في إيران: الإعدام أهون من انتظاره.. والنظام بين السيطرة على الاحتجاج والانفجار المقبل

تخلص علي رضا أكبري من الألم في نهاية الأسبوع الماضي. حسب بيان للحكومة الإيرانية، فقد تم إعدامه بعد إدانته بالتجسس لصالح المخابرات البريطانية. وقالت عائلته بأن أكبري، الذي كانت بحوزته الجنسية الإيرانية والبريطانية، والذي كان نائب وزير الدفاع في إيران في فترة ولاية محمد خاتمي حتى العام 2001، تم تسميمه وتعذيبه بشكل وحشي، وتم التحقيق معه لآلاف الساعات إلى أن نجح من قاموا بتعذيبه في الحصول على اعترافه الذي استخدم كدليل إدانة.
لم يبق للحكومة البريطانية سوى إدانة الإعدام بشدة، وفرض عقوبات على المدعي العام في إيران، والتهديد بأن هذا الفعل لن يمر مرور الكرام. ولكن فعلياً، تصعب رؤية كيف أن رد بريطانيا أو رد معظم الحكومات في الغرب يمكنه وقف عملية الإعدام، التي حولت إيران إلى الدولة الثانية في العالم، بعد الصين، من حيث عدد عمليات الإعدام التي تنفذها.
معظم من تم إعدامهم غير مشهورين مثل أكبري أو مثل المتظاهرين الذين تم اعتقالهم وحكم عليهم منذ أيلول الماضي بعد قتل مهسا أميني على يد شرطة الآداب. أربعة منهم وهم: محسن شكاري، ومحمد مهدي كرامي، وسيد محمد حسيني، ورشيد رضا رهنفندي، أُعدموا في كانون الأول الماضي وكانون الثاني الحالي. من غير المعروف عدد السجناء الذين يتوقع إعدامهم شنقاً بسبب المشاركة في مظاهرات الاحتجاج، لكن عددهم يقدر بعشرين شخص. أحدهم هو الدكتور حميد غارا حسنلو، طبيب الأشعة (50 سنة، الذي اعتقل في تشرين الثاني عندما كان هو وزوجته فرنزا يشاركون في مظاهرة قتل فيها شخص من قوات الباسيج (قوات المتطوعين التابعين لحرس الثورة الإيراني). تم التحقيق مع حسنلو وتعذيبه لفترة طويلة، وحكم عليه بالإعدام. لحسن حظه، فور الإعلان عن الحكم الذي فرض عليه، تجند آلاف الأطباء الإيرانيين في أرجاء العالم وفي إيران أيضاً، وطالبوا السلطات بإطلاق سراحه أو على الأقل إلغاء عقوبة الإعدام. المقربون منه والذين يؤيدونه، قالوا بأن حسنلو قد ساعد المحتاجين كثيراً وساهم في إقامة عيادات في قرى كثيرة، وعالج المرضى بالمجان. من غير الواضح إذا كان الضغط الدولي أو الخوف من تفاقم الاحتجاج في إيران هما المسؤولين، لكن محكمة الاستئنافات قررت إلغاء الحكم بسبب “وجود خلل في الإجراءات القانونية”، وإعادة المحاكمة. لم ينجُ حسنلو بعد من خطر الإعدام، وفي هذه الأثناء حكم على زوجته 25 سنة سجناً بدون حقها في الزيارة.
لا يمكن وصف الرعب الذي يمر به كثير من السجناء الذين ينتظرون الإعدام. الانتظار جزء من التعذيب. قبل سنتين وقفت زهرت إسماعيلي في الدور للإعدام في سجن رجائي شهر في مدينة كرج غرب طهران. قبلها، انتظر الإعدام 16 شخصاً. لم تصمد إسماعيلي أمام الضغط الكبير، وأصيبت بنوبة قلبية وتوفيت وهي تنتظر الدور. ولكن سلطات السجن لم تتنازل عن طقوس عملية الإعدام. فقد تم تعليق جثتها فوق كرسي لتتمكن والدة زوجها، الذي قتلته إسماعيلي على خلفية تنكيله بها بشكل عنيف، من ركل الكرسي، وهو تقليد متبع في إعدام من نفذوا القتل المتعمد.
مع ذلك، تسمح النيابة لعائلات الضحايا بالعفو عن المجرمين، وبذلك تمكينهم من مواصلة العيش. أعلنت النيابة في هذا الشهر بأنها أرسلت 530 رسالة إلى عائلات ضحايا عرض فيها عليهم العفو عن قتلة أحبائهم. وإذا لم يصل هذا العفو حتى نهاية آذار فسيتم إعدام المجرمين. في النصف الأول من العام 2022 تم إعدام 330 شخصاً، أكثر من ربع العدد في 2021. معظم عمليات الإعدام يتم في سجن رجائي شهر، الذي خطط ليستوعب ثلاثة آلاف سجين. ولكن بشكل عام، العدد مضاعف فيه. السجن مقسم لعشرة أقسام هي: قسم الشباب، وقسم السجناء الأمنيين، وقسم خاص للمحكومين بالإعدام، وقاعة خاصة للإعدام باسم “الجناح”.
في 1988 قتل في هذا السجن مئات السجناء السياسيين. أحد القضاة الذي كان مسؤولاً عن إصدار الأحكام هو إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الحالي. وقائد تنفيذ المذبحة هو قائد السجن حميد نوري، الذي حكم عليه مؤخراً في محكمة خاصة في السويد التي فيها ملجأ سياسي.
ثمة شهادات جمعتها “أمنستي” ومنظمات حقوق إنسان في إيران، تتحدث عن سجن لا يصلح لسكن البشر. فالمياه التي يحصل عليها السجناء من آبار حفرت قرب السجن. وبشكل عام، هذه المياه ملوثة وتحتوي على مواد كيميائية خطيرة. الكثير من السجناء أصيبوا بأمراض في المعدة والعيون والكبد. وللحصول على العلاج يجب عليهم المرور بإجراء بيروقراطي طويل بشكل خاص، والبعض منهم يموتون قبل رؤية الطبيب. لا يحصل السجناء على الخضراوات والفواكه والحليب ومشتقاته، ويعيشون على الخبز نصف المخبوز والبقوليات المطبوخة. “يكفي المكوث في هذا السجن كي تعرف بأن الإعدام ليس الأمر الأكثر فظاعة الذي يمكن أن يحدث لك”، قال أحد السجناء السابقين في إفادته. إن رعب الإعدام أو الحبس في سجن رجائي شهر فعل فعله. وحسب التقارير الأخيرة، فقد تقلص حجم الاحتجاج في إيران. قليل من الأشخاص يخرجون إلى الشوارع، وفي بعض المدن لا يشاهد متظاهرون، ويبدو أن النظام يمكنه التسجيل لنفسه بأنه نجح في قمع احتجاج آخر هدد استقراره. ولكن الغضب والمعارضة لم يتوقفا، هما ينتظران الانفجار القادم.
بقلم: تسفي برئيل - هآرتس
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews