إسرائيل للأوكرانيين: نؤمن بداروين لا برئيسكم.. وحربكم ليست حربنا

^{تشارلز داروين، صاحب نظرية النشوء والارتقاء الذي وضع نظرية الانتخاب الطبيعي، اقترح فكرتين ثوريتين: الأولى، البقاء هو القوة الثابتة في الطبيعة. والثانية “ليس البقاء للأقوى أو الأذكى، بل للذي يستجيب للتغيير بالطريقة الأفضل”.
قاعدة البقاء تنطبق على الجميع: الكائنات الحية، والإمبراطوريات، والقوى العظمى، والدول القومية، والشركات التجارية والمنظمات من كل نوع. من لا يتصدى للتغيير في الظروف بنجاح يضعف ويتآكل وينعدم. المنتصرون هم أولئك الذين نجحوا في التصدي للتغيير، بينما تغيروا هم أنفسهم. وثمة فرق في الكفاح من أجل البقاء بين الأقوياء والضعفاء. للقوى العظمى التي تملي جدول الأعمال الدولي تفوق بنيوي من قدرة الانتعاش من الإخفاقات الاستراتيجية أو مما سمّته المؤرخة بربارا توخمان “مسيرة السخافة”. ومقابلها، يكون الضعفاء مطالبين بالتصرف بحذر والمناورة بين القيم والمصالح. ليس لديهم مساحة إمبريالية للأخطاء، وترف زمني لإصلاح الإخفاقات، واستراتيجية وأحياناً حتى تكتيكية.
حكومة إسرائيل مطالبة بالتصدي اليوم للضغوط الأوكرانية والأمريكية للوقوف علناً إلى جانب أوكرانيا وتزويدها بعتاد عسكري دفاعي. ركز الرئيس زيلينسكي وحكومته النقد على إسرائيل في المستوى الأخلاقي. وفي خطاب فيديو إلى الكنيست، تحدث عن شبه بين الكارثة والاجتياح الروسي، وناشد إسرائيل باتخاذ موقف. مستشاره ميخائيل فودلياك، قال إن “إسرائيل اختارت أن تكون في الجانب غير الصحيح من التاريخ”.
تقف إسرائيل أمام هجمة قيمية: هل عليها واجب أخلاقي لدعم الجهد الدفاعي لأوكرانيا عسكرياً ضد الهجمات الروسية؟ على حكومة إسرائيل أن تقول للرئيس زيلينسكي ووزرائه: “أولاً، الوجه القيمي يستوجب التبادلية. ليس لنا أي واجب أخلاقي للتدخل في الحرب في أوكرانيا، مثلما لم يكن لأوكرانيا أي واجب أخلاقي لمساعدة إسرائيل في حروبها، وبخاصة في المعركة ضد إيران التي تدعو علناً إلى إبادتها. لم نتصور قط أن نتوجه إليكم بالتجند من أجلنا ضد إيران ونعظكم “أن تكونوا في الجانب الصحيح من التاريخ”. كان واضحاً لنا بأن ليس لكم أي سبب للتجنيد من أجلنا. وعليه، لم نعتقد أن لنا حقاً أخلاقياً بالتوجه إليكم. وبالمقابل، فإن حربكم ليست حربنا، وليس لكم أي حق أخلاقي لمطالبتنا بمساعدة عسكرية ضد روسيا وأن تعظونا. ثانياً، نحن، في إسرائيل نقاتل في سبيل وجودنا. الواجب الأخلاقي الأعلى لنا هو تجاه أنفسنا، أن نضمن وجودنا وأمننا. علينا البقاء هنا في وجه إيران وفروعها، وحيال تهديدات الدب الروسي. ولعلمكم، فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي هددتها روسيا بشكل علني حتى الآن. رئيس الوزراء السابق ديمتري مدفديف، حذر إسرائيل من الدعم العسكري لأوكرانيا. لم يحذر أي دولة أخرى، بمن فيها فنلندا والسويد، اللتين توشكان على الانضمام إلى الناتو. الحلف العسكري الآخذ في التوثق بين روسيا وإيران يعظم ويؤكد التهديدات على إسرائيل، ويلزمنا بسلوك حريص وحذر تجاه الكرملين. ليس لدينا مجال إمبريالي للأخطاء ومساحة زمنية لإصلاح إخفاقات استراتيجية أو تكتيكية. وعليه، من الناحيتين الأخلاقيتين التبادل والبقاء، لا يمكننا أن نزودكم بعتاد عسكري من أي نوع كان. مساعدة إنسانية – نعم، أما سلاح ووسائل دفاعية فلا”.}

^{بقلم: د. شموئيل حرلف - معاريف}