إسرائيل تشن حربا لتدمير شبكة الأنفاق الأخطبوطية

تستعد إسرائيل لدفع قواتها المسلحة وأسلحتها المدرعة في أعماق قطاع غزة، في محاولة يمكن أن تؤدي إلى إجلاء مزيد من عشرات الآلاف من الفلسطينيين عن منازلهم، وزيادة الانتقادات الدولية لها والخطر على حياة جنودها.

يقول محللون "إن الجيش الإسرائيلي يسابق الزمن لتدمير شبكة من الأنفاق التي حفرتها "حماس"، وهي شبكة واسعة إلى درجة لم تكن تخطر على بالها سابقاً".

وتتزايد الإدانات لهذه الحرب خارج إسرائيل وتتسارع خطوات الجهود الدبلوماسية، مع توقعات بأن تلعب مصر دوراً رئيسياً فيها.

وقد ألقى الجيش الإسرائيلي نشرات من الجو وأرسل رسائل بالهواتف يطلب فيها من المقيمين، في جباليا وبيت لاهيا في شمال غزة والشجاعية في شرقها التحرك بعيداً عن منازلهم. وهي نفس التحذيرات التي أصدرتها في أوائل هذا الشهر في مناطق محاذية لإسرائيل، حيث تبع ذلك قصف تسبب في مقتل مئات الفلسطينيين.

أصبحت حكومة نتنياهو تواجه انتقادات دولية مع وصول عدد القتلى الآن إلى ما يزيد على 1100 قتيل - أغلبهم من المدنيين - وأسئلة عن سبب عدم تدميرها هذه الأنفاق في وقت أبكر من ذلك.

وفي المناطق المحيطة بالحدود الفاصلة بين إسرائيل وغزة، تثير العربات المدرعة والجرافات سحباً من الغبار وهي تبحث عن فتحات الأنفاق المخفية، التي يقول الجيش الإسرائيلي "إن معدل أطوالها يبلغ ثلاثة كيلو مترات، وتتفرع إلى ممرات جانبية وفتحات تنتهي في بيوت ومساجد ومبانٍ أخرى في الجانب الآخر من غزة".

قال نتنياهو قبل وقت قصير من بدء بعض من أعنف عمليات قصف لأهداف في غزة منذ بدء الهجوم عليها "لن نتمم مهمتنا أو ننهي عمليتنا دون شل قدرات الأنفاق، وهي السبب الوحيد في تدمير حياة مدنيينا وقتل أطفالنا".

كان يوم الإثنين من أكثر الأيام دموية في الحرب بالنسبة إلى إسرائيل حتى الآن، حيث قُتل عشرة جنود إسرائيليين، ليصل عدد من قتل من الجيش الإسرائيلي إلى 53.

الجيش الإسرائيلي قال قبل ساعات قلائل من حديث نتنياهو، "إن مجموعة من الفلسطينيين المسلحين مكونة من أربعة إلى ثمانية خرجت من نفق قرب مبنى عسكري إسرائيلي في مستوطنة نحال عوز، الواقعة على الحدود مع غزة، وأطلقت النار وقتلت أربعة جنود إسرائيليين. وقد تمكن المقاتلون الفلسطينيون من الفرار ثانية من النفق"، لكن الجيش الإسرائيلي يقول إنه قتل واحداً منهم.

دخلت عملية الحافة الواقية يومها الثاني والعشرين، وهو ما يجعلها أطول من عملية الرصاص المصبوب، وهي العملية الأولى لإسرائيل ضد "حماس" في أعوام 2008- 2009.

بدأ نتنياهو العملية يوم 7 تموز (يوليو) بعد أسابيع من احتكاكات عبر الحدود، وذلك بهدف إيقاف "حماس" عن هجمات الصواريخ وإضعافها.

قال ضابط مخابرات إسرائيلي كبير يوم الأحد "يبدو أن التهديد بدأ الآن في التراجع، وأن قصف مواقع الإطلاق وأهداف أخرى قلل من ترسانة الصواريخ التي تمتلكها "حماس"، التي تزيد على 9000 صاروخ بنسبة لا تقل عن 50 في المائة".

وفي يوم 17 تموز (يوليو)، وسع نتنياهو من نطاق العمليات الأرضية، في الوقت الذي اندفع فيه الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة العازلة والمناطق الحدودية مع غزة، مقتطعاً محيطاً يقع في حدود كيلو مترين، حيث كان يقصف المنطقة بكثافة، ما اضطر 10 في المائة من سكان غزة البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة إلى ترك منازلهم.

ويقول الجيش الإسرائيلي "إنه اكتشف أكثر من 40 نفقاً، وإن هذه الأنفاق بنيت من آلاف القطع الخرسانية مسبقة الصنع، وهي مزودة بالطاقة والأحزمة الناقلة لنقل التربة"، وهو يقول "إن كل واحد منها كلف "حماس" مبلغاً يراوح ما بين مليون و مليوني دولار، وإن هناك من 20 إلى 30 نفقاً لم يتم الكشف عنها بعد". قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، العقيد ركن بيتر ليرنر "إنه دون وجود تكنولوجيا يعتمد عليها لاكتشاف الأنفاق، أصبحت إسرائيل تعتمد على المخابرات لمعرفة مداخلها، وهي المخفية على الجانب الإسرائيلي".

وأضاف "عندما تحفر للبحث عن الأنفاق، وإذا لم تجد نقطة الدخول إليها، فإنها تصبح مثل الإبرة في كومة قش".

ويقول محللون "إن الأنفاق قدمت لـ "حماس" ميزة تكتيكية على واحد يعتبر من أقوى الجيوش في العالم".

قال اللواء إسرائيل زيف، وهو رئيس سابق لقسم غزة في الجيش الإسرائيلي، وهو يتحدث في مؤتمر نظمته مجموعة تسمى نفسها المشروع الإسرائيلي، وهي إحدى المجموعات المدافعة عن قضية إسرائيل "إنهم يتجنبون المواجهة الكاملة باستخدام نظام الأنفاق".

وقال "إن القوات الإسرائيلية ستندفع في أعماق مناطق حضرية مزدحمة بالسكان. وبسبب الأنفاق التي أكثرها مفخخ، سيتعامل الجنود الإسرائيليون مع نوع من الجبهات التي تبلغ زاوية محيطها 360 درجة".

وقد عمل الجيش الإسرائيلي، أثناء تحركه في المناطق الحدودية، على تسوية أحياء من المباني بأكملها مع الأرض في بيت حانون والشجاعية، وحول أراضي واسعة من المناطق الحدودية إلى أماكن غير صالحة للسكن.

وقال محللون عسكريون "إن من المرجح أن تكون حملة القصف الإسرائيلية العسكرية المطورة، عكست تصميم نتنياهو على تدمير الأنفاق، قبل أن تنجح المناورات الدبلوماسية المتعثرة في وضع نهاية للحرب".

قال عوديد إيران، وهو زميل باحث كبير في مؤسسة دراسات الأمن القومي في تل أبيب "أعتقد أن نتنياهو يبحث عن كسب الوقت، وعندما يكون لديك مثلاً عدة أهداف- بعضها تعرفه من قبل، والبعض الآخر تعرفه من خلال المخابرات أو العمليات- تذهب لتسابق الزمن إلى أن يقول لك المجتمع الدولي بحزم: قف".

( فايننشال تايمز 1/8/2014 )