مصادرة حريات عرب إسرائيل لمعارضتهم الحرب على غزة

تتعرض الأقلية الفلسطينية في إسرائيل للمضايقة من قِبل اليهود الإسرائيليين، خاصة من الاتجاهات اليمينية، مشيرين إلى أنهم باتوا محل استهداف من المسؤولين عن تنفيذ القانون، بسبب التعبير عن معارضتهم للحرب في قطاع غزة.

الشكاوى من مجموعة تضم خُمس عدد سكان البلاد تراوح بين التهديد والاعتداء، إلى حالات أكثر خطورة فقد المشتكون من خلالها وظائفهم. بعد أن تم تصويرهم وذكر أسمائهم على مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية، أو القبض عليهم واتهامهم بعد المشاركة في احتجاجات مناهضة للحرب.

لقد أدى النزاع في غزة إلى حشد تسعة من كل عشرة إسرائيليين لدعم الحملة ضد حماس، لكنه ترك أولئك الذين يعارضونه - النشطاء العرب واليهود اليساريين على حد سواء - يشتكون من الوطنية المتطرفة القمعية، وتناقص المجال أمام الديموقراطية.

ويقول ممثلو الأقلية إن المسؤولين عن تنفيذ القانون يقمعون احتجاجاتهم، لكنهم يتساهلون مع التحرش والتحريض من قِبل الإسرائيليين اليهود، مثل دعوات: "الموت للعرب" على صفحات "الفيسبوك"، وفي المظاهرات المضادة.

رأفت عويشةـ البالغ من العمر 20 عاماً، وهو طالب جامعي من عرب إسرائيل في بئر السبع، يقول إن الشرطة اعتقلته واستجوبه ضابط أمن الشاباك بعد الطلب من المقيمين في قريته اللقية، جنوب منطقة النقب، الاحتجاج ضد الحرب في السابع من تموز (يوليو)، اليوم الذي بدأت فيه عملية الحافة الواقية.

يذكر في موقعه: "علينا أن نخرج للصراخ والصياح، ونقول لا لسياسات هذه البلاد في غزة".

لقد تم وضع عويشة تحت الإقامة الجبرية وتوجيه تهمة التحريض له. ولقد تساءل، عند التحدث مع "فاينانشال تايمز" قائلاً: "بالنسبة لبلاد تُعرّف نفسها بأنها ديموقراطية، أين هي حرية التعبير؟"

وقال إن إسرائيل كانت تطبق معايير مزدوجة، عندما لا يتم استدعاء الإسرائيليين اليهود بسبب العنف ضد العرب. ويضيف: "هناك الكثير من الدعاية السقيمة على "الفيسبوك" ولا يتم الحكم عليهم بسببها".

أضاف عويشة أنه والعديد من الطلاب العرب الآخرين في جامعة بن جوريون، وجدوا لافتات على أبواب مهاجعهم هذا الشهر تقول: "إن العربي الجيد الوحيد هو العربي الميت، وأنت التالي".

التوترات الطائفية بين الإسرائيليين اليهود والفلسطينيين، الموجودة دائماً، أصبحت أسوأ في حزيران (يونيو) بعد خطف وقتل ثلاثة مراهقين إسرائيليين وعملية القتل والحرق اللاحقة لمحمد أبو خضير، المواطن العربي البالغ من العمر 16 عاماً، في هجوم انتقامي من المتطرفين اليهود.

وشهدت حيفا، وهي موطن لمجتمع فلسطيني كبير، احتجاجات ضد الحرب في 18 و19 من تموز (يوليو) التي لا تزال تواجه تداعيات.

في اليوم الأول، هاجم المتظاهرون المضادون من اليهود اليمينيين المحتجين بالحجارة والزجاجات، وهم يهتفون "الموت للعرب" و"اذهبوا إلى غزة".

في اليوم التالي، يقول شهود عيان، إن شرطة السواري "على الخيول" الإسرائيلية، اشتبكت بعنف مع المتظاهرين واعتقلت 29 شخصاً، تم إطلاق سراح العديد منهم في وقت لاحق. وفقاً لمنظمة العدالة غير الحكومية التي تمثل عرب إسرائيل، فقد تم اعتقال نحو 600 شخص في الاحتجاجات منذ الثاني من تموز (يوليو)، عندما تم العثور على أبو خضير مقتولاً. تعتقد المجموعة أن 50 إلى 60 منهم قد تم اتهامهم بارتكاب جرائم.

كما اشتكى أيضاً المحتجون العرب في تل أبيب من أنه كان يتم التعامل معهم بخشونة، من قِبل المتظاهرين المضادين أثناء الاحتجاجات ضد الحرب، وسط شكاوى مماثلة على ضبط أمن ضعيف.

قول ستيفين بيك من جمعية حقوق الإنسان في إسرائيل، وهي منظمة غير حكومية: "إن حرية التعبير مُقدّسة وضرورية لصحة الديموقراطية". وأضاف: "لا يمكننا استخدام الأوضاع الصعبة كعذر لقمع هذه الحقوق".

بعد احتجاجات حيفا، نشر الإسرائيليون المؤيدون للحرب رسائل على "الفيسبوك"، مع صور وأسماء أولئك الذين شاركوا في الاحتجاجات المناهضة للحرب، إضافة إلى أسماء أصحاب عملهم، الذين تم تشجعيهم على صرف المشاركين من العمل.

أفيجدور ليبرمان، وزير الخارجية اليميني المتطرف في إسرائيل، دعا هذا الشهر إلى مقاطعة الشركات العربية التي تنظم إضراباً احتجاجاً على الحرب في غزة.

معاملة إسرائيل للأقلية العربية فيها، ومن ضمنها أولئك الذين عبّروا عن آراء مُسيئة لمعظم الإسرائيليين اليهود، يتم اعتبارها من قِبل الإسرائيليين والعرب على أنها مقياس لجودة ديموقراطيتها.

كما تم يوم الثلاثاء تعليق الأنشطة البرلمانية كافة لحنين الزعبي، العضو العربي في الكنيست، التي يتم شتمها على نطاق واسع في إسرائيل، بسبب آرائها الانتقادية الصريحة، ومنعها من التصويت لمدة ستة أشهر.

وقد فشل نقّاد الزعبي في تمرير التماس إلى النائب العام في إسرائيل ليتم محاكمتها بتهمة التحريض الجنائي، بعد أن وصفت عمليات قتل المراهقين الإسرائيليين الثلاثة بأنه "عمل غير إرهابي".

وصفت الزعبي تعليق أنشطتها البرلمانية بأنه: "قرار مناهض للديموقراطية من قِبل الأغلبية المستبدة، وذلك لقمع التعبير ورأي الأقلية".

( فايننشال تايمز 2/8/2014 )