أفلام حسن نصر الله المحروقة في خطابه يوم القدس

يوم القدس العالمي ، أو اليوم الدولي للقدس الشريف ، هو حدث سنوي يُعارض احتلال اسرائيل للقدس ، وفيه يتم حشد المسيرات المناهضة للصهيونية في مختلف أنحاء العالم، وهي مناسبة اقترحتها إيران لـ " الدعاية "، وتم تخصيص إحيائها في يوم الجمعة الأخيرة من رمضان .

وحسن نصر الله ، وباعتباره ( صنيعة إيران ) فإن من واجبه في هذه المناسبة أن يحتفل بهذا اليوم ويقدم خطاباً شعبيا، وهذا ما كان يوم الجمعة الفائتة عندما ألقى خطابه مباشرةً أمام جمهوره ، وكان من أهم نقاطه اعلان الشراكة مع غزة ، فالحزب الذي يمثله هذا الشخص يسوق نفسه على أنه رمزٌ للمقاومة من أجل تحرير فلسطين والقضاء على العدو الصهيوني ( لم يطلق أي رصاصة باتجاه إسرائيل منذ حرب 2006 لغاية الآن ) .

حاول نصر الله في خطابه إعادة تسويق نفسه من خلال بوابة فلسطين - كالعادة - ومن خلال العدوان على غزة بالذات ، ولكن الصورة الشاخصة التي كانت تطغى على وجهه بعيون مشاهديه : هي مشاهد الدمار والحصار التي يفرضها نظام الأسد على مخيم اليرموك الذي يأكل أطفاله ونساؤه وشيوخه الأعشاب والقطط والكرتون ، بفعل مناصرة حزب الله لحصاره ، ودعمه المطلق لمجازره في طول سوريا وعرضها ، فمن أين سيعيد نصر الله صورته وبريقه ، وكيف يرمم ما هدمه هو بمعول سلوكه الإجرامي الممنهج في سوريا ؟؟ ..

ها هو نصر الله يدعم في خطابه الشعب الفلسطيني في غزة ومقاومته للعدوان والاستبداد والقصف اليومي الذي يتعرض له من قبل الاحتلال الاسرائيلي والقتل المتعمد للأطفال الأبرياء والنساء والمدنيين العُزّل الآمنين في بيوتهم، حيث أكد في خطابه : " أنه برغم كل ما حصل وكل المؤامرات والتحديات، بقيت القضية الفلسطينية تفرض نفسها على المنطقة والعالم وما يجري في غزة الآن شاهد على هذا الاستنتاج لأسباب عديدة أهمها الشعب الفلسطيني ، لأنه بقي عصياً على اليأس والاخضاع والاستسلام ، ولم ينسَ المفتاح الذي ينتقل من الجد إلى الأب إلى الأبناء وهذا جزء من خطة مقاومة ولو بالفطرة . "

أضاف : " إن الشعب الفلسطيني ، بالرغم من ظروف العيش القاسية ومن إجراءات الهجرة بهدف تشتيت هذا الجمع الشعبي، بقي متمسكاً بأرضه وقضيته وحقه رافضاً الإستسلام والخضوع وما يزال يفعل ذلك" . .

إن أمين عام حزب الله لم يأت بجديد ، حيث إن ما ذكره هو حقائق تاريخية مشهودة ، فالشعب الفلسطيني الحر الأبي لا يحتاج إلى شهادة من مخادع يتلاعب بالكلمات ويتاجر بأرواح السوريين الأبرياء ..

ها هو ، في نفس السياق السابق - يتحدث عن : " صمود بعض الدول العربية وأبرزها سورية وعدم خضوعها لشروط التسوية وانتصار الثورة الإسلامية في إيران وتبنيها القضية الفلسطينية، وأيضاً حركة المقاومة في لبنان وانتصارها واسقاطها لمشاريع اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية".. .

ما هذا الكذب ، وعن أي تسويات لم يخضع لها النظام السوري يتحدث نصر الله ، وهو الذي قدم سلاحه الكيماوي لأميركا مقابل عدم التعرّض له ، وعن أي مقاومة يتحدث وحزب الله وإيران شريكان في هدف تحقيق المشروع الصفوي في المنطقة ، وليست فلسطين سوى مدخل و " وسيلة " لكسب ود الشعوب العربية والإسلامية وتعاطفها.

إلى متى سيمضي هذا الرجل في تزييف الحقائق والكذب على المقاومة والصمود والنضال والمؤامرات التي تحاك لـ " تدمير المنطقة " مع أنه هو ووليه الفقيه ونوري العراق هم من دمروا المنطقة ، وهم من يسعون للسيطرة عليها وعلى ثرواتها ليس فقط من خلال التشييع الممارس بغير هوادة ، بل من خلال الإحتلال المباشر ، وهو هدف أعمى من ينكره ، وغبي من يدافع عن ضده ، وجزر الإمارات حاضرة ، والعراق حاضر ، والدعوات لـ " تحرير " البحرين من الإحتلال السني تتردد يوميا في إيران وحسينياتها ومساجدها .

إن حسن نصر الله في خطابه بيوم القدس العالمي لا يملك إلا أن يقول ما قال عن فلسطين والمقاومة وغزة ، وإن ما أورده بشأن القضية الفلسطينية فيه الكثير من النقاط والحقائق والوقائع الثابتة ، فالقضية الفسطينية قضية عادلة ، من أي طريق سلكتَ إليها فإنك تصل إلى معاني التضحية والفداء والكرامة والعزة ، ولم يأت نصر الله بجديد ، ولم يخترع حقيقة ، فقد أثبت الشعب الفلسطيني في غزة والضفة ، أنه عصي على الإنكسار ، وإنه صامد صابر مرابط في وجه عدوه الرعديد الحاقد ، وشعب بهذه المواصفات ، بشهادة شعوب الدنيا ، لا ينخدع بكلام عميل إيران المعسول ، ولا بألاعيبه و" أفلامه النضالية " المحروقة .

د. فطين البداد

fateen@jbcgroup.tv