أزمة القطاع الصحي الحكومي تاريخية والمئات يموتون أسبوعيا في بريطانيا
أطلقت صحيفة الغارديان تحذيرا يشأن ما وصل إليه حال هيئة الخدمات الصحية البريطانية الوطنية المعروفة اختصارا باسم (NHS)، إذ رأت أن الفجوة صارت ضيقة بين النظام والفوضى. واستعرضت الصحيفة عدة حالات عانى فيها المرضى أوقاتا عصيبة ومات المئات منهم قبل تمكنهم من تلقي العلاج في الوقت المناسب.
ومن تلك الحالات مريض في منطقة سويندون اضطر للانتظار 99 ساعة للحصول على سرير في المستشفى. وكذلك امرأة مريضة من غوينيد ظلت تصرخ لمدة 25 ساعة حتى وصلت إليها سيارة إسعاف.
وتنقل الصحيفة ما يتردد من معطيات تفيد بأن 500 شخص يموتون كل أسبوع بسبب نقص الرعاية الطارئة، إذ يبدو أن هيئة الخدمات الصحية، التي كان يتم التباهي بها كثيرا قد اصطدمت بالحائط. وترصد الصحيفة حصول أزمات صحية متوالية عند حلول كل شتاء حيث ارتفعت أعداد المرضى بشكل فاق الطاقة الاستيعابية الكاملة بفعل تراكم حالات الإنفلونزا على قمة الاصابات بكوفيد، بالتزامن مع زيادة الإضرابات في دور الرعاية الصحية ونقص العاملين فيها، مع الانتظار الطويل لسيارات الإسعاف، وقلة الأسرة الاحتياطية.
وتسجل الصحيفة اختلافا في الخطورة بين أزمات الصحة وأزمات الخدمات العامة مثل التعليم والنقل، لأن أزمة الصحة تنطوي على الحياة والموت حتى يبدو أن النظام الصحي بأكمله ينفجر من عقاله.
ويضيف الكاتب في صحيفة الغارديان، سايمون جنكينز، أنه وتحت قيادة توني بلير، أشرف حزب العمال على إحدى أكبر الزيادات في إنفاق NHS في سنوات ما بعد الحرب. ومع ذلك، فشلت سياساتها بشكل صارخ في تحقيق أهدافها.
فمنذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تراجعت بريطانيا بثبات عن ألمانيا وفرنسا وكندا وحتى الولايات المتحدة في توفير الرعاية الطبية عالية الجودة. وتم إغلاق 800 عيادة GP في السنوات الثماني الماضية. كما أن 7 ملايين مريض ينتظرون دورهم حتى يتمكنوا من تلقي العلاج في المستشفى في إنكلترا. ويضاف إلى ذلك أن ثلث من هم دون 35 عاما مستعدون لإنفاق أموالهم الخاصة للحصول على العلاج بعدما انقرضت عيادات طب الأسنان التابعة لهيئة الخدمات الطبية الوطنية.
وترى الصحيفة أن السياسة لا تساعد كثيرا (على الحل)، إذ إن كلا الحزبين “أعطى الأولوية” لهيئة الخدمات الصحية الوطنية قبل الانتخابات، و”أغدق” المال عليها بعد ذلك، والسياسيون يصرخون على بعضهم البعض لمجرد إنفاق المزيد. حتى أن وزير الصحة، ستيف باركلي، أبلغ وزارة الخزانة أنه لا يعرف ماذا سيفعل بالمزيد من الأموال إذا حصل عليها. ويدرك كل من ريشي سوناك (رئيس الحكومة) وكير ستارمر (زعيم المعارضة) الحاجة الملحة لإصلاح وتحسين NHS، لدرجة أنه قد يكون من المفيد التعامل مع هذا الأمر على أنه حرب تستلزم تحالفا برلمانيا طويل المدى.
لكن الصحيفة لا تبدو متفائلة بحل قريب، إذ ترى أن الجدل الداعي إلى الإصلاح العميق، يترسخ ببطء، وهذا يحمل تحذيرا رهيبا.
لقد كانت المحاولات السابقة – مثل المزيد من المركزية والخصخصة – تعاني من عيوبها. لكن من الواضح أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) ضخمة وكبيرة جدا، والمحاولات في الثمانينيات لتقليل الناقص الإجمالي للأسرة الاحتياطية هي أحد أسباب النقص الحاد الحالي في تلك الأسرة. كما لم يتم عمل الكثير لإصلاح قطاع الرعاية. ومن الصعب عدم رؤية هيئة الخدمات الصحية الوطنية كنموذج لكل ما حدث بشكل خاطئ في القطاع العام في بريطانيا.
وتحذر الغارديان ”نحن في حالة طوارئ اليوم. لا شيء يقلل من الدعم والمودة لموظفي الخطوط الأمامية (قي القطاع الصحي). فهم مثل الجنود في زمن الحرب. وهذا يجعل قرار الممرضات بالإضراب في مثل هذه اللحظة قرارا غير حكيم”.
ويضيف الكاتب “خارج مستشفاي المحلي، تتراكم سيارات الإسعاف ويعاني المرضى. المشهد في الداخل يأس صامت بعدما نفذت الأسرة. عندها يعاني الناس؛ البعض يحتضر. لذا يقترح أن تكون الأولوية لإفراغ سيارات الإسعاف في مكان ما وفي أي مكان – المدارس والكنائس وقاعات المجالس (البلدية) – حتى يتمكن المتطوعون المدربون من تقديم الإغاثة لهم وإطلاق سيارات الإسعاف في الخدمة. فالصحة أزمة محلية، ويجب مناشدة الأطباء والممرضات المتقاعدين والطلب إليهم الحضور، وإذا لزم الأمر رشوتهم للعودة إلى العمل؛ ويجب السيطرة على مستشفيات وعيادات القطاع الخاص”.
ويختم قائلا “إذا كان هذا الحال مشابها لجائحة عام 2020 مرة أخرى، فعلينا التعامل معه على هذا النحو، وربما هذه المرة قد نتعلم من أخطائنا”.
الغارديان
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews