الحزب الديمقراطي هو مَن عبّد الطريق لمكارثي كي يطرد إلهان عمر

نشر موقع “ذي إنترسيبت” مقالا أعدته أكيلا ليسي، اتهمت فيه الحزب الديمقراطي الأمريكي بتعبيد الطريق أمام كيفين مكارثي، زعيم الغالبية الجمهورية بمجلس النواب، لمهاجمة البرلمانية إلهان عمر، مضيفة أن الجمهوريين ولعدة سنوات، أطلقوا مزاعم كاذبة ضدها واتهموها بمعاداة السامية لمجرد انتقادها إسرائيل، ولكن ماذا فعل الديمقراطيون؟ انضموا للهجوم.

وترى الكاتبة أن الديمقراطيين أظهروا ليلة الخميس جبهة موحدة وبشكل غير عادي للدفاع عن نائبة ولاية مينيسوتا، حيث واجهت زعيم الأغلبية كيفين مكارثي والذي نجح بعزلها من مقعدها في لجنة الشؤون الخارجية، حيث كانت عمر من الناقدين الأشداء للحرب وجماعات السلاح وانتهاكات حقوق الإنسان التي كانت أمريكا اللاعب الرئيسي فيها أو الداعم لها.

ورغم الوحدة التي أظهرها الديمقراطيون الذين صوتوا جميعا (211 نائبا) لدعمها، وفشلوا أمام النواب الجمهوريين، إلا أنهم يتحملون جزءا من المسؤولية في تثبيت انتقادات مكارثي بالمقام الأول.

وتعود هجمات مكارثي وزملاؤه لإلهان عمر إلى عام 2019، في الشهر الأول لها في الكونغرس، عندما طالبوا نانسي بيلوسي، رئيس المجلس الديمقراطية، بعزل عمر من لجنة الشؤون الخارجية. واستند مكارثي في طلبه على نقد عمر لانتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية، ودعمها حركة المقاطعة ضد إسرائيل، وهي حركة مجتمع مدني فلسطينية تعمل على بناء دعم دولي ضد احتلال إسرائيل لفلسطين.

وفي ذلك الوقت، كتب لي زيلدين، الذي كان مرشح الجمهوريين عن نيويورك، تغريدة عبّر فيها عن خيبة أمله من تعيين عمر في اللجنة، واتهمها بأنها “معادية للسامية وكارهة لإسرائيل”. وبدأ الديمقراطيون بعد وقت قصير، بتأكيد الرسالة في تعليقاتهم العامة ورسائلهم في الكونغرس، مما عبّد الطريق لآخر انتصار: تعهد مكارثي لعزل عمر من اللجنة ومهامها.

وتقول الكاتبة إن بعض الديمقراطيين الذين صوتوا ضد حركة مكارثي، واصلوا الدفاع عن تحركه، وأعادوا تكرار المزاعم القديمة ضد عمر. وقال زعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز، النائب عن نيويورك، إن التصويت هو عن الانتقام من عمر، لكن “من الواضح أنها ارتكبت أخطاء واستخدمت استعارات معادية للسامية”. وقالت بيث ميلر، مديرة جويش فويس فور بيس أكشن: “عندما كان الديمقراطيون يسيطرون على المجلس، كانوا يهاجمونها بشكل دائم لنفس الأسباب التي رموها من أجلها تحت الحافلة عندما بدأ الجمهوريون ينتقدونها، وخلقوا المناخ الذي كشف عن استعدادهم لرمي أي عضو منهم تحت الحافلة ممّن يدعون لدعم حقوق الإنسان الفلسطينية”.

وقالت ميلر إنها تشعر بالراحة لأن الديمقراطيين دعموا عمر الآن، معلقة أن الأمر لم يحدث من فراغ. ووضع التقدميون اليهود الأمريكيون يوم الأربعاء، بيانا ربطوا فيه الهجمات على عمر بالهجمات على التيار التقدمي في كل مكان. وأضافت أن الحزب الجمهوري استخدم سلطته للهجوم على التقدميين، و”خاصة التقدميات الملوّنات لأنهن تقدميات مؤثرات ويدافعن عن الحقوق الفلسطينية”.

ويتزامن عزل عمر مع تحرك إسرائيل باتجاه اليمين المتطرف وزيادة الدولة اليهودية هجماتها ضد الفلسطينيين، حيث قُتل أكثر من 30 فلسطينيا منذ بداية العام الحالي. وقالت ميلر: “يحدث هذا السيرك في وقت تصعّد الحكومة الإسرائيلية عنفها ضد الفلسطينيين، ولو نظرت إلى ما تفعله الحكومة الإسرائيلية الآن، ستكتشف أن القناع قد نزع بالكامل”.

وأضافت الكاتبة أن الضغوط الديمقراطية على عمر تعود إلى أربعة أعوام. وبعد شهر من دخولها مجلس النواب كأول مسلمة منتخبة، شجبها الديمقراطيون في شباط/ فبراير 2019 لأنها نشرت تغريدة انتقدت فيها علاقة النواب وجماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل، اللجنة الأمريكية- الإسرائيلية للشؤون العامة (ايباك). وكتبت عمر وقتها: “كل الأمر هو عن البنجاميين، يا ولد”، ووضحت أنها كانت تقصد “إيباك” ثم اعتذرت لاحقا.

وبعد يوم، كتب النائب المحافظ جوش غوثيمر، والبرلمانية في حينه عن فيرجينيا إيلين لوريا، رسالة إلى قيادة الديمقراطييين في الكونغرس لم تذكر عمر بالاسم، ولكن تم التعبير فيها عن القلق من الخطاب المعادي للسامية، و”البيانات المتهورة مثل هذه يوم أمس”. وطلبا من المجموعة الديمقراطية عدم “السكوت في وجه خطاب الكراهية أو الأفعال” و “اتخاذ تحرك حاسم” لمعالجة الأمر، “والتأكيد على رفضنا لمعاداة السامية ودعمنا الدائم لإسرائيل”.

وفي بيان بنفس اليوم، قال قادة الحزب الديمقراطي في الكونغرس بمن فيهم بيلوسي، وزعيم الغالبية ستيني هوير عن ولاية ميريلاند، ورئيس الانضباط عن ولاية ساوث كارولينا، جيمس كليبرن، ومساعد رئيسة المجلس بن ري لوغان عن ولاية نيو مكسيكو ورئيس المجموعة، حكيم جيفريز عن ولاية نيويورك، ونائبة رئيس المجموعة، كاثرين كلارك عن ولاية ماساشوستس، قالوا إن “استخدام عمر للاستعارات المعادية للسامية، والاتهامات المتحيزة حول داعمي إسرائيل، هي مؤذية بشكل عميق”. وصوّت المجلس بعد يومين لشجب معاداة السامية في توبيخ لعمر.

وبعد شهر، مرر المجلس قرارا ضد معاداة السامية والإسلاموفوبيا والعنصرية ردا على تعليقات لعمر في مقهى عن اللوبي المؤيد لإسرائيل.

وفي الوقت الذي كان فيه مكارثي يزيد من الهجمات ضد الديمقراطيين، خاصة عمر ويتهمها بالتحيز، إلا أن الحزب الجمهوري كان محلا لعدد من المدافعين أو الذين اعتنقوا مواقف واضحة ومعادية للسامية والتفوق العرقي الأبيض، بمن فيهم النائب عن ولاية أريزونا بول كوسار، والبرلمانية عن جورجيا ماغوري تيلور غرين، وكذا النائب السابق عن ولاية أيوا، ستيف كينغ. لكن مكارثي ركّز بدلا من ذلك على إلهان عمر.

وفي الوقت الذي استهدف فيه مكارثي تعليقات عمر التي قال إنها معادية للسامية، إلا أن العارفين بالأمور داخل واشنطن، يرون أن هجومه عليها نابع من انتقادها للجماعات المؤيدة لإسرائيل، والنواب في الكونغرس ممن يدعمونها. وقال مسؤول ديمقراطي بارز طلب عدم الكشف عن اسمه: “كما أعتقد ويعرفه الكثيرون، ولكن لا أحد يهتم بالحديث علنا، كلا الحزبين لديه مشكلة لوبي إسرائيلي”. و”لا يمكنهم معرفة موقفهم من الموضوع، ولا يعرفون كيف يتحدثون عنه”.

وعند وصولها إلى المجلس، خرقت عمر الإجماع في الموضوع، وكانت مستعدة لنقد انتهاكات حقوق الإنسان في إسرائيل وفلسطين، واللوبي الإسرائيلي في الكونغرس.

وفي الوقت الذي كانت واشنطن تناقش مسألة طرد عمر من لجنة الشؤون الخارجية، فقد عانت هي نفسها من آثار السياسة الخارجية والحرب، كما تقول ميلر، وهذا اللغز هو “المثال الأوضح على انكسار كل شيء في أسلوب واشنطن ونهجها في التعامل مع السياسة الخارجية”.

ذي إنترسيبت