إسرائيل تعدّ خطة لطرد الفلسطينيين من مسافر يطا.. ما رأي بايدن؟

بدأ ضباط كبار برئاسة قائد المنطقة الوسطى، الجنرال يهودا فوكس، بالإعداد لإخلاء مئات السكان الفلسطينيين من مسافر يطا في جنوب جبل الخليل لصالح إجراء تدريبات منتظمة للجيش الإسرائيلي في المنطقة. وحسب أقوال جهات رفيعة في جهاز الأمن وجهات سياسية، بدأت الخطة قبل نحو شهرين، وتمت بمبادرة من المستوى العسكري بدون أي نقاش مسبق مع المستوى السياسي، الذي من مسؤوليته اتخاذ قرارات في هذا الشأن. كما قالت الجهات الرفيعة بأن الخطة عرضت على الحكومة للمرة الأولى فقط في الأسبوع الماضي بعد استبدال الحكم.

حسب أقوال السكان، تم طرح موضوع الإخلاء في اللقاء الذي جرى الأسبوع الماضي بين ممثل الإدارة المدنية في منطقة الخليل سليم سعد، وممثلي السلطة الفلسطينية. في نهاية اللقاء، أبلغ ممثلو السلطة السكان الفلسطينيين بأن سعد قدر أن الإخلاء سيجري هذه السنة، وقال إن هناك بديلين للسكن، سيتم عرضهما على السكان في الأسابيع القريبة القادمة. تم التخطيط لهذا اللقاء في الأصل لتناول طلب المصادقة على حراثة الأرض في المنطقة. لذلك، تفاجأ السكان من هذه الأقوال. أيضاً تم إبلاغ السكان بأن سعد تحدث في اللقاء عن إخلاء 12 قرية قريبة، وليس فقط عن القرى الثماني التي تم بخصوصها مناقشة الالتماس الأخير في هذا الموضوع.

السكان الفلسطينية في مسافر يطا يعيشون في ثماني قرى. أعلنت إسرائيل عن المنطقة كمنطقة تدريب عسكرية قبل أكثر من عشرين سنة، وعقب ذلك قدم السكان التماساً للمحكمة العليا. وقف في قلب الالتماس ادعاء الفلسطينيين بأنهم كانوا يعيشون في المكان منذ فترة طويلة قبل الإعلان، الأمر الذي يمكن أن يمنع حسب القانون إخلاءهم من المنطقة. في أيار الماضي، بعد نضال قانوني متواصل، تبنت المحكمة العليا موقف الدولة وسمحت للحكومة الإسرائيلية بطرد سكان مسافر يطا من بيوتهم بشكل دائم. في قرار الحكم الذي أصدره القاضي دافيد مينتس، تم النص على أنه لم يكن هناك سكن ثابت في المنطقة عشية الإعلان عن المنطقة كمنطقة تدريب.

في حزيران الماضي، أجرى جنود عملية مسح للسكان في مسافر يطا، تنقلوا في إطاره بين بيوت القرى التي يعيش فيها نحو ألف نسمة، وفحصوا بطاقات هوياتهم. احتجت بعض المنظمات لأن الأمر يتعلق بإعداد للطرد، في حين أن الجيش قال بأن الأمر يتعلق بجزء من محاربة الدخول غير المشروع إلى إسرائيل عبر هذه المنطقة. أجريت عدة تدريبات بالنار الحية في المنطقة في الأشهر الأخيرة، وتم وضع حواجز تمنع حرية حركة السكان. رفضت المحكمة العليا قبل شهرين التماساً لعقد جلسة أخرى بشأن إخلاء السكان، وبذلك مكنت من إخراج طردهم إلى حيز التنفيذ.

ربما ينتهي الإخلاء كهجوم دبلوماسي

رغم قرارات المحكمة العليا تعتبر هذه القضية قابلة للانفجار من ناحية سياسية. حتى إن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تطرق إليها في زيارته الأخيرة في إسرائيل في تموز. وقد طلب في محادثات مغلقة مع شخصيات رفيعة في المستوى السياسي والأمني أن تتجنب إسرائيل القيام بخطوات أحادية الجانب في المكان قد تؤدي إلى تصعيد أمني. مصدر رفيع في الحكومة مطلع على الأمر قبل استبدال السلطة، قال للصحيفة أثناء تطرقه لذلك: “يدور الحديث عن قضية سياسية حساسة اختار الرئيس الأمريكي التطرق إليها بشكل شخصي أثناء زيارته الأخيرة… لكن شخصاً في قيادة المنطقة الوسطى قرر أن يقدم للحكومة حبة البطاطا الساخنة هذه بالذات الآن”.

حسب أقوال جهات إسرائيلية رفيعة، عرضت الخطة على المستوى السياسي فقط للمرة الأولى بعد استبدال الحكومة، رغم أن قيادة المنطقة الوسطى أعدتها قبل شهرين. وقد تم عرضها في الأسبوع الماضي على وزير الدفاع الجديد يوآف غالنت أثناء زيارته الأولى في قيادة المنطقة الوسطى. ورغم أنها خطوة تعدّ قابلة للانفجار، فإن مصادر سياسية مطلعة قالت إن قائد المنطقة فوكس، أمر على الفور بعد إصدار قرار المحكمة العليا ببلورة خطة عملياتية لإخلاء السكان، قبل إجراء نقاش أولي معمق مع جهات رفيعة في المستوى السياسي والأمني في إسرائيل.

“لم يكن هناك أي توجيه من المستوى السياسي بإخلاء المكان”، قال مصدر حكومي مطلع على الأمر. “كان من الأفضل إدارة كل هذا الأمر بهدوء. وقررت قيادة المنطقة الوسطى طرح الموضوع الآن بشكل علني. وسيكون من الصعب اتخاذ قرارات بتشكيلة الحكومة الحالية في مثل هذه المواضيع دون اعتبارات دخيلة”. وقد حذر هذا المصدر من أن “هذا الإخلاء قد ينتهي كهجوم دبلوماسي”. وحسب مصادر أمنية مطلعة على مضمون زيارة غالنت في قيادة المنطقة الوسطى، لا يستبعد وزير الدفاع الإخلاء، لكنه قال أمام كبار القادة بأنه لا يعرف عن الموضوع، ويجب أن يفحصه بشكل معمق ويعيد التفكير في القرارات التي تم اتخاذها.

وأكدت مصادر أمنية في محادثات مغلقة بأن قيادة المنطقة الوسطى اتخذت قرار بناء الخطة بنية الإعداد للإخلاء إذا طلب منهم ذلك. “هذا تم من أسفل إلى أعلى”، قالت المصادر الأمنية. هذه المصادر نفسها أكدت أن قيادة المنطقة الوسطى كانت تعرف عن طلب الرئيس الأمريكي بايدن، لكن القيادة اعتقدت أنه رغم طلبات الرئيس الأمريكي فإنه يجب البدء في بناء الخطة العملية وعرض القرار على وزراء الكابنت في الحكومة الجديدة.

مصادر أمنية ومصادر حكومية تحدثت مع “هآرتس”، عبرت عن المخاوف من أن طريقة سلوك قيادة المنطقة الوسطى في الحالة الحالية قد تكون إشارة تحذير لما سيأتي فيما يتعلق بقدرة الجيش على الوقوف أمام المستوى السياسي وجهات يمينية بارزة، التي تستخدم الضغط على كبار الضباط وتتوقع منهم اتخاذ قرارات مناسبة لرؤيتهم، طبقاً لاعتبارات سياسية وليس اعتبارات عملياتية. إضافة إلى ذلك، قالت هذه المصادر إنها لا تعرف دافع توقيت عرض هذه الخطة.

رداً على توجه “هآرتس” لمنسق أعمال الحكومة في “المناطق” [الضفة الغربية] حول المحادثات مع ممثلي السلطة الفلسطينية، فقد نفت وحدة منسق أعمال الحكومة في “المناطق” بأنه تم التحدث عن بدائل أو عن الإخلاء بشكل محدد بشكل عام. وقالت إنه عرض فيها “الوضع القائم” حول القرار وكون المنطقة منطقة تدريب.

من المتحدث بلسان الجيش جاء الرد: “منطقة التدريب 918 أعلن أنها منطقة تدريب في 1980. وفي قرار حكم المحكمة العليا في 4 أيار 2022 تقرر أنه في زمن الإعلان لم يكن في المنطقة من يعيش بشكل ثابت. مقدمو الالتماس طلبوا عقد جلسة أخرى لمناقشة الالتماس، لكنه طلب رفضته المحكمة. ومقابل ملاحظات المحكمة حول القرار، فقد جرت في الأشهر الأخيرة نقاشات مع الفلسطينيين في المنطقة لإخلاء منطقة التدريب بأراضيهم. ومثل مهماته الأخرى، طلب منه الجيش إعداد خطة منظمة لتطبيق مسؤولياته وصلاحياته، التي يعرضها حسب الحاجة على المستوى السياسي. لن نتطرق إلى نقاشات داخلية وقرارات حول الخطط العملياتية”.

بقلم: ينيف كوفوفيتش وهاجر شيزاف - هآرتس