بعد التظاهرات.. هل ينتقل الاحتجاج الإسرائيلي إلى إضراب في المرافق العامة؟
استعارة لجملة قالها تشرتشل ذات مرة، فهذه ليست نهاية الكفاح بل نهاية البداية؛ فقد لبى المتظاهرون التوقعات: سير على طول مسار المظاهرات في تل أبيب، من مفترق عزرئيلي حتى ميدان “هبيما”، وعرض مسار يعج بالناس، ازدحام، ونصبت في كل شارع شاشة وبثت عليها الخطابات. ولئن كان في السبت الماضي 80 الفاً، كاد العدد يتضاعف هذه المرة، في تل أبيب ومراكز تظاهرة أخرى في أرجاء البلاد. من الصعب أن نرى كيف ستنجح حركة الاحتجاج جذب جمهوراً أكبر أو خطابات مبهرة أكثر إلى مظاهرة أخرى. فقد تحدث الكاتب دافيد غروسمان عن “الزمن الأسود” وهو تعريف قاس جداً للفترة الحالية. وتحدث بوغي يعلون عن جيش في عهد دكتاتورية. “انظروا إلى جيش بوتين الفاشل”، قال، “وستفهمون كيف يبدو جيش الدكتاتورية”.
لقد أثبتت المظاهرتان الكبريان وجود جمهور كبير في إسرائيل مستعد للخروج من البيت ويتظاهر من أجل الديمقراطية، جمهور كبير يعرف كيف يوجه غضبه إلى قنوات منضبطة، قانونية وديمقراطية.
في الجانب التربوي، زرعت المظاهرات شكاً في أوساط نسبة معينة من الجمهور ممن صوتوا لصالح كتلة نتنياهو ولعلهم ساهموا بشيء ما في تصميم استر حايوت وغالي بهرب ميارا، اللتين تقفان في مركز الكفاح في هذه اللحظة. من جهة أخرى، فإنها لم تبطئ عملية التشريع في الكنيست ولم تردع الحكومة. القطار الذي يقودنا إلى بولندا وهنغاريا يواصل سفره، بأقصى سرعة.
كان الإحساس من خلف منصة الخطباء أمس أن مرحلة المظاهرات قد استنفدت؛ لا مفر من السير إلى المرحلة التالية: تعطيل أجزاء في المرافق الاقتصادية. والفرضية أن رئيس “الهستدروت” أرنون بردود، غير معني بالانضمام إلى الاحتجاج، ليس في هذه المرحلة. فهو يسعى إلى صفقة مع وزير المالية سموتريتش. فإذا ما عطل الاقتصاد، فسيفعل ذلك لأسباب أخرى، وليس بسبب المس بجهاز القضاء. وإذا حدثت إضرابات فستركز على عمال صناعة التكنولوجيا العليا، والمحامين، والأطباء، والطلاب، وتلاميذ الثانوية. كل أولئك لا يحتاجون لإذن من “الهستدروت”. ثمة اتجاه محتمل آخر، هو العودة إلى صيغة الاحتجاج من عهد بلفور: مظاهرة صغيرة كل سبت، أمام وزارات حكومية وعلى الجسور، فيما تعمل مجموعات كفاحية في الهوامش تسد الطرق وتصطدم بالشرطة. المثابرة هي الأخرى قوة.
يسعى الاحتجاج إلى هدفين مختلفين: الأول، ممارسة الضغط على الائتلاف كي يلطف الحدة أو حتى يلغي سلسلة القوانين من مصنع لفين وروتمان. الثاني، إسقاط الحكومة. الهدف الأول يتطلب العمل فوراً وبسرعة، قبل أن تقر القوانين وتنفذ. أما الثاني فيتطلب نفساً طويلاً.
لا يجند اليمين ناخبيه في هذه الأثناء؛ ومن ناحية نتنياهو “الكلاب تنبح والقافلة تسير”. محاولات مؤيديه المس بالمتظاهرين ستعزز إحساساً بأن وجهته هي لتصفية الديمقراطية وستشدد الاحتجاج. فضلاً عن بضعة فتيان سافروا على دراجات تسير وقوفاً وهتفوا “بيبي”، لم أرَ في بؤر المظاهرات في تل أبيب لا بيبيين ولا حريديم ولا مستوطنين.
يدور الكفاح مثلما في قول شهير لشايكا أوفير: المناجاة شخص واحد يتحدث إلى نفسه؛ أما الحوار فهو شخصان يتحدثان إلى نفسيهما. المتظاهرون والحكومة يعملون في كونين متوازيين.
بقلم: ناحوم برنياع - يديعوت أحرونوت
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews