Date : 19,04,2024, Time : 12:38:55 AM
2309 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأربعاء 18 محرم 1441هـ - 18 سبتمبر 2019م 01:16 ص

ما تداعيات رئاسيات تونس على دول المغرب؟

ما تداعيات رئاسيات تونس على دول المغرب؟
نزار بولحية

من غرائب الصدف أنه في مساء اليوم نفسه الذي كان فيه بعض الجزائريين يتندرون في مواقع التواصل الاجتماعي على دعوة قائد الجيش، ثم الرئيس المؤقت لهم لانتخابات رئاسية حدد موعدها منتصف ديسمبر المقبل، ويطالبون الرجلين بالكشف عن اسم الرئيس المقبل، الذي يرغبان فيه من الآن توفيرا للوقت والجهد، على حد تعبيرهم، لم يكن اشقاؤهم، على الجانب الشرقي من الحدود، يملكون أدنى فكرة عمن يكون الرئيس المقبل، الذي خرجوا لانتخابه في الصباح، أو يعرفون حتى بعضا من ملامحه، أو من هو المرشح الأوفر حظا في الوصول لذلك المنصب.
ولم تكن مثل تلك المفارقة عابرة بالمرة، ففيما استعاد التونسيون ثقتهم في الانتخابات، بقي الجزائريون على اعتقادهم بانها ليست سوى حيلة من حيل نظام لا يريد أن يحل عن سمائهم. ولكن أحد المعلقين على فضائية تونسية معروفة كشف نصف السر، حين لم يجد لفظا أفضل من لفظ الصفعة أو «اللطمة» ليصف به ما جرى مساء الأحد الماضي في تونس. ولعل السبب في اختياره لذلك الوصف، كان مفهوما، فما كانت تحيل إليه عبارة «اللطمة» من معاني السخرية والاستهزاء الشديدين، مما يوصف محليا بـ»السيستيم»، أي المنظومة الحاكمة وما لحقها من إهانة، وحتى إذلال وعقاب شعبي قاس على يد المقترعين، وأدى لتراجعها وهزيمتها في السباق الديمقراطي الفريد من نوعه في الإقليم، الذي جرى يومها، لم يكن بمقدور كلمة اخرى أن تدل عليه أو تستوعبه بالقدر المطلوب مثل، مصطلح الزلزال الانتخابي الرائج بقوة.
ولكن المعلق الذي ألقى العبارة من قبل أن تتوضح الصورة أمام التونسيين، ولو بشكل تقريبي، لم يكن وحيدا في توقعاته واستنتاجاته، فقد ظهر مرشح رئاسي مستقل ومغمور بعض الشيء من بين الستة والعشرين مرشحا للانتخابات، وهو شبه متأكد من أن مفاجأة ما ستحصل بعد ساعات قليلة فقط من تصريحه داخل شقة صغيرة هي مقر حملته الانتخابية، إلى محطة «موزاييك» الاذاعية الخاصة من أن: «الأمر يتعلق بمرحلة جديدة من تاريخ تونس، كأنها ثورة لكن ثورة مع احترام الشرعية القائمة». ورأى الجميع بعدها كيف أن المعلق لم يكن يبالغ أو يجازف في تعبيره، مثلما أن الأستاذ الجامعي قيس سعيد لم يكن يحلم، أو يحلق بعيدا في الخيال، فقد منحته أولى نتائج سبر الآراء في ثاني اقتراع رئاسي حر جرى في تونس، التي ظهرت بعد وقت قصير من غلق مكاتب الاقتراع، أفضلية المرور إلى جولة إعادة ثانية الشهر المقبل، ستجمعه مبدئيا، أي إلى حين الانتهاء من فرز الأصوات وسماع الحكم النهائي للقضاء، برجل الاعمال السجين الآن نبيل القروي. وكان الحدث بكل المقاييس مبهرا ومذهلا، بل حتى مربكا ومزعجا لكثيرين. لقد قلب الشباب التونسي الطاولة بالفعل على من كانوا مرشحين بارزين، يملكون على الورق فرصا أوفر للفوز في السباق نحو قصر قرطاج، واختار جامعيا نزيها، أظهر تعففه حتى من الحصول على تمويل عمومي يمنح للمرشحين كافة لسباق الرئاسة، مقابل تصعيد رجل آخر على طرفي نقيض منه، يملك ثروة مشبوهة ويدير قناة تلفزيونية ويتهم بالتهرب الضريبي وتبييض الأموال، وقرر الفصل بينهما في موعد لاحق في الدور المقبل. لكن هل أن نجاح ذلك الشباب بعد نحو تسع سنوات من الإطاحة بالرئيس المعزول بن علي، في أن يكتب تاريخا جديدا لبلده، كما قال الاستاذ سعيد، سيكون محدودا ولن يسمع صداه عاجلا أم آجلا في باقي المنطقة العربية؟ إن كان ذلك واردا وممكنا ألن يكون الجيران المغاربيون هم أول من سيستقبل ارتداداته والاقرب للتأثر بها؟ ألن يكونوا معنيين هم قبل غيرهم بتداعيات ما وصفت باللطمة أو الصفعة الانتخابية التي وجهها هؤلاء الاحد الماضي لمنظومة الحكم القديمة والجديدة معا؟
قد يضع بعض الجزائريين والليبيين والمغاربة والموريتانيين أنفسهم في مأزق موضوعي، إن هم أنكروا تماما كل التقاطعات الفعلية الموجودة بين واقع تونس وواقعهم، واستبعدوا بشكل كامل كل إمكانية لحصول مثل ذلك التأثير.

لكن وبدون المبالغة في تقدير حجم وأثر نتائج الاقتراع الرئاسي التونسي، وبالنظر للاختلافات والفروقات الموجودة بين تونس ومحيطها المغاربي، فإن مثل ذلك الأمر لن يحصل دفعة واحدة وبشكل سريع، بل سيأخذ ربما وقتا متفاوتا وسيتم بالتدريج وبدرجات مختلفة من قطر إلى آخر. لقد سبقت تونس الصغيرة والمحشورة جغرافيا بين العملاقين الليبي والجزائري غيرها في تجربة ديمقراطية، باتت تثير اهتماما عالميا متزايدا، وربما توجسا وحذرا مضاعفين من اطراف اقليمية معروفة، ولكنها ظلت تواجه المشاكل والعقبات نفسها التي يواجهها الباقون. ولعل النقطتين المعتمتين اللتين تشترك فيهما مع كل الدول المغاربية على اختلاف أنظمتها، ودرجات انفتاحها وصدقية الانتخابات فيها، هما سوء توزيع الثروة، وعدم تجدد الطبقة السياسية فيها . والمثير في الامر أن مسألة الانتخابات باتت العنوان الأبرز اليوم للحراكات الشعبية والسياسية اليوم في المنطقة بأسرها. ألا يبحث الليبيون من دون جدوى عن منفذ أو مخرج يقودهم نحوها، ويكررون انها الخلاص الوحيد من حرب الاخوة؟ ألا يراها قائد الجيش الجزائري نفسه ضرورة لا غنى عنها لضمان استقرار الجزائر والحفاظ على أمنها وشعبها؟ ومن من باقي الدول والشعوب المغاربية لا يتطلع ولا يريد أن يشارك في اقتراع حر ومباشر يختار فيه حكامه بكل شفافية ومن دون ضغوط؟ وبالمقابل ألم ييأس المغاربيون ويفقدوا الثقة في السياسة والسياسيين، وتنهار كل آمالهم وطموحاتهم في التغيير المدني والسلمي، بعد أن جربوا الانتخابات المفبركة والمزورة والموجهة لخدمة أصحاب السلطة والنفوذ؟ إن اللطمة أو الصفعة التونسية قد تقرأ هنا كإشارة مزدوجة إلى قدرة الشعوب على التغيير الهادئ وإنهاء عهد الإفلات من المحاسبة السياسية، رغم ما يعتريها احيانا من قدر واضح من المبالغة والزيغ، ومؤشرا حقيقيا على بروز قوى اخرى على الساحة السياسية والاجتماعية في الدول المغاربية، وهي أي تلك اللطمة، قد تكون الجواب على سؤال النقطتين المظلمتين في المغرب الكبير، اي سوء توزيع الثروات داخل اقطاره، وتهرم وتكلس الطبقة السياسية فيه حاكمة أو معارضة. وسينظر الجزائريون بالدرجة الاولى، وهم على ابواب انتخابات رئاسية، إلى صعود تلك القوى البديلة التي ترفع شعار إعادة توزيع الثروة والحفاظ على ثورة التونسيين، وما الذي ستكون قادرة على فعله وتغييره إن وصلت عبر الانتخابات إلى السلطة، كما سيرون بعيون ثاقبة مدى سيطرة رأس المال السياسي على الاقتراع، واستغلاله للعوز والفقر والخلل الاجتماعي، وأثره على المشهد التونسي. وسيكون عليهم شعبا وحكاما أن يخطوا بعدها طريقهم مستخلصين ما يعتقدونه أنه الانسب لهم. ولكن الاهم من ذلك يبقى حصولهم وباقي المغاربيين ايضا على الحق في انتخابات حرة لا يمكن أن يعرف فيها اسم الرئيس قبل الاقتراع مثلما كان الامر في تونس الاحد الماضي .

القدس العربي 




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد