بحجة الإخلال بالنظام العام في العيسوية.. شرطة إسرائيل تضيّق على الفلسطينيين وتفرض “غرامات”

تواصل شرطة القدس عملية تطبيق القانون في قرية العيسوية في شرق القدس، بعد أن جرى في الأسبوع الماضي إطلاق النار، وقتل محمد عبيد ابن العشرين سنة، في مواجهات اندلعت بين الشباب ورجال الشرطة على خلفية العملية. في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، تضع الشرطة كل يوم حاجزاً على مدخل القرية لبضع ساعات وتوقف كل سيارة تخرج منها. مراقبو حركة المرور يفحصون السيارات بدقة بحثاً عن أي خلل، وكل السائقين يحصلون في نهاية المطاف على مخالفات، وخلافاً لعمليات مشابهة في السابق، استمرت العملية حتى نهاية الأسبوع.

في الشرطة، لم يردوا على سؤال “هآرتس” إذا ما جرى إجراء عمليات مشابهة في أحياء أخرى غير فلسطينية في المدينة، ولم يبلغوا عن عدد المخالفات التي سجلت لسكان الحي. سكان العيسوية قالوا إن الشرطة قالت لهم مرات كثيرة إن هدف العملية معاقبة السكان على المواجهات مع رجال الشرطة.

شملت العملية في معظم الأيام دخول قوات كبيرة إلى القرية من أجل فرض الغرامات أو استعراض للقوة. عدد من حالات فرض الغرامة في الأيام الأخيرة التي أبلغ عنها سكان العيسوية لهآرتس، تعرض صورة لتطبيق متشدد بشكل خاص للقانون: مخالفات على وضع ملصقات تعتيم على زجاج السيارات، لوحة أرقام مثنية، ومحرك دراجة نارية يحدث ضجة، ودراجة تحمل صندوقاً من الكرتون، وغير ذلك. رجال الشرطة يوزعون غرامات بمبالغ مئات الشواكل، وأحياناً ينزلون السيارة عن الشارع.

السكان قالوا إن رجال الشرطة يعرضون عليهم في عدد من الحالات خفض مبلغ الغرامة مقابل معلومات عن راشقي الحجارة في القرية: “يفحصون كل شخص يخرج، وهذا يظهر مثل فحص سنوي”، قال الناشط اليساري، يغئال برونر، الذي شارك في وقفة تضامن في المكان. في إحدى الحالات، عندما تقدم برونر لتصوير مخالفة دنا منه شرطي، وقال له إن تصوير الغرامة مخالف للقانون: “محظور عليك التصوير، هذه وثيقة للشرطة، وأنت تعيق شرطي عن القيام بعمله”.

عمر عطية، أحد النشطاء في القرية، قال: “لم يكن شيء كهذا في أي يوم منذ 1967، حتى في الانتفاضة الأولى لم يكن هناك أمر كهذا، حسب رأيي هم يريدون من جميع المستأجرين الذين يعيشون في القرية تركها، وبهذا يتسببون بالضرر للعيسوية”.

السكان أشاروا إلى أن روتين الحياة في القرية تضرر جداً منذ بدء العملية. حسب قولهم، كثيرون توقفوا عن السفر بسياراتهم الخاصة، ومصالح كثيرة أغلقت خوفاً من الزيارات والاقتحامات، بل لعدم وجود ناس في الشوارع: “يجب عليّ الوصول إلى حفل الزفاف اليوم. وتنازلت عن البنات والطفل الصغير لأنهم سيفحصون كرسي الطفل، وسيقولون إنني لم أضعه كما يجب”، قال عطية، وأضاف: “إضافة إلى ذلك، أنت تخرج مع طفل ابن سنة ولا تعرف مدة تأخيرك”.

أحد سكان القرية والناشط السياسي، محمد أبو الحمص، قال بأنهم أوضحوا له بأن العملية استهدفت عقاب أهل القرية بشكل جماعي: “ضابط قال لي: إذا تم رشق حجر فسأدخل مجموعة (طاقم من المقاتلين)، وإذا تم رشق حجرين فسأدخل مجموعتين. وقال إنهم سيستمرون في مضايقتنا”. في هذه الأثناء، ستدفع الشرطة 4 آلاف شيكل لأبو الحمص بسبب اعتقال عبثي. في كل سنة، ينظم أبو الحمص مظاهرة احتجاج صغيرة وقانونية أمام ماراثون القدس. وفي كل سنة تقريباً يتم اعتقاله. قبل ثلاث سنوات، دفعت له الشرطة تعويضاً بمبلغ 5 آلاف شيكل، بسبب اعتقال عبثي. هذه السنة، شرطة المرور أخذت مفاتيح سيارته قبل يوم من الماراثون بذريعة مشكلات أمنية. وفي يوم الماراثون، اعتقل قبل بداية السباق وأحضر إلى مركز الشرطة، وهناك قيل له بأن التحقيق سيجرى معه قريباً.

بعد انتظار لبضع ساعات، تم التحقيق معه لفترة قصيرة وأطلق سراحه في وقت انتهاء سباق الماراثون. في الشرطة قالوا: “إن المتهم جرى توقيفه للتحقيق بعد استدعائه وهو لم يحضر. هذا وفقاً لصلاحيات الشرطة بمنع الإخلال بالنظام العام والإضرار بسلامة الجمهور وأمنه خلافاً للقانون”. في هذا الأسبوع، بعد أن قدم دعوى على اعتقال عبثي بواسطة ايتي ماك، وافقت الدولة على تعويضه في صفقة بدون محاكمة بمبلغ 4 آلاف شيكل.

رداً على ذلك، جاء من الشرطة: “شرطة إسرائيل تنفذ الإجراءات لمنع مخالفات مرورية، خصوصاً مخالفات تعرض الحياة للخطر في أرجاء المدينة، وخلال ذلك تركز نشاطها على بؤر مختلفة فيها عدد كبير من المخالفات إلى جانب نشاطات إعلانية، وذلك بهدف الحفاظ على حياة السكان وتغيير ثقافة سياقة السيارات ومعايير الخضوع للقانون. كل محاولة لعرض تطبيق القانون الشرعي الذي يمنع حوادث الطرق ويحافظ على حياة السكان بصورة مختلفة هو أمر مرفوض ويجانب الحقيقة”.

هآرتس