فرح في معسكر “لولا” لإصابة نيمار.. وبولسونارو خرّب لعبة كانت مجل إجماع البرازيليين

نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا حول إصابة لاعب المنتخب البرازيلي نيمار، أثناء المباراة مع صربيا في كأس العالم 2022، والذي قد يغيب عن مباراتي البرازيل أمام سويسرا الكاميرون.
وعندما كان نيمار يصاب في السابق، تدخل كل البرازيل في حالة حداد، لكن ليس الآن، كما يقول ماريو دوي أنجوس.
وأشار الكاتب إلى أنه عند خروج نيمار وهو يعرج من المباراة مع صربيا التي انتصرت فيها البرازيل، عبّر الرئيس المنتخب لويس إغناسيو لولا دي سيلفا، وطاقمه الحكومي عن الفرحة. وظهر البعض في حكومة لولا وهم يلوحون بإشارة مع السلامة له عندما خرج من الملعب، وكانت الرسالة: “الله لا يردك” من رئيس حزب العمال، غيلسي هوفمان.
ويعلق الكاتب أن السخط على نجم المنتخب البرازيلي نابع من دعم نيمار للرئيس السابق المتطرف جايير بولسونارو، الذي خسر في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. وفاز لولا بنسبة 50.9% من أصوات الناخبين، ولم ينسَ الكثيرون ما وعد به لاعب فريق باريس سان جرمان في تشرين الأول/ أكتوبر، أثناء بث حي على يوتيوب مع بولسونارو، بأنه سيلوح بشعار الرئيس السابق لو سجل هدفا في قطر.
وقالت الصحيفة إنه في حال لم يلعب نيمار في مباراة اليوم الإثنين، والمباراة القادمة يوم الجمعة، فإنه يؤكد تغيّر المزاج البرازيلي عن 2014، عندما تم استبعاد النجم البرازيلي بالقميص من مباراة المنتخب الوطني مع ألمانيا لمعاناته من إصابة في الظهر. عندها بدا البلد المضيف في حالة حداد عام.
ولم تفت المشاعر المعادية لنيمار أعضاء المنتخب البرازيلي. فقد قام لاعب برشلونة رافينيا، بإعادة نشر منشور من مشجع على إنستغرام “الأرجنتينيون يعاملون ميسي كإله والبرتغاليون يعاملون كريستيانو كملك، ورقص البرازيليون عندما كسر نيمار رجله”، مضيفا: “كم هو محزن، والخطأ الأكبر في مسيرة نيمار أنه ولد في البرازيل، البلد الذي لا يستحق موهبته وكرة القدم”.
وتقول الصحيفة إن تدخل كرة القدم بالسياسة البرازيلية بدأ عام 2016 عندما خرج المحتجون من اليمين المتطرف للشوارع، وهم يرتدون قمصان الفريق البرازيلي مطالبين بمحاكمة الرئيسة في حينه ديلما روسيف لسوء التصرف وعدم احترامها للميزانية الفيدرالية. وكان الدافع لتلك التظاهرات المطالبة بمكافحة الفساد نابعا من مشاعر السخط ضد شركة النفط البرازيلية، “بتروبراس”. وكان شعارهم المفضل: “علمنا لن يصبح أحمر”، في إشارة للنجمة الحمراء التي تعتبر شعار حزب العمال الذي كانت تتزعمه روسيف. واستطاع بولسونارو استغلال هذه المشاعر والوصول إلى السلطة عام 2018، مستخدما الشعارات التي هاجمت الشيوعية والخطاب شبه الديني، حيث وُصف في حينه بأنه “ترامب الاستوائي”.
وفسر الفيلسوف والأستاذ في جامعة ساو باولو، بابلو أورتيلادو، أن لحظة 2016 كانت “عندما زعم المد اليميني المتطرف أنه يمثل كل البرازيليين”، ويدير بابلو مركز رصد النقاش السياسي الرقمي والذي يدرس الكيفية التي يظهر فيها الخطاب السياسي على تويتر وواتساب، فيسبوك وتلغرام، وقال: “كانوا يريدون القول إنهم الناس من ذلك الوقت فصاعدا”.
ومع بداية كأس العالم 2018، كان هناك توتر كاف بين اليسار في البرازيل حول ارتداء القميص الأخضر والأصفر، في وقت التزم فيه الكثيرون باللون الأزرق أو أعادوا تصميمه للون الأحمر والأبيض. إلا أن التوتر زاد في فترة بولسونارو، خاصة محاولاته للتقليل من شأن ارتداء الكمامات وضرورة الالتزام بالتباعد الإجتماعي وتلقي اللقاحات أثناء وباء كورونا في البلد الذي سقط فيه منذ 2020 أكثر من 689.000 ضحية جراءالجائحة.
وبالنسبة للكثيرين، فقد بات البرازيليون من اليمين إلى اليسار ينظرون لبلدهم ليس كموطن لقميص بيليه المقدس، بل بات رمزا للشعار المقزز الذي يمثله اليمين المتطرف ويرفعه أنصار بولسونارو ويجب تجنبه.
ووصلت عملية التسييس للألوان ذروتها في يوم استقلال البرازيل، عندما جمع الرئيس السابق حلفاءه في شاطئ كوباكابنا، وهو يرتدي قميص المنتخب الوطني تحت شعار حملته الانتخابية: “الله، الوطن، العائلة، الحرية”. ولكن مع اقتراب مباريات كأس العالم، لم يكن هناك أي شك من إخراج البرازيليين قميصهم الملون بخمس نجوم من خزائنهم. ففي يوم الخميس، أغلقت البنوك ومكاتب البريد أبوابها مبكرا لكي تسمح للموظفين بمشاهدة البرازيل ضد صربيا.
وفي استطلاع نشرت نتائجه في نفس اليوم، قالت نسبة 77% إنها تشعر بالارتياح مع الألوان الوطنية. وتخلى أنصار بولسونارو الذي طالما ارتدوا القميص الوطني عنه، ولم يعد محلا لفخرهم. وقبل يوم من أول مباراة للبرازيل، طلب من آلاف “الوطنيين” الذين اعتصموا أمام ثكنات الجيش مطالبين بالتدخل ومنع وصول لولا إلى السلطة، طلب منهم التخلي عن قمصانهم الصفراء، وارتداء القميص الأسود المفتوح.
وبحسب استطلاع أظهر أن الشباب لا يشاهدون مباريات كرة قدم بنفس الطريقة التي كان يتابع فيها آباؤهم وأجدادهم كرة القدم كطريقة لتحديد هويتهم، ومع ذلك، فهم يعترفون أن الكرة هي جزء من تقاليد العائلة. ودعت نسبة 64% من نفس الجيل لأن يكون لكرة القدم دور اجتماعي، فيما قال واحد من أربعة مشجعين، إنهم سيتخلون عن نواديهم لو مارست التمييز. وهذا ما يفسر المكانة التي بات يحتلها ريشارليسون المولود عام 1997، وبات ينافس مكانة نيمار قبل خمسة أعوام. ويُعرف عن المهاجم الذي سجل هدفين ضد صربيا، انخراطه في القضايا الاجتماعية، مثل شراء عبوات أوكسجين عام 2021 للمستشفيات في الأمازون التي كانت تعاني من نقص أثناء فترة الذروة في وباء كوفيد-19. وكان من المقدر أن يكون ريشاليسون اليساري في مباريات قطر، مع أنه لم يحدد اختياره في انتخابات الرئاسة. والواقع اليوم في البرازيل أن بعض الأهداف ستكون مهمة أكثر من الأخرى.
صحيفة “التايمز”
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews