سفراء الغرب فقدوا الصبر مع النخبة الحاكمة في ليبيا.. زيادة عالية في الأجور وتحصين للمواقع

كتب المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور قائلا إن الغرب فقد الصبر تجاه النخب الليبية التي أحبطت الانتخابات. وأشار في التقرير إلى أن السفراء الغربيين سيلتقون في واشنطن بعدد من الرموز لكي يظهروا أن النخب الليبية الحاكمة زادت بنسبة 40%. وقال الكاتب إن القادة الغربيين نفد صبرهم من الساسة الليبيين الذين تمكنوا وفشلوا معا للتوافق على القواعد التي تقوم عليها الانتخابات ولأكثر من عام ولكنها اهتمت بزيادة رواتب المسؤولين.

وسيلتقي المبعوثون الخاصون من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا اليوم الجمعة في واشنطن لمناقشة الخطوة المقبلة بعدما فشلت النخبة الليبية الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاقية نهائية تحدد القواعد الدستورية لعقد انتخابات وطنية وذلك في اجتماع عقد في العاصمة المصرية، القاهرة. وأحبطت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كانون الأول/ديسمبر عام 2021، وقادت فرنسا جهودا في عام 2018 لحل المأزق السياسي ولكنها فشلت أيضا.

وتحكم ليبيا منذ عقد مجموعة من النخب السياسية غير المنتخبة والحكومات الانتقالية. وألغيت الانتخابات في عام 2022، بسبب الخلافات حول مؤهلات المرشحين، والتي عبرت عن تردد عميق من الساسة في الشرق والغرب خشية أن يحصل الفائز على كل شيء، مما يعني خسارتهم مصادر الرعاية والقوة في الدولة. وقال دبلوماسي غربي يائسا: “هناك من يريد القيام بجهود صادقة للتوسط، إلا أن الموقف الذي التزم به كل المسؤولين على جانبي الانقسام هو الحديث عن ضرورة عقد الانتخابات ثم عمل ما بوسعهم لخنق الجهود كي يواصلوا حشو جيوبهم بالمال. وربما توقفنا عن الأمل بإقناع هؤلاء الناس التوافق على انتخابات بدلا من العثور على طريق يتجاوزهم”.

ودعا لاجتماع السفراء الغربيين في واشنطن يوم 13 كانون الثاني/يناير المبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند حيث سيتباحثون في كيفية عقد الانتخابات وإن كانت هناك حاجة لحث المبعوث الأممي عبد الله باتلي، على وضع موعد نهائي لإنشاء مجلس وطني يتوافق على الانتخابات. وقال وينتور إن نمو الاقتصاد المتوقع هذا العام سيصل إلى 17.9%، وهو الأعلى في أفريقيا، ورغم هذا المنظور إلا أن ثلث سكان ليبيا، وبخاصة في الجنوب يعيشون تحت خط الفقر. وناقش ساسة ليبيا سلسلة من المقترحات لعقد الانتخابات. وبعد أشهر من المحادثات في القاهرة بين رئيس مجلس نواب طبرق في الشرق ورئيس المجلس الرئاسي الأعلى في الغرب، خالد المشري، حققا نوعا من التقدم.

ولم يتوافق المسؤولون حول حق حملة الجنسية المزدوجة للترشح ومدة بقاء المسؤولين في المنصب. وخلف الكواليس هناك محاولات من الطرفين لمنع المرشحين المثيرين للجدل من الترشح. وقال نورلاند إنه لا توجد معوقات لتحديد المشري أو صالح موعد الانتخابات. ولم تتحسن سمعة الطبقة السياسية عندما نشر المسؤولون في البنك المركزي أرقاما في الأسبوع الماضي حول نفقات الدولة الإجمالية والتي زادت إلى 127.9 مليار دينار ليبي. وهي زيادة بنسبة 42 مليار دينار أو حوالي 9 مليار دولار في عام 2021. وكشفت الأرقام عن نفقات الدولة والتي لم تكن واضحة لعدة سنوات وبتدقيق كامل من محاسبي سي بي آل التي لم تنشر أبدا. فقد زادت رواتب القطاع العام من نسبة 42% إلى 47 مليار دولار لعام 2022، مقارنة مع 33 مليار دولار العام الذي سبقه. وكان هذا أكبر جزء من النفقات. وزادت نفقات الدعم على الوقود إلى 20 مليار دينار ومشاريع التنمية والمشاريع إلى 17.5 مليار دولار. ومنحت شركة النفط الليبية 34 مليار دولار أي حوالي 6 مليار دولار.

ولا يزال النفط المصدر الرئيسي لموارد الدولة ويصل إلى 134 مليار دينار، حوالي 29 مليار دولار. وانتخب مجلس النواب في عام 2016، وحصل على 144 مليار دينار، 30 مليار دولار أمريكي، أما المجلس الأعلى للدولة في الغرب وبقيادة المشري فحصل على 49 مليار دينار، 10 مليار دولار. وحصلت الحكومة المؤقتة في طرابلس وتدعمها تركيا ويقودها عبد الحميد الدبيية على مليارات من الدولارات.

ويقول النقاد إن حجم الرواتب وتوزيع المال يقترح أن النخبة البعيدة عن المحاسبة تحاول تجنب الحكم عليها عبر صناديق الاقتراع. وقال تيم إيتون، الخبير في ليبيا بتشاتام هاوس إن “أرقام المصرف المركزي لا تزال غامضة ومن الواضح أن النفقات والرواتب مذهلة، إن أخذنا بعين الاعتبار أن الناس العاديين في ليبيا لا يحصلون على الخدمات المناسبة”. وقالت المبعوثة الأممية السابقة للأمم المتحدة المجربة ستيفاني ويليامز إن “نخبة حاكمة تعاقدية بعض شبكاتها تعود للنظام السابق تستخدم المؤسسات السيادية لليبيا كبقرة حلوب فيما يمكن وصفه بأنه “إعادة توزيع اللصوصية”، مما يعطي لدوائرها ما يكفي للحفاظ على النظام”، وقالت إن بعض النخب لا ترى أهمية لعقد انتخابات.

وهناك حالة من الغضب والمشاعر الحانقة نظرا لغياب الانتخابات، وقال عارف نايض، رئيس حركة إحياء ليبيا إن لا شيء يمنع الانتخابات إلا النخبة الفاسدة الحاكمة والتي تتقاتل فيما بينها على أي شيء، مع أنها متحدة بتجريد الليبيين من حقهم في تقرير مصيرهم والمشاركة في الثروة”. وقالت زهرة لنغي، الناشطة النسوية إن “النخب السياسية بمن فيها حاكم المصرف المركزي طالما انتفعت من ثقافة الإفلات من المحاسبة. وتشهد ليبيا حالة من انسداد الأفق على المسار السياسي وانقساما في السيطرة على مؤسسات الدولة والتي تحرم الناس من حقهم في انتخاب ممثليهم”.

وتقول الصحيفة إن النقاش بين الدبلوماسيين الغربيين قد يضع موعدا لمؤسسات الدولة كي تتوافق على أساس للانتخابات وإن تم تجاوز الموعد البدء بعملية جديدة. وطالما خسرت المؤسسات السياسية في ليبيا شرعيتها. فمجلس النواب انتخب في حزيران/يونيو 2014 في عملية لم تشارك فيها سوى نسبة 20%، ولم يحصل صالح، رئيس المجلس إلا على 1.000 صوت. وانتخب المجلس الأعلى للدولة في الغرب عام 2016. وفي شباط/فبراير 2021 انتخب الدبيبة رئيسا لحكومة مؤقتة بمهمة التحضير للانتخابات وكتابة الدستور وتعهد هو وحكومته بعدم الترشح في الانتخابات، ولم يفعل لا هو وغيره من أعضاء الحكومة.

الغارديان