Date : 20,04,2024, Time : 01:07:08 AM
3089 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الأحد 22 جمادي الآخر 1444هـ - 15 يناير 2023م 12:46 ص

حروب الأوروبيين في عيون الأفارقة

حروب الأوروبيين في عيون الأفارقة
مالك التريكي

قبل سنوات سألني أستاذ دنماركي، أثناء ندوة في كلية إدارة الأعمال في جامعة كوبنهاغن، ألا ترى أن قناة الجزيرة نجحت في نشر سردية عربية تتحدى السرديات التي سادت واستحكمت عالميا بسبب عقود طويلة من الاحتكار الغربي للمجال الإعلامي؟
أجبت بأني وددت أن يكون الأمر كما وصف، ولكنه ليس كذلك إلا بمقدار: صحيح أنه صار في إمكان الجمهور من مختلف الأمم والقارات، منذ انطلاق قناة الجزيرة الإنكليزية، الاطلاع على وجهات نظر أخرى غير وجهات النظر الغربية، خصوصا في ما يتعلق بقضية التحرر الوطني الفلسطيني من الاحتلال الكولونيالي الصهيوني. لكن رأيي أن المعوّل في مجال التأثير في الرأي العام العالمي ليس على الإعلام بل إن المعوّل على الإبداع، لأن دور الإعلام في نشر السرديات القومية أو الحضارية المخصوصة نشرا واسعا إنما هو دور محدود. أما السينما، فإن تأثيرها العالمي أو العولمي أقوى وأجلى. إذ إن سيطرة أمريكا (سابقا، وربما حاضرا) على المخيال البشري عموما هي من فعل السينما، لا الإعلام. وأثر نيويورك تايمز وسي ان ان، مثلا، عارض محدود قياسا إلى الأثر الأسطوري أو السحري لهوليوود.
لهذا كله اهتممت منذ أن سمعت، قبل أكثر من عام، أن المخرج الفرنسي ماتيو فاديوبياد يعمل مع الممثل السنغالي الفرنسي المعروف عمر سي على إنجاز فيلم، بعنوان «الرماة»، يتناول مسألة تجنيد حوالي 200 ألف من أبناء إفريقيا الغربية وإجبارهم على القتال في صفوف الجيش الفرنسي أثناء الحرب العالمية الأولى. يروي الفيلم، الذي بدأ عرضه في قاعات السينما في فرنسا منذ الرابع من هذا الشهر، قصة قرية سنغالية يعيش أهلها من رعي الأغنام تحولها سلطات الاحتلال الفرنسي معسكرا لتجنيد الشباب من أهل البلاد. يأخذ الفرنسيون الشاب تيارنو عنوة فلا يجد والده باكاري حيلة سوى أن يعرض عليهم أن يأخذوه معه.

ذلك أن خوف الأب على الابن من مصرع شبه محقق يدفعه إلى التطوع حتى يكون فلذة كبده تحت نظره عساه يفلح في أن يحميه أو ينجيه، وسيان عند الأب إن كلفه ذلك حياته. لكن مصيري الوالد الذي لا يتكلم الفرنسية والولد الذي يتكلمها يفترقان لأن الملازم الفرنسي شامبرو يتخذ تيارنو صديقا فتنشأ بينهما تلك الأخوّة التي توحد رفاق السلاح.
ولقد غدر بالمجندين الأفارقة في الحرب العالمية الأولى. فلطالما وعدوا بنيل الجنسية الفرنسية بعد الحرب… وتكرر الأمر في الحرب العالمية الثانية. بل إن قدامى المحاربين السنغاليين طالبوا عند عودتهم لبلادهم، في ديسمبر 1944، بنيل رواتبهم على غرار زملائهم الفرنسيين. فبماذا رد ضباط الاحتلال على هؤلاء الرجال العزّل؟ أطلقوا النار عليهم في ثكنة بداكار فأردوا منهم أربعمائة!!!
ومعروف أن المخرج رشيد بوشارب روى في فيلم «الأهليون»، عام 2006، قصة عدد من مجندي المغرب العربي الذين كان لهم دور فعال في معركة تحرير فرنسا من الاحتلال النازي عام 1944، فكانت تلك أول مرة يفيق فيها الجمهور الفرنسي الواسع على حقيقة أن التاريخ الذي تعلموه في المدارس وتعودوه في الإعلام تاريخ مبتور لأنه حذف منه كل ما يدحض أسطورة المجد القومي الذي لا يدين للأمم الأخرى، سواء الغربية (أمريكا وبريطانيا) أو الإفريقية، بأي دين. وقد عبّر عمر سي، بطل فيلم الرماة، عن هذه المفارقة بالقول: «إن التاريخ يجمعنا ولكن الذاكرة تفرقنا (..) ليس الهدف من الفيلم إشعار عموم الفرنسيين بالذنب، بل إطلاعهم على ما لا يعرفون من الحقائق وتأكيد شعور الأفارقة بالفخر لأهمية دورهم في صنع تاريخهم وتاريخ غيرهم».
وقد سبق لي أن أنجزت شريطا وثائقيا عن الوجه العربي من هذه المسألة، أي تجنيد أبناء المغرب العربي للقتال في صفوف الجيش الفرنسي وأبناء مصر للقتال في صفوف الجيش البريطاني وأبناء العراق وبلاد الشام للقتال في صفوف الجيش العثماني، في سلسلة تلفزيونية من ثلاث حلقات بعنوان «الحرب العالمية الأولى في عيون العرب». ومع أن الوثائقي حظي بمشاهدة الملايين في نسختيه العربية والإنكليزية، إلا أن الذي لا مراء فيه أن الأثر سيكون أقوى، وربما أبقى، لو أن مخرجا سينمائيا قرر في المستقبل أن يروي هذه السردية العربية للجمهور العالمي بكل ما يتيحه فن السينما من إمكانات التأثير الإبداعي في المخيال الإنساني العابر للثقافات.

القدس العربي




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد