Date : 01,05,2024, Time : 08:40:54 PM
2592 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 23 محرم 1436هـ - 16 نوفمبر 2014م 02:28 ص

منهج جديد لإصلاح سياسات الاستثمار

منهج جديد لإصلاح سياسات الاستثمار
د.أحمد صقر عاشور

مر ما يقرب من أربعين عاما منذ أن صدر قانون استثمار رأس المال العربى والأجنبى الذى كان باكورة سياسات الانفتاح منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وقد أدخلت على سياسات وقوانين الاستثمار العديد من التعديلات عبر تلك الفترة، ويجرى الآن إعداد قانون جديد موحد للاستثمار.
وقد أتيح لى أن أطلع على مشروعه الذى تقوم اللجنة العليا للإصلاح التشريعى بدراسته حاليا تمهيدا لإصداره، ووجدت أنه يكرر ذات المنهج وجوانب القصور التى تسببت فى إضاعة فرص تنمية وتقدم اقتصادى حقيقى لمصر عبر العقود الأربعة الأخيرة، وهناك حاجة للتعلم من خبرات الماضى لعدم تكرار أخطائها، وكذلك من خبرات دول العالم الناجحة، وتبنى منهجا جديدا لمنظومة وسياسات الاستثمار، بما يمكن من تحقيق انطلاقة اقتصادية وتنموية جديدة لمصر. ويعتبر المؤتمر الاقتصادى العالمى الذى سيعقد فى مارس المقبل فرصة ذهبية لإعداد الرؤية والسياسات الاستثمارية الجديدة والقيام بالإصلاحات التشريعية والمؤسسية المطلوبة الداعمة لها.

بداية، ينبغى أن يتغير منهج صناعة السياسات والتشريعات الاقتصادية كلية، ليسبقها دراسة تقييمية وتشخيصية للمشكلات القائمة، ودراسات تخصصية أخرى يقوم بها خبراء الاقتصاد والاستثمار والتنمية ويؤخذ فيها رأى ذوى العلاقة، وأن تتكامل السياسات والتشريعات وتعديلاتها، وبحيث تعكس توجهات استراتيجية تنبثق من أهداف تنموية محددة. وتعتبر تشريعات الاستثمار من الخطورة والأهمية، بحيث لا ينبغى تركها للقانونيين وحدهم، فدورهم يجيء فى مرحلة الضبط والصياغة الأخيرة، وقد اتبع مشروع القانون الجديد للاستثمار ذات النهج القديم، وتضمن جوانب قصور عديدة ينبغى تلافيها؛ منها على سبيل المثال وليس الحصر: عدم استفادته من خبرات وتجارب الدول الناجحة فى جذب الاستثمارات؛ وإسقاطه دعم قطاعات مهمة طال إهمالها مثل المشروعات الصغيرة؛ وعدم تضمينه لمحفزات لدمجها فى الاقتصاد الرسمي؛ وعدم إعطائه تفضيل للأنشطة المتضمنة قيمة مضافة عالية مثل التصنيع والصناعات التصديرية والإبداعية؛

ويعيب سياسات الاستثمار خلال العقود الماضية غياب الأهداف الاستراتيجية التنمويةالمحددة، والتعقيدات الإدارية البيروقراطية، وسيطرة الاحتكارات على قطاعات هامة، واستفحال مشكلات الفساد والتهريب، وعدم الاستفادةمن الخبرات العالمية. لذلك لم تسهم هذه السياسات فى تقدم مصر تنمويا واقتصاديا مثلما تحقق لدول أخرى بدأت مسيرتها فى ذات التوقيت أو بعده مثل دول شرق آسيا والصين والبرازيل وتركيا. ولا يعقل أن يجيء القانون الجديد غير موجه بأهداف تنموية محددة، ولا يقترن بإصلاحات مؤسسية وإدارية، ولا تكون خبرات النجاح الفائق لعدد من دول العالم فى جذب رؤوس الأموال هادية له. وتحتاج مصر على سبيل المثال إلى تحقيق قفزة فى نسبة الاستثمارات إلى الناتج المحلى الإجمالي، لتصل على الأقل إلى 30% بعدما كانت 22% وأصبحت الآن 15%. وهى فى حاجة إلى رفع نسبتها من التدفقات العالمية للاستثمار الأجنبى المباشر FDI من النسبة الهزيلة الحالية التى لا تتجاوز ثلثا من واحد فى المائة (033.%) لتصل إلى ما بين واحد إلى 2% خلال السنوات القليلة المقبلة.وللمقارنة، فالبرازيل تبلغ نسبتها 4.86 % وهونج كونج 4.61 % وسنغافورة 3.83 %، مع ملاحظة أن الأخيرتين أصغر من حجم مدينة متوسطة فى مصر، أما العملاق الصينى وهى الأعلى فى العالم فتبلغ نسبتها 20.91 %. وتحتاج مصر إلى أن تضاعف أرقام التصدير من قطاعات الصناعات التحويلية التى تولد قيمة مضافة عالية، وتوجد فرصا متزايدة للتوظف، وتستخدم مكونات محلية ويكون لنموها تأثير إيجابى ومتوسع على قطاعات أخري، وبحيث تكون بمثابة قاطرة أو رافعة نمو للاقتصاد ككل. وهى تحتاج إلى تنمية التجمعات الإنتاجية والصناعية التى ترتبط المشروعات فيها بعلاقات روابط وتعاملات كثيفة داخليا أو ما يسمى بالعناقيد الإنتاجية والصناعية، بدلا من الطابع العشوائى الذى تتصف به المدن والمناطق الصناعية الحالية. ولا يتحقق هذا إلا بتخطيط المناطق الصناعية والإنتاجية فى قطاعات ومناطق مختارة لتشجيع وتحفيز مثل هذه الروابط والتعاملات. كما تحتاج مصر إلى دعم نمو وأنشطة المشروعات المتوسطة والصغيرة وتشجيع روابطها مع المشروعات الأكبر، وهناك أيضا حاجة إلى دعم وتحفيز نمو الصناعات الإبداعية والتقليدية التراثية.

وتشير خبرات الدول الناجحة فى جذب الاستثمار، إلى أن الأمر لا يتوقف فقط على التشريعات، وإنما أيضا على عوامل البيئة الحكومية والتعاملات المؤسسية التى تحيط بالاستثمارات ومنشآت الأعمال، وعلى درجة نضج وتطور الأسواق، فلا جدوى من القانون، مهما كانت الحوافز والإعفاءات الضريبية الممنوحة للمستثمرين (وقد تم التوسع والإسراف فيها فى الحالة المصرية)، ما لم يتم إدخال إصلاحات جوهرية على هذه الجوانب. فقد قامت هذه الدول بإعادة هندسة منظومة الاستثمار لتتضمن التركيز على الحوافز المؤثرة، والتبسيط الفعلى (وليس اللائحى غير المطبق) لكل سياسات وإجراءات التعامل الحكومى والمؤسسى وزمنها وتكلفتها؛ بالنسبة لإنشاء وتأسيس المشروعات، وتراخيص الإنشاءات، وتسجيل تملك أو حق الانتفاع للعقارات والأراضى المنشأة عليها، وتوفير المرافق والبنية التحتية، وتوفير الأمن والحماية للمستثمرين..

كما اهتمت بتوفير عمالة كفؤة ومنضبطة وذات إنتاجية عالية من خلال الاهتمام الجدى بالتعليم والتدريب، وتكوين كوادر مهنية وقيادية وإدارية لخدمة احتياجات المشروعات الخاصة والمؤسسات العامة. وكانت الإصلاحات الموجهة لمكافحة الفساد عنصرا أساسيا فى هذا الخصوص، لما يشكله من عبيء على الدولة وتكلفة إضافية على المستثمرين، فضلا عن إخلاله بتكافؤ الفرص للمستثمرين الجادين الذين يستهدفون التنافسية والتصدير، كذلك تبنت هذه الدول سياسات لتحسين توزيع الدخل لأنه يسهم فى توسيع قاعدة الطلب والقدرة الشرائية، وأولت الاهتمام بتطوير وضبط الأسواق ومعالجة اختلالاتها وتشوهاتها الناجمة عن الاحتكارات والمضاربات ونقص المعلومات والفساد والتهريب.

يعتبر استقرار الأطر التشريعية والسياسات الاقتصادية عوامل مهمة فى جذب رؤوس الأموال لبلد معين واستمرارها ونموها فيه. ولدى المؤسسات الدولية مثل البنك الدولى والمنتدى الاقتصادى العالمى وغيرها، مؤشرات تحدد درجات وترتيب الدول فى العوامل المعبرة عن بيئة الأعمال وممارسات وخبرات المشروعات فى بلدان العالم، وفى درجة وعوامل التنافسية. وتشغل مصر موقعا متأخرا فى كل هذه المؤشرات، بما يعنى ضعف جاذبية بيئة الاستثمار.

يحتاج الأمر أن يتم إعداد منظومةوسياسات جديدة للاستثمار بمنهج جديد وبحيث تنتهى قبل المؤتمر الاقتصادى العالمى لأصدقاء مصر الذى سيعقد فى فبراير المقبل، وأن يتم أخذ دروس مستفادة من خبرات النجاحات القليلة وخبرات الفشل الكثيرة لسياسات الاستثمار فى مصر عبر العقود الأربعة الماضية، ومقارنتها مع خبرات الدول التى حققت قفزات ونجاحات كبري. ويهم هناأخذ رأى الخبراء، والاستماع لصوت المستثمرين، ولا تملك مصر رفاهية تكرار خبرات العقود الأربعة الأخيرة. فلا مجال لعودة سياسات استثمار السداح مداح التى كانت نتائجها وخيمة وفادحة.

(المصدر: الأهرام 2014-11-16)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد