لقاء مع بشار الأسد
من تابع لقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد مع وكالتي نوفوستي وسبوتنيك الروسيتين ، قبل يومين ، يدرك حجم الظلم الذي أوقعته عائلة هذا الشخص على ملايين السوريين منذ أربعين عاما إلى الآن .
اللقاء المذكور يستفزك لدرجة أنك ترغب في وقف المشاهدة ، غير ان فضولك يدفعك للمتابعة ولو متألما .
لقد أنكر الأسد أن في سوريا أطفالا تقتل بالغاز ، وأنكر بأن هناك ضحايا بالملايين ، وأنكر بأن ما تقوم به عصاباته الإجرامية وميليشياته العلوية والشيعية هي جرائم يندى لها جبين الإنسانية ، كما أنكر بانه مجرد " واجهة " للروسي والإيراني حينما تحدث وكأنه يعلم ما يجري في البلد مع أنه آخر العالمين وفي ذيل العارفين .
ولكن ما يراد من المقابلة ، كما قرأنا ، هي رغبة روسية في أن ينكر الأسد جريمة خان شيخون وأن يضع كل اللوم على " الإرهابيين " الذين هم هنا ليس فقط جبهة النصرة وداعش الإرهابي، بل جميع من يحمل السلاح ، لدرجة أنه أخبر الصحفيين بأن سجلات الدولة السورية لا تحصي الضحايا الذين يقتلون ببراميله المتفجرة وغازاته السامة ، وهو تصريح غريب عجيب ، ففي سؤال عن عدد الذين قتلوا قال : " في الواقع، نستطيع أن نتحدث فقط عن الأرقام الرسمية، لقد قتل عشرات الآلاف، وليس كما تسمع في وسائل الإعلام عن مقتل مئات الآلاف .. وبالطبع فإن عدداً كبيراً من الإرهابيين لم يسجلوا من قبل الدولة على أنهم قتلى، وينطبق الأمر ذاته على الأجانب الذين قدموا إلى سورية بعشرات وربما مئات الآلاف للمشاركة في القتال ، نحن كدولة نتحدث عن عشرات آلاف الضحايا حتى هذه اللحظة " .
وعن ضربة الشعيرات ولماذا لم يتم التصدي للصواريخ الأمريكية قال : " لأن صواريخنا ينبغي أن ترى هدفها، وكي تتمكن من رؤية الهدف أنت بحاجة لرادار يستطيع أن يرى كل زاوية من زوايا البلاد، وهذا أمر مستحيل لأنك تتحدث عن أرض وتضاريس، وكما تعرف فإن صواريخ كروز تستخدم تلك التضاريس للاختباء من الرادار" .
وبالطبع لم يسأله الصحفي عن عيون الرادارات الروسية ، وبتنسيق مسبق كما يلاحظ ..
ولتدرك كيف يفكر من حكموا سوريا طوال هذه العقول وثقافتهم ، عليك الإستماع لإجابة سؤال عن غاز خان شيخون وكيف أراد أن يتملص بطريقة بدائية حيث قال : " إذا نظرت إلى الصور، تستطيع أن ترى المنقذين “المنقذين المفترضين” ينقذون الناس دون استخدام الأقنعة، ودون قفازات وكانوا يتنقلون بحرية، كيف ذلك؟ هذا يتعارض مع جميع مواصفات غاز السارين ، لا يستطيعون فعل ذلك لأنهم كانوا سيموتون كالآخرين.
أما الأطفال الذين كانوا يموتون على الهواء اختناقا فإنك لا بد ستفقد أعصابك حين تسمعه يقول : " أنك لا تعرف ما إذا كان أولئك الناس المستلقون على الأرض أمواتاً أم لا، يمكنك تزوير تلك الصور، فهذا سهل جداً، وبالتالي فإنك لا تستطيع بناء حكمك على صور وفيديوهات، وخصوصا أنها صور وفيديوهات صنعت من قبل القاعدة " .
وبخصوص هاجسه المزعج ، تركيا ، فانظر ماذا قال ردا على سؤال حول إمكانية استخدام الغاز السام مجددا حيث قال : " إن الإرهابيين يحصلون على الغاز من تركيا ، مباشرة من تركيا ، وختم قائلا : " إن المصدر هو تركيا مئة بالمئة " .
وبشأن إمكانية تنسيق نظامه مع الأمريكان والإشتراك معهم في قتال داعش قال : "نحن مستعدون وليس لدينا مشكلة ".
وفي ما يشبه الفضيحة لرجل قال أبوه من قبله إنه حامي حمى العرب وإن حزب البعث هو لنهضة الأمة وما شاكل هذا من خزعبلات ، نرى بشار الأسد مستعدا للتخلي عن العروبة ، هكذا وبكل صراحة ، حيث سأله الصحفي عن إمكانية حذف كلمة " العربية " من دستور سوريا القادم فقال : " ما معنى وجود هذه الكلمة؟ فقط لأن الحكومة تؤمن بها ؟ لا، ينبغي أن نكون نحن مرآة أغلبية السوريين، عندما نقول نعم أو لا، لا يزال من المبكر مناقشة تلك النقطة، وهي ليست قضية إشكالية"
واختتم الأسد مقابلته بإنكار أنه فعل أي شيء أو قتل أو دمر أو قصف أو عذب ، قبل أن يشتم الأردن والخليج وقطر والسعودية ، حيث أجاب عن سؤال حول التزامه بأستانا أو جنيف ، فقال : " إن تغيير الوضع لن ينجح إلا بوقف القتل " .
تصوروا : وقف القتل ، وكأن الذي يقتل شخص غيره .
أرأيتم أم سمعتم بأغرب من هكذا حديث أطلقه شخص مسلوب الإرادة قتل شعبه وباع وطنه للإيرانيين والروس والشيعة الأفغان والعراقيين واللبنانيين وغيرهم .
هذه هي حقيقة بشار حافظ الأسد ، أبن أبيه .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews