوا أضعف ما وفرته لهم مقررات الشرعية الدولية من حقوق.

خطاب الرئيس محمود عباس الأخير في مجلس الأمن، امتلأ بالتوسّلات من أجل تحقيق السلام، بل امتلأ بأدلة الحرص على التمسك بما تم التوافق عليه من التزامات وتعهدات. ولكنه تلقى رد الغطرسة نفسه. تلقى بالأحرى صفعة. ذلك أن نزعة السطو والعدوان والغطرسة هي جوهر الثقافة الإسرائيلية، بل إنها هي “جينوم” الوباء.

عندما يكتشف الوجود الإسرائيلي أنه مهدد، بما لا يمكن للأسلحة أن تشكل معادلا له، فماذا يجب أن يفعل؟

الفلسطينيون ضعفاء، إنما بمقدار ما يتعلق الأمر بتوفر السلاح. ولكنهم يستطيعون استخدام كل وسائل الضعف الأخرى، لكي يثبتوا للإسرائيلي أنه ليس قويا بالأحرى.

هذا الصراع يمكن أن يستمر. ووباء الغطرسة والاحتلال يمكنه أن يحصد المزيد من الضحايا كل يوم. ولكن خمسة ملايين فلسطيني يمكنهم في النهاية أن يحوّلوا حياة الخمسة ملايين إسرائيلي إلى جحيم متواصل.

الذين يحملون الفايروس، من الحالمين أصلا بالتضحية بالنفس، يمكنهم أن يقدموا للإسرائيلي العلاج الذي يناسب طبيعة الوباء الذي يفرضه عليهم.

هذا نوع من الحل. وهناك حلول أخرى كثيرة مماثلة يمكن لـ”الضعيف” أن يستخدمها ضد “القوي”. المسألة، للمرة الأولى، لم تعد بالضرورة مسألة سلاح.

هذا منعطف لمن يمكنه أن يدرك طبيعته الاستثنائية. وللذعر ما يبرّره. أحد أهم أسبابه ليس الأرقام وحدها، بل قابليتها إلى أن تفتح على الوباء أبواب وباء أشد فتكا منه.

حاصر الإسرائيليون مدينة بيت لحم، بينما كانت هي المدينة الوحيدة في العالم التي تحتفل بوصول الفايروس إليها. خرج الناس في ما قالوا إنها تظاهرات للتعبير عن التضامن مع “المصابين”. وجنّدت المطاعم نفسها لكي تُوصل للمحاصرين طعامهم. وكأن الفايروس جاء كهدية، في إيحاء يكاد يقول: لم تعد هناك حاجة لكي يذهب أي “مصاب” فلسطيني إلى ووهان. هذا هو في الواقع سبب الاحتفال. أما السلطة الفلسطينية، فقد أرسلت إلى إسرائيل رسالة ترجو “عدم تسييس المسألة”. بينما الكل يعرف أن هناك شيئا أبعد من مجرد “التسييس” يقف وراء تظاهرات “التأييد” للمصابين. إنه البحث العفوي عن سبيل للانتقام. وهذا ما لم يعد بوسع سلطة اليمين الفلسطيني المتطرف أن تكبحه.

هل ثمة في إسرائيل من يدرك المعنى؟ لا مبرر للتفاؤل. فالغطرسة لن تسمح بالكثير. ولهذا السبب، فإنها يمكن أن تتحول إلى معركة فناء متبادل.

سيحل ساعتها سلام الكورونا على أنقاض وباء الاحتلال. هذا أيضا، نوع من الحل، لمن غلبت عليهم نزعة العدوان.

العرب اللندنية 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد